كتب: محمد الطويل ——
كنت أخوض سباقاً فسبوكياً، أطوي فيه كل منعطفات السحر الازرق من الكلمات والصور والاخبار والفيديوهات والاعلانات والتعليقات والدعوات والمشاعر والاحاسيس والانجازات والاخفاقات والرسوم والجرافيك وكل بوح الانسان في وسائل التواصل الاجتماعي ، توقفت فجأة على حائط صفحة الروائي والاديب وجدي الاهدل( عبقري الرواية اليمنية)؛ فهناك 14 غلاف مرصوص، تسألت في نفسي : أنا صحفي ، كيف أسجل هذا الابداع، بعد تفكير طويل وافكار كثيرة لإخراج ما رأيت الى عمل صحفي..؛ اهتديت الى فكرة ( الولد الحبيب)، موجز هذه الفكرة أنك اذا رزقت بأولاد وبنات كثير، في العادة الناس تسألك أيهما أحب وأقرب الى قلبك..!! وهنا توجهت بالسؤال التالي: ايَّ هذه الاغلفة المرصوصة احبَّ وأقرب الى قلب الاستاذ وجدي الاهدل؟

العابر الاول …
يقول الروائي وجدي الاهدل : “زهرة العابر” هي أول كتاب صدر لي، وكان صدورها في عام 1997 عن مركز عبادي للدراسات والنشر. وأتذكر أني قمت بتصميم غلاف تلك المجموعة القصصية، واخترتُ ورقة كوتشينة “البنت الكوبة”، لاشك أنه غلاف قبيح ويفتقر إلى الخيال ولا علاقة له مطلقاً بمضمون المجموعة، ولذلك تخليتُ تماماً عن فكرة تصميم أغلفة كتبي، وقررت الاتكال على ذوق الناشرين.
هكذا يحدث دائماً مع كل تجربة أولى ، أحداثها وطرائق انتاجها لا تنسى ابداً، وهذا ما يجعلها محببة جداً الى النفس، كما انها تجبر الذاكرة على تحنيطها وحفظها ؛ لتستدعيها وقت ما تشاء.
وفي عالم القرب والتعلق يستطيع الاخرون رسم وصناعة الاثر الذي لا يمحى ، يقول الاهدل في هذا الصدد:” من الأغلفة المحببة إلى نفسي الغلاف الذي صممه الفنان المصري (أحمد اللباد) لرواية “حمار بين الأغاني” في طبعتها الثانية الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية؛ وفيها تظهر فتاة باللثام مع تضاد رائع للونين الأسود والأبيض ومسحة من اللون الكستنائي.

اللوحة تنظر..
وفي تدخل كأنه جراحي تقوم الفنانة التشكيلية المبدعة (غادة الحداد) برسم لوحة غلاف المجموعة القصصية “وادي الضجوج” وفي ذلك يقول الاهدل:” رسمت غادة اللوحة خصيصاً لمجموعتي القصصية، وقد رسمتها بعد قراءتها لمخطوطة العمل قبل نشره، فأتت اللوحة معبرة عن ضجيج الشخصيات وعوالمها المتأرجحة بين عالمين. وصدرت هذه المجموعة القصصية عام 2017 عن الأمانة العامة لجائزة الدولة للشباب، وهي من الأغلفة التي نالت الكثير من الاستحسان والقبول
سقطرى الاولى..
ومن الأغلفة الجميلة التي يعتز بها وجدي الاهدل غلاف رواية “فيلسوف الكرنتينة” في طبعتها الثانية التي صدرت عن دار كيكا في لندن؛ والغلاف من اختيار وتصميم (مارغريت أوبانك) رئيسة تحرير مجلة بانيبال الشهيرة. وهي صورة مأخوذة من جزيرة سقطرى لشجرة دم الأخوين، وخيال شخص يقف بجوارها محدقاً بها على نحو يُذكر بشخصية “حنظلة” لرسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي. والغلاف مُصمم باللونين الأحمر القاني والأزرق الكحلي يعبر عن مضمون الرواية الذي يتعالق مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.
سقطرى الثانية..
في هذه المحطة نترك الكلام كله للأهدل حيث يقول :” مرة أخرى تحضر جزيرة سقطرى في غلاف روايتي “أرض المؤامرات السعيدة” الصادرة حديثاً عند دار النشر اللبنانية نوفل – هاشيت أنطوان، ويحتوي الغلاف على صورة فوتوغرافية من جزيرة سقطرى للمصورة اليمنية (أميرة الشريف) وفيها تظهر امرأة سقطرية بالزي التقليدي تتأمل المحيط عند أقدام الشاطئ. وبعد أن نشرت صورة الغلاف على صفحتي في الفيسبوك، أخبرني أحد الأصدقاء أنه يعرف تلك المرأة واسمها (سعدية عيسى سليمان عبدالله) وذكر أنه زارها وتحدث معها، وأثنى على كرمها وحسن وفادتها. وعلمت أن لهذه المرأة قصة تستحق أن تروى، فهي المالكة الشرعية للشاطئ الذي يظهر في غلاف الرواية، واسمه شاطئ “ديطواح” وبسبب هذا الشاطئ الخلاب خاضت صراعاً مريراً لأكثر من 14 عاماً مع قبيلة أخرى تريد انتزاع الشاطئ منها، وقضت خمسين يوماً في السجن للضغط عليها لتتنازل عنه ولكنها لم تفعل.
علق أحد أصدقائي حين عرف بأن المرأة التي ظهرت في غلاف روايتي قد التقاها صديقنا المشترك: “انظر.. كم هي الدنيا صغيرة!”. فكرت في نفسي أن كلامه صحيح، وأن قصتها هي الفصل المفقود من روايتي.