كيان الأسدي*

في تطوّر نوعي يحمل دلالات استراتيجية عميقة، أدخلت القوات المسلحة اليمنية الشمال الفلسطيني المحتل ضمن نطاق استهدافها العسكري، واضعةً مدنًا مثل حيفا وعكا تحت مرمى النار، في خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب على غزة.

التصعيد جاء ردًا على تهديدات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي توعّد اليمن بـ"ضربة قاسية". الرد اليمني لم يأت عبر بيانات فقط، بل بصواريخ عبرت آلاف الكيلومترات، لتقرع أجراس الإنذار في مدن طالما ظنّ الاحتلال أنها بمنأى عن الخطر القادم من الجنوب.

وفي هذا السياق، أظهرت صنعاء قدرة متقدمة على تجاوز توقعات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، مؤكدة أن تل أبيب لم تعد الخط الأخير، بل أن ما "بعد بعد تل أبيب" بات فعليًا في مرمى النيران. وهو ما دفع بمحللين إسرائيليين إلى وصف ما جرى بأنه "اختراق غير مسبوق في معادلات الردع"، خاصة مع اعتراف جيش الاحتلال بأن صفارات الإنذار دوت في الشمال بسبب إطلاق صواريخ من الأراضي اليمنية.

وما يزيد من خطورة الموقف بالنسبة لحكومة نتنياهو، هو احتمال أن ترافق هذه الرسائل النارية اليمنية عمليات كشف تدريجية عن منظومات تسليحية جديدة، قد تغيّر من قواعد الاشتباك وتضرب عمق الكيان الصهيوني من مسافات بعيدة. وهو ما ألمحت إليه بعض المصادر العسكرية اليمنية، في ظل تأكيدها أن أي محاولة إسرائيلية لاستهداف اليمن ستقابل برد "غير تقليدي".

بهذا، تكون صنعاء قد ثبّتت موقعها الفاعل في معادلة الصراع الإقليمي، مؤكدة أن دعمها لفلسطين لا يقتصر على الشعارات، بل يمتد إلى ساحات النار، حيث باتت حيفا وعكا -وما بعدهما- تعيش على وقع الصدمة والرعب من سلاح قادم من أقصى الجنوب.

*المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب