اليمن في جبهة غزة: قرار الإسناد العسكري في مواجهة العدوان الأمريكي الإسرائيلي
السياسية:
في ظلّ العدوان المتواصل على قطاع غزة والدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل، برز اليمن كأحد أبرز الفاعلين الإقليميين في معادلة التصدي للعدوان، عبر فتح جبهة عسكرية مباشرة لدعم المقاومة الفلسطينية. هذا التحول النوعي لم يكن مفاجئاً في ضوء الخطابات الأخيرة لزعيم حركة أنصار الله عبد الملك الحوثي، التي وضّحت خلفيات القرار اليمني وأبعاده الاستراتيجية والإنسانية.
وبالإضافة إلى خطابات الحوثي، برزت أيضاً الكلمة المهمة التي ألقاها الرئيس اليمني مهدي المشاط الأحد الفائت، أثناء ترؤسه اجتماعاً لـ«مجلس الدفاع الوطني»، وأعاد فيها تأكيد الثوابت التي ينطلق منها اليمن في تطبيق سياسته الداعمة لفلسطين، واضعاً بلاده بموقع الند للولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب عندما توجه إليه قائلاً إن «فترتك الرئاسية ليست كافية لتحقيق طموحاتك»، موضحاً أن القدرات العسكرية «لم تتضرر بنسبة 1%» نتيجة العدوان الأمريكي».
موقف اليمن تجاه غزة ليس موقفاً سياسياً تقليدياً، بل ينبع من التزام ديني وأخلاقي وإنساني، يعتبر الدفاع عن الشعب الفلسطيني «واجباً إيمانياً لا يُمكن التنازل عنه». وكان الحوثي قد أكد أن اليمن لن يقبل بمعادلة الاستباحة التي تحاول «قوى العدوان» فرضها على المنطقة، مشدداً على أن خيار المقاومة هو الخيار الأصيل.
كذلك، أكد المشاط خلال اجتماع «مجلس الدفاع الوطني» أن القوات لن تتراجع عن الموقف «المبدئي والأخلاقي والإسلامي والإنساني في إسناد غزة»، مشيراً إلى أن «الإجرام الفظيع في غزة وحصارها والخذلان العربي لها يفرض علينا أن يكون لنا موقف مهما كانت نتائجه».
ويؤكد اليمن أن قرار الدفاع عن غزة «ليس تكتيكياً أو عبثياً»، بل جزء من إستراتيجية ردع إقليمي جديدة، تسعى إلى فرض كلفة حقيقية على الأطراف المعتدية، رافعة شعار «التصعيد بالتصعيد».
وتحت هذا العنوان، ومنذ تشرين الأول 2023، نفذت القوات اليمنية سلسلة من العمليات العسكرية ضد أهداف إسرائيلية وأمريكية، تطورت من ضربات صاروخية إلى فرض حظر شامل على الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر والمحيط الهندي، ووصلت إلى استهداف السفن الأمريكية بعد تصعيدها ضد اليمن.
نتيجة للموقف اليمني، بدأ العدوان الأمريكي على اليمن. ورغم أن الهجمات استهدفت منشآت مدنية وبنية تحتية، إلا أن القيادة اليمنية اعتبرت أن هذا العدوان لن يُجبرها على التراجع، بل سيزيد من إصرارها. وأكدت صنعاء أن الضربات الجوية الأمريكية وعمليات الحصار تهدف إلى معاقبة اليمن على تضامنه مع الشعب الفلسطيني.
وفي هذا السياق، أكد المشاط أن القوات المسلحة اليمنية استعدّت لكل السيناريوات وهي جاهزة للدفاع عن البلاد، و«ستتعامل بصرامة مع كل من يقف في هذه المعركة مع الأمريكي والإسرائيلي»، مشيراً إلى أن أجهزة الأمن ترصد هذا الأمر».
أما في ما يتعلق بالمواقف العربية المرتبطة بالقضية الفلسطينية وما يحدث في غزة، فقد انتقدها السيد الحوثي بشدة، معتبراً أن بعض الأنظمة «تخشى العقوبة الأمريكية أكثر من الإلهية». ورأى الحوثي أن توجه بعض الدول العربية نحو التطبيع مع إسرائيل هو «وصمة عار وخيانة كبرى»، داعياً إلى اعتماد خيار الجهاد والدعم الشعبي للمقاومة.
في المحصلة، لا يرى اليمن أن معركة غزة معزولة عن صراعه الإقليمي مع قوى الهيمنة. الموقف اليمني لم يعد مجرد تضامن، بل بات عنصراً محورياً في معادلة الردع والمواجهة. إنه موقف يتجاوز جغرافيا اليمن، ليصبح جزءاً من مشهد إستراتيجي جديد، يُعيد رسم موازين القوة في المنطقة، ويؤكد أن ما بعد غزة لن يكون كما قبلها.
* المادة نقلت حرفيا من الاخبار اللبنانية