بقلم: مايا مارغيت :، ترجمة: جواهر الوادعي- سبأ :

يعرض متحف أرض الكتاب المقدس تفاصيل مملكة غامضة تخلت عن الشرك وتبنت طقوس يهودية منذ حوالي ألفي عام, يستعرض المعرض الجديد الذي اقيم في القدس التاريخ الغني والثقافة اليهود في جنوب الجزيرة العربية، أو اليمن المعاصر الذي كان في الماضي موطناً لمجتمع مزدهر منذ آلاف السنين.

من المقرر افتتاح معرض متحف أراضي الكتاب المقدس الذي يحمل عنوان “اليمن: من سبأ إلى القدس” الأسبوع المقبل ويضم العديد من القطع الأثرية النادرة والتي لم يسبق للجمهور مشاهدتها من قبل.

لعبت ممالك جنوب شبه الجزيرة العربية – سبأ وقتبان وحضرموت ومعين – دوراً مؤثراً في الشرق الأدنى منذ ألفي عام وكانت تتاجر بانتظام مع الإسرائيليين القدماء حيث كانت تقوم بتصدير البخور الغالي مثل المر واللبان وذلك وفقاً للنصوص اليهودية، حيث كانت تستخدم في المعابد التوراتية.

قالت أماندا فايس، مديرة متحف أراضي الكتاب المقدس قبل افتتاح المعرض ” أعتقد أن هذا هو أول معرض من نوعه ينظر إلى الصلة التاريخية بين اليمن القديم والثقافة اليمنية اليوم”.

وبرعاية مشتركة من قبل الدكتور يغئال بلوش ويهودا كابلان وأوري ميري، يتم عرض العديد من القطع الأثرية النادرة التي لم يسبق للجمهور مشاهدتها من قبل وكذلك المخطوطات والمجوهرات والملابس والصور الفوتوغرافية.

توجد العديد من العناصر على سبيل الاعارة من سلطة الآثار الإسرائيلية والمتاحف الإسرائيلية وعدد من جامعي القطاع الخاص.

قال يهودا كابلان، أحد منسقي المعرض: “الحضارات العربية الجنوبية والفن العربي الجنوبي فريد للغاية, فبعضهم يشبه الفن الحديث في بعض الأحيان, أن لكل من الآشوريين والبابليين علاقات تجارية مع جنوب الجزيرة العربية كما فعل الرومان الذين كانوا مهتمين بشكل خاص بالزيوت العطرية والتوابل الموجودة هناك, فهذا المعرض يسلط الضوء حقاً على حضارات غير معروفة ليس فقط هنا في إسرائيل، بل ربما في العالم بأسره لأن اليمن ليس منطقة تم التنقيب فيها والبحث عنها بشكل صحيح مثل بلاد ما بين النهرين ومصر – أرض الكتاب المقدس الشهيرة”, حيث كان هناك عدد قليل جداً من البعثات في الخمسينيات والستينيات بشكل أساسي بسبب الوضع السياسي في اليمن ومازال هذا الوضع مستمر وربما لا يزال هناك الكثير من الأسرار المختبئة في رمال الجزيرة العربية.

تقع اليمن على بعد 1500 ميل من إسرائيل وهي أكثر المناطق البعيدة المذكورة في الكتاب المقدس, إذ يقال إن ملكة سبأ الشهيرة قد سافرت إلى القدس للقاء الملك سليمان على الرغم من عدم وجود دليل أثري على هذا اللقاء.

تحيط العديد من التقاليد بوصول اليهود إلى المنطقة من بينهم روايات يرجع تاريخها إلى عام 1450 قبل الميلاد وفترة الهيكل الأول (1000-586 ق.م), حيث يروي أحد الأساطير أن الملك سليمان أرسل التجار اليهود إلى اليمن من أجل العثور على الذهب والفضة للمعبد في القدس.

وقال كابلان ومع ذلك ووفقا للسجلات الأثرية، فإن “الدليل الحقيقي على وجود اليهود في اليمن هو في وقت لاحق من ذلك بكثير من القرن الأول الميلادي”.

ومن المثير للاهتمام ,أن وصول اليهود إلى جنوب شبه الجزيرة العربية يرتبط أيضاً بنشوء المملكة الحميرية الغامضة التي بدأ حكامها يتبعون العادات اليهودية في عام 380, وأشار كابلان”من أجل توحيد العشائر وغيرها من الكيانات هناك قرر [حمير] أن يتبنى في الواقع ديانة توحيدية مستوحاة من اليهودية ففي ذلك الوقت، كان اليهود في الواقع مزدهرون هناك, إذ تصف إحدى النقوش القديمة المعروضة كيف تم نقل جثة يهودي يمني ثري إلى الأراضي المقدسة لدفنها خلال تلك الفترة.

انتهى عهد النبلاء اليهود في حمير عام 522, عندما شن الملك الحميري يوسف المعروف أيضاً باسم ذو نواس حرباً ضد الإثيوبيين المسيحيين من مملكة أكسوم الذين يعيشون في مملكته, ورداً على ذلك، غزا جيش أكسوم حمير وهزم حكامها وحول المملكة إلى دولة تابعة, وفي أعقاب ظهور الإسلام في المنطقة في القرن السابع، تعرض اليهود اليمنيون للاضطهاد وأجبروا على دفع جزية سنوية للسلطات الإسلامية, وعلى الرغم من هذا، فإن المجتمع اليهودي اتى لتطوير تقاليد فريدة من نوعها.

كشفت أماندا فايس، مديرة المتحف، لـ “ميديا لاين”: “مؤسسو المتحف وأنا جزء من العائلة المؤسسة ننتمي إلى اليمن”, ولد جدي في اليمن وجاء إلى القدس وهو طفل صغير, حيث غادروا اليمن بشكل يائس في عام 1907 ووصلوا إلى هنا في عام 1909.

أصبح العديد من اليهود اليمنيين صائغي فضي، لأنه كان أحد الحرف التقليدية التي سُمح لهم بممارستها، بما في ذلك جد فايس الذي يتم عرض خواتمه جنباً إلى جنب مع ملابس الطقوس و البخور, كما يتم عرض صور مذهلة للمصور نفتالي هيلجر الذي سافر إلى اليمن عدة مرات حتى اندلاع الحرب الأهلية في عام 2015 لتوثيق الجالية اليهودية الصغيرة التي تعيش هناك, حيث تُظهر إحدى الصور الجاذبة بشكل خاص كانت لرجلاً يهودياً مسناً يرقد وهو يقرأ كتاباً عبرياً والكتاب مقلوب رأساً على عقب.

أكد فايس”إنها ليست صورة مصطنعة, فهذا في الواقع شيء شائع للغاية – خاصة بين كبار السن حتى يومنا هذا في المجتمع اليمني – لأنهم تعلموا في اليمن نسخة واحدة من كتاب ولم تكن هناك نسخ متعددة من المنشورات والكتب المقدسة. “

بعد فترة وجيزة من تأسيس إسرائيل في عام 1948, تم إطلاق مهمة سرية تُعرف باسم “عملية بساط الريح” وتم نقل أكثر من 50.000 يهودي يمني جواً إلى الدولة اليهودية الجديدة, وأكد كابلان أنهم لم ينسوا أبداً أرض إسرائيل وبعض القطع الأثرية التي نعرضها هنا تُظهر حقاً هذا وتوق للأرض الموعودة”.

اليوم، يعيش أكثر من 400.000 يهودي من أصول يمنية في إسرائيل، في حين لا يزال هناك سوى حفنة قليلة في اليمن, ومع ذلك، على الرغم من أن الوجود اليهودي في اليمن هو ضئيل جدا، الا انه لم يتم نسيان التاريخ الثري.

* صحيفة “جورزاليم بوست” الاسرائيلية

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.