السياسية || محمد محسن الجوهري*

تُعد محاضرات السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي الرمضانية منبراً فريداً يجمع المسلمين على كلمة سواء، حيث تعكس في جوهرها روح القرآن الكريم وتستلهم من مدرسة أهل البيت عليهم السلام، الذين وصفهم الله تعالى في كتابه الكريم: "أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ" (المائدة: 54). ومن هذا المنطلق، تأتي أهمية هذه المحاضرات التي تهدف إلى ترسيخ الوعي الإسلامي الصحيح وإعادة توجيه البوصلة نحو قضايا الأمة الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

يتحدث السيد الحوثي في محاضراته الرمضانية عن الهوية الإيمانية التي تمثل القاعدة الأساسية لوحدة المسلمين. فهو يركز على القيم القرآنية التي توحد الأمة بدلاً من الانقسامات الطائفية والمذهبية التي تعمل القوى الاستكبارية على ترسيخها. في هذا السياق يقول الله تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا" (آل عمران: 103)، وهو تأكيد على أهمية الوحدة كعنصر رئيسي في نهضة الأمة.

من أبرز القضايا التي يطرحها السيد عبدالملك الحوثي في محاضراته الرمضانية هي القضية الفلسطينية، حيث يعتبرها معياراً لمصداقية الأمة في التزامها بالمبادئ الإسلامية. فهو يدعو المسلمين إلى التكاتف لمواجهة العدو الصهيوني، ويؤكد أن فلسطين ليست قضية عربية فقط، بل قضية إسلامية جامعة. يقول تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" (الحجرات: 10)، وهو ما يعزز الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه هذه القضية.

من خلال محاضراته، يكشف السيد الحوثي عن المخططات التي تحاك ضد المسلمين بهدف تفرقتهم، سواء عبر الحروب أو الصراعات الداخلية أو التحريض الطائفي. ويشير إلى أن البديل عن المنهج القرآني الأصيل هو العقائد الضالة التي تسعى إلى تمزيق الأمة وإبقائها في حالة صراع دائم، وهو ما يخدم مصالح القوى المعادية للإسلام.

تساهم محاضرات السيد عبدالملك الحوثي في تثقيف الأمة بمفاهيم الإسلام المحمدي الأصيل، وهو الإسلام الذي يقوم على العدل والتسامح ونصرة المستضعفين. هذه القيم هي التي صنعت أمة قوية عبر التاريخ، وهي نفسها التي يمكن أن تعيد للمسلمين مجدهم في حال تمسكوا بها. يقول الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" (الرعد: 11).

في ظل التحديات الراهنة، تشكل محاضرات السيد منبراً توعوياً يساهم في بناء وعي إسلامي مشترك قائم على القرآن الكريم وقيم العدل والتآخي. فالمطلوب اليوم ليس مزيداً من التشرذم والانقسام، بل العودة إلى نهج الوحدة الذي دعا إليه الإسلام، لأن وحدة المسلمين هي السبيل الوحيد لمواجهة أعدائهم والانتصار لقضاياهم المصيرية.

والبديل عنها هي الجماعات الضالة، خاصة التكفيرية، وقد رأينا في اليمن كيف نجت البلاد من مخططات التكفيريين ببركة المشروع القرآني وقيادة آل البيت التي لا تخالف القرآن في شيء، وكان المقرر لليمن أن تكون كسائر بلدان الربيع على حالة من القتل والذبح والصراعات الطائفية، سيما وأن كل التنظيمات السياسية التي كانت سائدة في اليمن مرتبطة بالمشروع الصهيو-أمريكي، وتنقاد له في كل مخططاته التدميرية، ولا تمتلك أي مشروع خاص بها سوى معاداة السيد ومشروعه الوحدوي، استجابة لدعاة التفرقة من الصهاينة اليهود.


* المقال يعبر عن رأي الكاتب