السياسية – رصد:
رشيد الحداد*

في مسعى منها لفرض واقع جديد في البحر الأحمر، كثّفت الولايات المتحدة غاراتها الجوية على جزيرة كمران الواقعة قبالة موانئ الحديدة على الساحل الغربي لليمن. وعلى رغم تعرّض الجزيرة اليمنية الواقعة على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر للقصف بشكل يومي منذ إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الحرب على اليمن منتصف آذار الفائت، إلا أن التصعيد سجّل، أمس، أعلى مستوياته مع تعرّض الجزيرة لنحو 15 غارة بقنابل ثقيلة.

وأكّد الخبير العسكري المقرّب من وزارة الدفاع في صنعاء، العميد مجيب شمسان، لـ»الأخبار «، أن «التصعيد الأمريكي الجوي ضد جزيرة كمران يأتي في إطار مخطّط أمريكي - إسرائيلي لفرض واقع عسكري في البحر الأحمر»، وأشار إلى أن «الولايات المتحدة بعد شهر من فشلها في تحقيق أي أهداف عسكرية، تحاول بالتنسيق مع أدواتها الإقليمية والمحلية تحقيق أي أهداف»، لافتاً إلى أن تكثيف الهجمات على جزيرة كمران يأتي في إطار خطة أمريكية لفرض نفوذ بحري جديد يمتدّ من جزيرة كمران إلى جزيرة حنيش الكبرى التي تتواجد فيها البحرية الأمريكية وجزيرة ميون الواقعة تحت الاحتلال الإماراتي.

واستبعد شمسان نجاح واشنطن في فرض أي واقع في البحر الأحمر، مشيراً إلى أن «حسابات إدارة ترامب خاطئة في عملياتها البحرية والجوية في اليمن، وأن استعانتها بالأدوات المحلية لن يحقّق أهدافها، وعليها أن تتوقّع الأسوأ في ظل تعاظم قدرات قوات صنعاء العسكرية البحرية والجوية». ورأى أن «أمريكا تمضي على نهج الاحتلال البريطاني، وتواصل حالة التيه والتخبّط في اليمن».

وعلى رغم أن الاستهداف المكثّف لجزيرة كمران البالغة مساحتها 100 كيلومتر مربع ينذر باقتراب تنفيذ عملية إنزال في الجزيرة، إلا أن مصادر عسكرية في صنعاء أكّدت لـ»الأخبار» أن «أي محاولات أمريكية للقيام بإنزال عسكري في الجزيرة التي تعرّضت لقرابة 80 غارة خلال شهر، لن تنجح»، مشيرة إلى أن «القوات الأمريكية تتواجد في أقصى شمال البحر الأحمر ولن تجرؤ على التقدم باتجاه المياه الإقليمية اليمنية. وما تمّ إعداده للغزاة والمعتدين في البحر الأحمر، يفوق حسابات إدارة ترامب وأدواتها الإقليمية والمحلية».

واعتبر مراقبون في صنعاء أن التحرّك الأمريكي يأتي في إطار مخطّط يستهدف مدينة الحديدة وموانئها، ولا سيما أن الجزيرة الواقعة في إطار مجموعة جزر يمنية مجاورة في البحر الأحمر تقع على مدخل ميناءَي الصليف ورأس عيسى، وتتحكّم بمنطقة رأس الكثب الساحلية وسواحل الصليف، فضلاً عن قربها من غاطس ميناء الحديدة، الذي يستقبل نحو 75% من واردات اليمن الأساسية من الغذاء والدواء.

وكانت جزيرة كمران محط أنظار الاحتلال الأجنبي على مرّ التاريخ، واستخدمها البرتغاليون والعثمانيون كقاعدة للانطلاق صوب الحديدة ومركز تحكّم بالملاحة في البحر الأحمر. وفي مطلع القرن الماضي تعرّضت للاحتلال البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى، وتمّ تسليمها لليمن في ستينيات القرن الماضي.


* المادة نقلت من الإخبار اللبنانية بتصرف