السياســـية - تقرير || صادق سريع*


"يعد الصعود المفاجئ للحوثيين اليمنيين تحوُّلاً إستراتيجياً يُعيد تشكيل خارطة القوى في منطقة الشرق الأوسط"، هكذا قال خبراء "مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الإستراتيجية" التابع للجيش الأمريكي.


وقال في تقرير بعنوان "الحركة التي أصبحت لاعباً قوياً": "لقد تحوّل الحوثيون إلى لاعب إقليمي مؤثر، عززوا تحالفهم بدول محور المقاومة في المنطقة بعد عملية "طوفان الأقصى"، أكتوبر 2023، بعد إن كانوا كياناً محلياً فاعلاً داخل اليمن".


وأضاف: "لقد تمكن الحوثيون من فرض أنفسهم كطرف لا يمكن تجاهله في أي مفاوضات إقليمية أو دولية بانتصارهم على التحالفات العسكرية الدولية التي فشلت في احتواء القوة الناشئة".


وتابع: "وتمكنوا من إعادة تعريف الصراع؛ فلم يعد مقتصراً على اليمن، بل أصبح قضية عالمية مؤثرة على الأمن الاقتصادي والسياسي".


المعادلة التي غيَّرت اللعبة


في نظر المركز العسكري الأمريكي، يُعتبر صعود الحوثيين معادلة جديدة غيّرت قواعد اللعبة في المنطقة، بتحوّلهم من حركة مسلحة إلى قوة محلية وإقليمية، وأصبحوا جزءاً من شبكة معقدة تهدد باستهداف مصالح أمريكا و"إسرائيل".


المؤكد، برأيه، أن فشل التحالفات العسكرية الدولية أدى إلى توسيع نفوذ الحوثيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وأثبتت تلك التدابير الدولية المضادة صعوبة كبح قدرات الحوثيين لوقف عملياتهم العسكرية.


والمؤكد، وفق دراسات خبراء المركز، إن انتهاج الحوثيين تكتيكات الإستراتيجيات الثلاث؛ المتمثلة في تعطيل حركة الملاحة البحرية واستعراضات القوة العسكرية والنفوذ الإقليمي، جعلهم قوة إقليمية وعالمية.


النبأ المقلق


واعتبرت صحيفة "معاريف" امتلاك قوات صنعاء تقنية متطورة تجعل طائراتها المسيَّرة قادرة على التخفي وقطع مسافات أطول نبأ مقلقا لـ"إسرائيل"، في ظل عودة الهجمات اليمنية في البحر الأحمر رداً على منع دخول المساعدات إلى غزة.


وتحت عنوان "مقلق لـ"إسرائيل".. مسيّرات الحوثي ستكون أكثر فتكاً"، قالت الصحيفة العبرية: "ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، حول تمكن قوات صنعاء من الحصول على تقنيات متطورة تجعل طائراتها المسيّرة أكثر قدرة على التخفي، وقطع مسافات أطول، وهو ما يمنحها عنصر مفاجأة ضد القوات الأمريكية و"الإسرائيلية".


عنصر المفاجأة


وفق صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ، وجد الباحث في مركز أبحاث التسلح في الصراعات، تيمور خان والباحث في شركة "إنتيليجنت إنرجي" البريطانية، لصناعة خلايا وقود الهيدروجين المستخدمة في الطائرات بدون طيار، أندي كيلي، أدلة على حصول الحوثيين على تقنيات جديدة تجعل اكتشاف الطائرات المسيّرة أمراً صعباً، ويمكنها من التحليق لمسافات أبعد.


تشمل تلك التقنيات خلايا وقود الهيدروجين، التي تنتج الكهرباء من تفاعل الأكسجين مع الهيدروجين المضغوط، وتطلق بخار الماء، وتصدر حرارة أو ضوضاء قليلة.


بحسب التقرير الذي نشر الخميس الفائت، تقطع الطائرات المسيّرة حالياً مسافة 750 ميلاً تقريباً، لكن بتقنيات خلايا وقود الهيدروجين ستتمكن من قطع ثلاثة أضعاف المسافة، ما يجعل اكتشافها صعباً بواسطة أجهزة الاستشعار الصوتية والأشعة تحت الحمراء.


يقول خان: "إن ذلك قد يمنح الحوثيين عنصر المفاجأة ضد القوات العسكرية الأمريكية، أو "الإسرائيلية" إذا استأنفوا الصراع معها".


يضيف: "إذا كان الحوثيون قد حصلوا على هذه الأسلحة من تلقاء أنفسهم، فإن الأدلة التي رأيناها تشير إلى سلسلة توريد جديدة من الأسواق التجارية، مما يزيد من اكتفائهم الذاتي".


وقال كيلي: "إن أنظمة الهيدروجين قادرة على تخزين طاقة أكبر بثلاث مرات من بطاريات الليثيوم ذات الوزن المماثل، مما يسمح لمشغل الطائرة بدون طيار بحمل المزيد من الوزن لمسافة أطول".


وأضاف: "خلايا الوقود تنتج أيضاً اهتزازات قليلة لتحريك كاميرات المراقبة وأجهزة الاستشعار الأخرى على طائرة بدون طيار للمراقبة، ويمكن إعادة استخدامها مرات عديدة أكثر من البطاريات القابلة لإعادة الشحن".


القوة التي رسمت الخارطة


ونجحت القوات المسلحة اليمنية، خلال إسنادها غزة، في التفوق التكنولوجي وحكمة الإبداع العسكري اليمني من تصنيع الصواريخ الفرط صوتية والباليستيّة والزواق والطائرات المسيّرة المتطورة، التي تمكنت من اختراق الدفاعات الجوية الصهيونية الأحدث عالمياً، ونفذت عمليات نوعية على بُعد أكثر من ألفي كم في عُمق الكيان، مثل المسيَّرة "يافا" محلية الصنع بعد أن كانت "إسرائيل" تتفاخر بصفاء سمائها، ما أثار دهشة الخبراء العسكريين في العالم.


تلك النجاحات والقدرات العسكرية للجيش اليمني تؤكد أن اليمن قد أعاد رسم الخارطة القوى السياسية والعسكرية في المنطقة، وفرض المعادلات الجديدة، بل وفرض نفسه لاعباً إقليمياً لا يمكن تجاهل قوته في الملاعب الدولية.


وخلال إسناد القوات اليمنية لغزة على مدى 14 شهراً، فرَضت حظراً بحرياً على سفن "إسرائيل" وحلفائها، مُنذ نوفمبر 2023 إلى يناير 2025، وأطلقت 1165 صاروخاً باليستياً، وفرط صوتي، ومسيّرة، إلى عُمق الكيان؛ إسناداً لغزة.


وكبَّدت قوات دول العدوان الأمريكي - البريطاني - "الإسرائيلي"، في معارك البحر الأحمر، 220 قِطعة بحريَّة تجارية وحربية؛ ضمن معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس"، خلال 14 شهراً، دعما للمقاومة؛ ونصرة لغزة.