السياسية || محمد محسن الجوهري*


في عالم اليوم تتسلل الكثير من الأفكار والمعتقدات الغريبة تحت غطاء "الأيديولوجيات"، وهو مصطلح أجنبي يُستخدم للترويج لعقائد دخيلة على المجتمعات الإسلامية. ويلجأ البعض إلى هذه التسمية بهدف إضفاء طابع عصري ومقبول على مشاريع فكرية مستوردة، رغم أنها في جوهرها لا تختلف عن أي عقيدة منحرفة تحاول فرض نفسها على الشعوب المسلمة.


ومن خلال هذا الغطاء، تسللت العديد من التيارات الفكرية المنحرفة إلى المجتمعات العربية والإسلامية حتى وصلت إلى مواقع السلطة، كما حدث في اليمن في مراحل متعددة. لكن رغم المحاولات المستمرة لترسيخ هذه العقائد، بقي اليمنيون، بفطرتهم السليمة مرتبطين بالإسلام، ورافضين لأي فكر يحاول استبدال هويتهم الدينية. وهذا ما جعل تلك المشاريع تفشل في أن تصبح جزءًا أصيلًا من وجدان الأمة، حيث ظلت مجرد أدوات سياسية عابرة، لا تلبث أن تنهار أمام الحقائق الإيمانية الراسخة.


ويعد شهر رمضان المبارك أحد العوامل الرئيسية التي تُفشل هذه المشاريع الوافدة، إذ إنه يمثل موسمًا سنويًا للعودة إلى الفطرة، وتجديد الارتباط بالقيم الإسلامية. ففي أجوائه الروحانية، تضعف تأثيرات الأيديولوجيات المادية، ويتراجع وهج الدعوات الفكرية المنحرفة، حيث تعود الأمة بأسرها إلى جوهرها الإيماني، متجاوزة خلافاتها السياسية والمذهبية المصطنعة.


وفي الوقت الذي تسعى فيه بعض القوى، مثل الإمارات إلى بعث تيارات سياسية مشوهة تحت لافتات قومية ووطنية، بهدف سلخ اليمن عن عمقه الإسلامي، فإن الواقع يثبت أن كل هذه المحاولات تذوب أمام المحطات الروحانية الكبرى، مثل رمضان والمولد النبوي، حيث يعود الناس إلى حقيقتهم الدينية، متحررين من تأثير الدعايات المضللة.


أما السعودية، فتلعب دورًا آخر، إذ تحاول فرض نمط معين من التدين يخدم المشاريع الصهيونية، ويبرر الاحتلال والتطبيع، بينما يعمل في الوقت ذاته على إثارة الفتن داخل العالم الإسلامي. وهذا ليس بجديد، فقد تسربت عبر التاريخ أفكار منحرفة إلى المسلمين تحت اسم "الإسرائيليات"، التي كانت ولا تزال وسيلة لزرع الشقاق وتمييع القضايا الكبرى للأمة.


لكن رغم كل هذه التحديات، فقد تمكن اليمن من تجاوز هذه المخاطر بتمسكه بالثقافة القرآنية، وارتباطه بقيادة حكيمة تحمل مشروعًا إيمانيًا أصيلًا. وهذا النهج، القائم على الولاء لله ورسوله وأهل بيته، أثبت قدرته على مواجهة كل المؤامرات، وقدم للعالم نموذجًا للصمود المستند إلى الوعي والبصيرة.



* المقال يعبر عن رأي الكاتب