كيف وصلت رسالة ترامب إلى طهران بعد عشرين يوماً من العدوان على اليمن؟
السياسية:
علي الدرواني*
مع بدء تنفيذ غاراته العدوانية على اليمن، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الضربات الجوية على اليمن، تحمل رسالة إلى طهران، وهو الأمر الذي ردده عدد من المسؤولين الأمريكيين في "البنتاغون" والخارجية، لكن بعد عشرين يوماً كيف تبدو هذه الرسالة، وكيف تنظر إليها طهران.
إن الفشل ترافق مع العدوان الأمريكي شبه اليومي على عدد من المحافظات اليمنية، والذي استهدف الأعيان المدنية والبنى التحتية والخدمية وأسفر عن شهداء وجرحى مدنيين يتجاوز عددهم 61 شهيداً، و 139 جريحاً، نتيجة العدوان الأمريكي على اليمن منذ الـ 15 من مارس 2025م.
الأعيان المستهدفة التي قصفها العدو الأمريكي تنوعت ما بين أهداف قديمة، مثل بعض المواقع العسكرية التي قصفتها السعودية خلال سنوات عدوانها عشرات المرات، مثل عطان، وجرفان، في صنعاء الأمانة والمحافظة، وكهلان في صعدة، ومواقف في البيضاء ومأرب، بالإضافة إلى مواقع مدنية، كما هو الحال مع منزل في شعوب، وصالة قيد الإنشاء في مديرية الثورة، وكذلك مستشفى الأورام قيد الإنشاء في صعدة، ومبنى المجمع الإداري لمحافظة الجوف في الحزم، إلى جانب مركز صحفي في وشحة بمحافظة حجة، ومشروع المياه في مديرية المنصورية في محافظة الحديدة، ومنها شبكة الاتصالات في محافظة إب.
الإعلان الأمريكي عن القضاء على قيادات عسكرية، لا يزال حتى اللحظة مفتقرًا إلى أدلة عجز عن توفيرها الأمريكي، وعندما كشف ترامب عن الفيديو في منصته، أضاف فضيحة جديدة، حيث نشر ما قال إنه قصف لقيادات عسكرية، كانت تتحضر لاستهداف البحرية الأمريكية، ليتضح من الفيديو أن التجمع المستهدف هو واحد من تجمعات اللقاءات العيدية، ولا علاقة له بالتحضير للهجوم ولا بأي عمل عسكري.
إن لجوء ترامب إلى نشر ذلك الفيديو، هو محاولة لإثبات تحقيق نوع من الإنجاز، لا سيما بعد أن حمل سلفه بايدن كل أسباب الفشل في اليمن، واتهمه بالتقصير والعجز والتراخي، وثانيًا، ليعطي دفعة جديدة لمواصلة هذه العمليات اليائسة والمفرغة من الأهداف، وثالثًا، ربما تحمل رداً على ما ينشره الإعلام الأمريكي عن مسؤولين في "البنتاغون"، بأن الحملة الأمريكية لم تحقق النجاح المطلوب، ويعزون ذلك إلى ما يسمونها المرونة، في تعزيز المخازن والمواقع المستهدفة، مما يحبط قدرة الأمريكيين على تعطيل الهجمات على السفن في البحر الأحمر، حسب ما نقلت "نيويورك تايمز".
في كلمته الأخيرة، أشار السيد القائد عبد الملك الحوثي حظفه الله، إلى أن: "الأمريكي فاشل، وسيفشل باستمرار بإذن الله تعالى. لن يتمكَّن حتى في المستقبل من تحقيق هذه الأهداف المشؤومة؛ لأن شعبنا يتوكل على الله، ويعتمد على الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وله مسيرةٌ طويلة في الجهاد في سبيل الله تعالى. الغارات الجوية، والاستهداف المُكَثَّف للبلد ليست حالةً جديدة. الأمريكي أشرف بنفسه وأدار بنفسه العدوان على بلدنا الذي نَفَّذَته أدواته الإقليمية، على مدى ثماني سنوات، والتي هي بتصعيد غير متوقف ولا محدود، يستهدف كل شيءٍ فيها، ومن بعد ذلك العدوان كان على مدى خمسة عشر شهراً، وشعبنا في إسناده للشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، والأمريكي مستمرٌ في تنفيذ غارات واعتداءات بشكلٍ مستمر".
الرسالة التي ستصل إلى طهران إذن، هي رسالة الفشل الأمريكي، ليس مجرد الفشل، وإنما الفشل الذريع الذي يدفع ترامب إلى تبني نشر فيديو فضيحة مدوية لأكبر قوات بحرية في العالم، وأفضل جهاز استخباراتي أيضًا. الفشل المعمد باستخدام آخر ما أنتجته المصانع الأمريكية من أنواع الأسلحة وأثقل القنابل الخارقة للتحصينات، واعتماده على طائرات (الشبح)، وقاذفات القنابل التي تأتي من قواعد أخرى. كما لفت لذلك السيد عبد الملك الحوثي أيضاً. مضيفاً أن أغلب تلك الغارات تأتي من غير "ترومان"، مؤكداً أن مطاردة القوات المسلحة للحاملة الأمريكية تجعلها تفقد القدرة على تنفيذ العمليات بالاعتماد عليها.
هكذا سترى إيران، أن واشنطن عجزت في اليمن، وستكون أمام إيران أعجز، فقد ظهرت أمريكا بلا بنك أهداف، وبلا قدرة على استهداف القيادات، وقدراتها الأكثر تقدماً في اختراق التحصينات فشلت فشلًا ذريعاً في الوصول إلى مخابئ السلاح، أو التأثير في قدرات الاستهداف المتواصلة، وتحاول التعويض باستهداف الأعيان المدنية، وإن كان من رسالة اليوم، فهي لترامب، لترك العنجهية، والتوقف عن دعم الكيان، والإحجام عن ممارسة التهديد والوعيد، وستردد: رحم الله امرأً عرف قدر نفسه، وعرف حده فوقف عنده.
* المادة نقلت حرفيا من موقع العهد الإخباري