ما أجمل رمضان في زمن السيد
السياسية || محمد محسن الجوهري*
ما أجمل رمضان في زمن السيد، حين يزهو الشهر الكريم بحلّته الإيمانية، وتشرق أنواره في القلوب، مستعيدًا مكانته كمنزلة تربوية وروحية عظيمة تعيد الأمة إلى منابع هدايتها الأصيلة. فحين يتجلى شهر رمضان، تنكشف الفوارق بين من يعظّمون شعائر الله حق تعظيمها، ومن يفرغونها من محتواها الروحي ويجعلونها ثقيلة على النفوس، فلا تكاد تحمل سوى العناء والمشقّة.
إن السيد عبد الملك الحوثي، حفظه الله ينظر إلى رمضان على أنه فرصة إيمانية لإصلاح النفوس، وتهذيب السلوك، وتجديد الارتباط بالهوية الدينية الحقة في مواجهة حملات التضليل والانحراف التي تُبث من قبل أعداء الأمة، وعلى رأسهم اليهود والمنافقون ومن يسير في ركابهم من التيارات المنحرفة، سواء كانت وهابية أو إخوانية أو غيرها من الجماعات التي أرادت قطع الأمة عن مصدر قوتها.
لقد عانى اليمن في عقود مضت من محاولات لطمس هوية هذا الشهر الكريم، فكانت بعض الجماعات التكفيرية تحرّم حتى الاحتفاء بقدومه، كما فعلت مع غيره من المناسبات الدينية العظيمة، كمولد النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم. لم يكن ذلك عبثًا، بل كان مخططًا هدفه تمزيق الأمة، وفصلها عن عوامل وحدتها الإيمانية التي تجمع القلوب على التقوى والتآخي. ومع تغلغل هذه الجماعات في مفاصل السلطة والمجتمع خلال الأنظمة البائدة، أصبح رمضان شهرًا كئيبًا، تحيط به المشقة، ويثقل كاهل الناس بأعباء مادية جعلتهم ينفرون من حلوله، بدل أن يكون موسمًا للفرح الروحي والسكينة القلبية.
وفي ظل هذه الظروف، أصبحت بعض التيارات العلمانية ترى في رمضان خطرًا يهدد مشروعها التغريبي، حيث يُذكِّر الأمة بحقيقة وجودها والغاية التي خُلقت من أجلها: عبادة الله والسير على منهجه القويم. من هنا كان هذا الشهر بمثابة حاجز منيع أمام كل فكر منحرف، حيث تتلاشى خلاله العقائد الزائفة وتنكشف زيف الأباطيل التي يُراد غرسها في وعي المسلمين. لذا لم يكن مستغربًا أن تلتقي الجماعات التكفيرية المتشددة مع التيارات المنحلة في محاربة روحانية رمضان، في تحالف غير معلن لكن أهدافه واضحة.
أما اليوم، وفي ظل القيادة الحكيمة للسيد عبد الملك الحوثي، عاد رمضان إلى موقعه الطبيعي كمحطة إيمانية تنير الدروب، وتبني النفوس، وتحصّن الأمة ضد الانحراف. بات الشهر الكريم مناسبة عامرة بالبهجة الحقيقية، حيث يفرح الصغير والكبير، لا فرح الطعام والشراب بل فرح العودة إلى الله واستشعار قربه. ومع كل عام يمر، يزداد الوعي، وتقوى شوكة الأمة في مواجهة أعدائها، حتى صار رمضان مدرسة تربوية متكاملة تُهدم فيها العقائد الضالة، وتُبنى فيها النفوس على نهج القرآن الكريم.
وهكذا، شتّان بين رمضان اليوم ورمضان قبل عقود، فبينما كان شهرًا يُراد له أن يكون ثقيلًا على القلوب، أصبح اليوم مصدر قوةٍ وثباتٍ وتزكية، تتجدد به العزائم، وتترسخ به معاني الجهاد والارتباط بالله. فالحمد لله على نعمة الهداية، وعلى قيادة تستشعر عظمة هذا الشهر الكريم، وتحفظ للأمة هويتها وعزتها في زمن التحديات.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب