السعودية أداة في المشروع الصهيوني
محمد محسن الجوهري*
ليس دقيقًا القول إن السعودية و"إسرائيل" وجهان لعملة واحدة، إذ إن الثانية تمثل مركز القرار، بينما الأولى ليست سوى أداة تنفيذية ضمن المنظومة التي تديرها الصهيونية العالمية. ومن غير المنصف المساواة بين الطرف الموجِّه والطرف الذي يؤدي الأوامر.
لقد بات واضحًا اليوم أكثر من أي وقت مضى أن الرياض مستعدة للتضحية بمصالحها الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية من أجل حماية المصالح الإسرائيلية، دون أن نرى في المقابل أي التزام مماثل من تل أبيب تجاهها. ويُعدّ العدوان السعودي على اليمن أبرز دليل على ذلك، إذ لم يجلب للمملكة سوى الخسائر والانقسامات الداخلية، ولم يحقق أي مكسب استراتيجي لها، بل خدم في نهاية المطاف الأجندة الصهيونية الرامية إلى إسكات الصوت اليماني المقاوم لمشروع الهيمنة.
وتعود جذور هذه التبعية إلى نشأة الدولة السعودية ذاتها، التي تأسست على فكرٍ ديني وسياسي مهيأ لتكريس النفوذ الغربي والصهيوني في المنطقة. فالموقف العدائي الذي تتبناه الرياض تجاه كل من يعارض "إسرائيل"، يؤكد أن العداء المبدئي ليس مع الكيان نفسه، بل مع كل من يقف في وجه مشروعه، كما هو الحال مع إيران بعد الثورة الإسلامية، حين تحولت من حليفٍ وثيق إلى خصمٍ دائم لمجرد تبنيها موقفًا معاديًا للصهيونية.
أما التيار الوهابي الذي تبنّته السعودية ونشرته في أنحاء العالم الإسلامي، فقد كان أحد أهم أدوات الاختراق الصهيوني داخل الأمة، إذ سعى إلى تفريغ الدين من قيمه الجوهرية المتمثلة في الوعي والمقاومة والوحدة، واستبدالها بتفسيرات متشددة تُضعف تماسك المجتمعات المسلمة وتُحوِّل العداء عن الصهاينة نحو المسلمين أنفسهم. ويكفي أن نلاحظ غياب هذا الفكر عن ساحة فلسطين، مقابل حضوره المكثف في كل مكان آخر، لتتضح ملامح التوجيه الخارجي في رسم أولوياته.
بل إن فتاوى شيوخ الوهابية تفضح هذا الانحراف، حينما يُكفّرون المسلمين بذرائع سطحية، بينما يتعاملون مع اليهود على أنهم "أهل كتاب" لا يجوز الاعتداء عليهم حتى وهم يحتلون أرض الإسلام وينتهكون مقدساته.
من هنا، يصبح الحذر من كل المشاريع الدينية والسياسية السعودية ضرورة لحماية الوعي الجمعي للأمة، إذ إن تلك المشاريع تمثل امتدادًا فكريًا للمخطط الصهيوني العالمي، وليست مجرد اجتهادات دينية محلية.
وفي مقابل ذلك، يبرز المشروع القرآني الذي نشأ في اليمن كتيار مقاوم يعيد وصل الدين بالواقع، ويستند إلى القرآن الكريم كمرجعية شاملة في مواجهة قوى الاستكبار. وقد أثبتت التجربة اليمنية أن هذا النهج قادر على تحييد النفوذ الصهيوني وإفشال مخططاته، كما ظهر بوضوح قبل وبعد معركة "طوفان الأقصى".
فالوعي القرآني لا يقف عند حدود الموقف السياسي، بل يشكل مشروعًا حضاريًا متكاملًا يواجه الإفساد من جذوره، بدءًا من الحرب الفكرية والثقافية التي يعتمدها اليهود، وانتهاءً بالمواجهة العملية في ساحات الصراع.
وفي المحصلة، فإن قوة الموقف لا تُستمد إلا من قوة المنهج، ولا منهج في العالم الإسلامي اليوم يمكنه مواجهة المشروع الصهيوني إلا المنهج القرآني، الذي تجسده الحركة اليمانية بقيادة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، والتي تمثل اليوم طليعة المواجهة ضد الكيان الصهيوني ومشروعه العالمي.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب

