في ذكري وفاة الأخ والصديق الدكتور / يسلم بن حبتور
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور*
يصادف اليوم هذا الجمعة وبتاريخ 25/أبريل 2025م، الذكرى السادسة عشر لوفاة الصديق العزيز الدكتور / يسلم بن منصور بن حيدرة بن حبتور، والذي صادف وفاته في تاريخ 25/ أبريل / 2009م، تلك الغيبة الأبدية التي حرمتنا من واحد من أنبل وأعز وأكفأ الأطباء في محافظة شبوة كلها، والذي تخرج من جامعة عدن بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، ذلك الإنسان الطبيب الذي نقش اسمه وخدماته في قلوب البسطاء من أبناء عدن ومحافظة شبوة بحروف من نور، نتاج كل الخدمات والأعمال الطبية الإنسانية التي حققها لهم طيلة فترة حياته المليئة بالإنجازات الطبية والإنسانية والخدمية الكبيرة.
عرفته منذ أن كان طالباً ألمعياً نابهاً في مدرسة الغُرير الأساسية مديرية الروضة م/ شبوة، وبحكم صداقتنا وعلاقتنا الأسرية فقد كان أحد المقربين جدا إلى نفسي وإلى عقلي وكنت قد استبشرت به خيرا، وباسمه ونشاطه وماذا سيصبح ذلك الشاب الحيوي المتطلع الطموح، ذات يوم في قادم الأيام، لأنه كان مثابراً جداً في دراسته ونشاطه اليومي، ومستقيماً في سلوكه وتصرفاته وحاذقا في قراءته للأحداث والمواقف، وكنت أبشر به العديد من أفراد أسرتنا بأن هناك شأن كبير ينتظر هذا الشاب في المستقبل بإذن الله.
بعد أن أنهى دراسته في جامعة عدن بكلية الطب البشري انتقل إلى م/شبوة ليعمل هناك في مستشفى عزان الحكومي وكذلك في عيادته الخاصة التي افتتحها في قرية الغُرير بغيل حبان مديرية الروضة، وعمل فيهما لفترة وجيزة، وبعدها ترشح كشخصيّة سياسية مستقلة في
الانتخابات النيابية لانتخابات مجلس النواب عن دائرتنا الانتخابية في مديرية الروضة وعرما وجردان ودهر والطلح، وقد نافس بقوة وكاد أن يحصل على المقعد كعضو في مجلس النواب لولا منافسة ممثل المؤتمر الشعبي العام المدعوم من السلطة المحلية ومن قيادة الدولة كلها.
امتاز الدكتور/ يسلم بن منصور بعمل الخير والإحسان والبر والتقوى للناس أجمعين في المجال الإنساني الطبي بحكم طبيعة الاختصاص الطبي، ولكنه كان رجلاً إيجابي في المساهمة في حل القضايا الاجتماعية القبلية بين أفراد القبيلة وعلاقتها بالآخرين، واهتم كثيرا بمكافحة الأمراض الخطيرة الناجمة عن تلوث مياه غيل حبان وغيل غرير ونبع تموره، وكان دائما يشرح للجميع من أبناء وساكني المنطقة من خطورة تلوث مياه الشرب، ويومها نبه وحذر الأهالي جميعا من خطورة إفراغ المياه العادمة إلى بطن مجرى الغيول في المنطقة كلها، وإن إفراغ مياه الصرف الصحي من البيوت إلى مجرى الغيول سيسبب في المستقبل القريب كارثة صحية وبيئية مدمرة للأرض والزرع وصحة الانسان، وها نحن للأسف نعيش الكارثة والمأساة ولا يريد الأهالي استيعاب ما ينتظر الجميع من هذه المعضلة القاتلة.
في العام 1998م عُين كمدير عام لمكتب الصحة في محافظة شبوة من قبل معالي الدكتور/ عبدالله عبدالولي ناشر وزير الصحة والسكان في الجمهورية اليمنية، حفظه الله ورعاه، وقد أبلى بلاءً كبيراً في مهامه الإنسانية الصحية الواسعة على مستوى محافظة شبوة كلها، وأنجز العديد من خطط التوسع في بناء المنشئات الصحية وإيصال الخدمات الطبية الإنسانية إلى كل مديريات محافظة شبوة المترامية الأطراف.
وحصل على شهادات تكريم جيدة مقابل نجاحاته المتميزة من قبل السلطة المحلية في محافظة شبوة، ومن قبل السلطة المركزية في وزارة الصحة في صنعاء.
تميز فقيدنا الغالي بعدد من الخصال الحميدة، التي قل نظيرها من خصال في تلك الأجيال التي نتعايش معها وأبرزها: ـــ
أولاً- امتاز الدكتور الإنسان/ يسلم بن منصور بتواضع جم وعجيب بالمقارنة مع أقرانه ممن في سنه وعمره الزمني، وبقربه والتصاقه من طبقة وفئة الفقراء البسطاء والمعدمين من الناس الذين يحتاجون إلى خدماته وجهده.
ثانياً: كان نشطاً مثابراً أثناء دراسته الأساسية والثانوية والجامعية بالإضافة إلى أنه ناشط ثقافي إبداعي، وله العديد من المساهمات الأدبية والثقافية وحتى الشعرية، والتي أتمنى أن تخرج إلى النور قريباً.
ثالثاً: كان خطيباً مفوهاً، ينتقي العبارات والكلمات والمفردات بعناية تامة، ويحسب ذاته أنه من بين المثقفين اليمنيين الذين يجب ان تكون لديهم مقدرة استثنائية في التعبير عن الذات بطلاقة ووضوح.
رابعاً: يمتلك موقفاً وطنياً وحدوياً ثابتاً تجاه أية دعوات مريضة لانفصال جنوب الوطن عن شماله، وهو شديد الاعتزاز بيمنيته ووحدويته وعروبيته.
خامساً: كان محباً وخدوماً جداً لأبناء محافظته وكذلك لأبناء المحافظات اليمنية الأخرى، وكان مبادراً إيجابيا في تقديم ما يفيد الآخرين.
سادساً: كان جاداً في توجيه اللوم والنقد البناء ضد من يرتكب الأخطاء مهما كان قربه الأسري، أو مرتبته الأسرية أو مرتبته القيادية في الدولة.
سابعاً: كان صادقاً واضحاً في تعامله العام والخاص وفي جميع المواقف، وشجاعاً نادرا في تحديد موقفه الرسمي والشخصي.
الخلاصة: أدعو أبناءنا الشباب والشابات من أبناء هذا الجيل الفتي المؤمن الصالح، إلى التعلم الجاد والمستمر من سيرة ومسيرة اخونا الفقيد الدكتور/ يسلم بن منصور بن حبتور الدراسية والعملية والكفاحية والنضالية، والاقتداء بسلوكه ومواقفه الحسنة والعظيمة، لعل في ذلك الاقتداء أن تتواصل مسيرته وجهده من خلال جيل جديد يوصل للجميع خصاله وفكره وسلوكه.
وفوق كل ذي علم عليم
* عضو المجلس السياسي الأعلى في الجمهورية اليمنية - صنعاء
* المقال يعبر عن رأي الكاتب