السياسية || محمد محسن الجوهري*
إنَّ قوة أي موقف تنبع دائمًا من المنهج الذي يُبنى عليه. وعندما نتحدث عن المنهج القوي الذي يضمن استمرارية التحدي والانتصار، لا يوجد أروع وأقوى من المنهج القرآني الذي يظل ركيزة أساسية للمسلمين في مواجهة أي تحدٍ أو عدوان. هذا المنهج هو الذي يشكل الأساس للمواقف العظيمة التي تجسدها الأمة في مواجهة الظلم والطغيان، كما تجسدها مواقف الشعب اليمني العظيمة عبر العقود الماضية.
على مدى عشر سنوات من الصمود، برهن الشعب اليمني على استعداده غير المشروط للمواجهة، وأثبت للعالم أنه لا يتراجع مهما كانت التحديات. في الوقت نفسه، قدم دعمًا حقيقيًا للمقاومة الفلسطينية في غزة، ووقف ضد قوى الاستكبار التي تحاول أن تقوض الأمة الإسلامية.
كانت مواقف اليمن هي أصدق دليل على أن العقيدة قوية وصحيحة، وأن القيادة قادرة على اتخاذ القرارات الحاسمة لمصلحة الأمة بأسرها. ولكن هذا الموقف البطولي يحتاج إلى استمرار وتوسع لضمان أن تظل هذه المبادئ حية وقوية عبر الأجيال القادمة.
لذلك، ولضمان استمرارية هذه المسيرة المباركة، يجب أن نعمل على تسليم الراية للأجيال القادمة، جيل قوي قادر على الحفاظ على المنهج القرآني ومواجهة التحديات المتزايدة. ما نراه من طموحات وأهداف في هذا الجيل هو أهم استثمار للأمة، ومن خلال الدورات الصيفية، نُؤسس لأساس متين لهذا الجيل، حيث يتمتعون بالتربية القرآنية التي تمنحهم القوة والقدرة على مقاومة أي محاولات للاحتلال الفكري أو العسكري. ومن خلال هذه الدورات، يكون هذا الجيل مستعدًا للقيام بدوره العظيم في نصرة قضايا الأمة، خاصة القضية الفلسطينية التي لا تزال في قلب كل مسلم، وتظل قضية مركزية في المعركة ضد الصهيونية العالمية.
لقد أدركت القوى الاستعمارية، وعلى رأسها الكيان الصهيوني، منذ وقت طويل أن هذا المشروع القرآني الذي يُحيي عزيمة الأمة الإسلامية يشكل خطرًا حقيقيًا على مشاريعهم التدميرية. وهذا هو السبب في تحركاتهم المستمرة لمعارضة هذا المشروع بكل الوسائل، سواء عن طريق الحملات الإعلامية المشبوهة أو من خلال محاولة استهداف الشباب المسلم بالثقافات المنحرفة التي لا تمت للإسلام بصلة. ولكن مع ذلك، تبقى الدورات الصيفية هي منبع القوة لكل شاب يمني يسعى للاقتداء بالقيم القرآنية ومبادئ الجهاد ضد الظلم، فهذه الدورات ليست مجرد تعليم، بل هي لبنة في بناء جيلٍ يقف أمام الموجات الاستعمارية بقوة، وهو الجيل الذي سيقضي على أي محاولة للاستعباد من قبل الصهاينة وأذنابهم.
ويكفي أن نذكر في هذا الصدد موقف اليمن في مواجهة العدوان، حيث رغم الحصار، تمكَّن الشعب اليمني من التصدي للمخططات الخارجية، بما في ذلك الهجمات العسكرية والإعلامية التي تستهدف قوته الداخلية. اليمن اليوم أصبح هو الرهان العربي في مواجهة العدوان الصهيوني، وبات الجميع يعترف أن الجهود المبذولة هنا ستكون محورية في تحديد مصير المنطقة.
إن النجاح الذي حققه الشعب اليمني في مواجهة التحديات المختلفة يؤكد أن الأعداء مهما حاولوا عرقلة مسيرتنا، لن ينجحوا، لأننا نملك الإيمان والعزيمة الصلبة. الشعب اليمني قد تجاوز الكثير من العقبات، وأثبت عبر سنوات العدوان أنه لا يخضع ولا يستسلم، وأنه لا يركع إلا لله سبحانه وتعالى.
وفي الوقت الذي يواجه فيه الشعب اليمني هذه التحديات، نجد أن الجيل الصاعد يمثل أملًا حقيقيًا للمستقبل، وهم من سيحملون شعلة النصر ويُواصلون مسيرة التحرير. إنهم الجيل الذي سيتصدى للعدوان، وهم من سيكتبون التاريخ الجديد في تحرير فلسطين وبقية الأرض المحتلة. فاليمن اليوم ليس فقط قوة عسكرية، بل هو مدرسة تربوية وفكرية تهدف إلى إحياء الروح الجهادية والعقيدة القرآنية في قلوب الأجيال القادمة.
لقد أثبتت الدورات الصيفية أنها ليست مجرد استثمار تعليمي، بل هي مشروع استراتيجي لبناء جيل قوي يدافع عن قيم الأمة ومقدساتها. ومن خلال هذا المشروع، نُؤسس لجيل قادر على نقل رسالة المشروع القرآني إلى العالم، جيل يحمل راية الحق ويواجه قوى الاستكبار، جيل لن يعترف بأي هيمنة أجنبية، ولن يقبل بظلم أو عدوان على أرضه أو على أي جزء من الأمة الإسلامية.
إن الهدف النهائي من هذه الدورات الصيفية هو أن يكون جيلنا القادم هو جيل التحرير، جيل حارب الظلم وقاوم التحديات، جيل ينتصر للمستضعفين في كل مكان، بداية من فلسطين وحتى آخر بقعة في العالم. وبذلك، لن يبقى للعدو مكان، وسيتحقق النصر العظيم، بإذن الله، لأبناء الأمة الإسلامية.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب