السياسية || محمد محسن الجوهري*

تعد قضية استيراد القات في اليمن موضوعًا مثيرًا للجدل، حيث يرتبط بشكل وثيق بواقع الزراعة وتأثيراتها على الاقتصاد الوطني. تاريخياً شهدت البلاد فترة من الاكتفاء الذاتي في الزراعة، لكن النظام السابق ساهم في تراجع هذا الوضع من خلال تشجيع استيراد المنتجات الزراعية بأسعار منخفضة، مما أثر سلبًا على المزارعين المحليين.

أحد الأضرار الرئيسية التي تبناها نظام الخائن عفاش هو تشجيع استيراد المنتجات الزراعية، مما أدى إلى انخفاض أسعار الحبوب والفواكه المحلية. هذا الوضع دفع العديد من المزارعين إلى تقليل إنتاجهم أو التحول إلى زراعة القات، الذي أصبح المنتج الرئيسي في أغلب مناطق اليمن. هذه التحولات ساهمت في تآكل الأمن الغذائي ورفاهية المجتمع، حيث أصبح الاعتماد على القات على حساب المحاصيل الغذائية الأخرى.

مع عودة البلاد إلى النهضة الزراعية، تبرز الحاجة إلى إعادة تشجيع زراعة الحبوب والمحاصيل الإستراتيجية. لكن القات لا يزال يمثل عقبة في العديد من الأرياف، حيث تعود الفلاحون على زراعته بسبب العوائد المالية الكبيرة التي توفرها، مما يجعلهم يتجاهلون زراعة المحاصيل الأخرى التي تُعتبر أكثر أهمية للأمن الغذائي. إن الاستمرار في هذا الاتجاه يهدد بتقويض الجهود المبذولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

ظهور القات المستورد بأسعار زهيدة يمكن أن يمثل فرصة لتشجيع المزارعين المحليين على تقليل الاعتماد على زراعة القات. إذا تم إدارة هذه العملية بشكل صحيح، فإنها قد تدفع المزارعين نحو زراعة الحبوب وغيرها من المحاصيل ذات القيمة الغذائية العالية. يجب أن يتم ذلك من خلال استراتيجيات تأخذ بعين الاعتبار احتياجات المزارعين المحليين وتوجهاتهم الاقتصادية.

إن استيراد القات يمكن أن يمثل فرصة لتنمية المنتجات المحلية إذا تم استخدامه كوسيلة لتشجيع المزارعين على إعادة التفكير في خياراتهم الزراعية. من خلال توجيه الجهود نحو زراعة المحاصيل الإستراتيجية، يمكن لليمن أن يعود إلى مسار الاكتفاء الذاتي ويحقق الأمن الغذائي، مما يساهم في تحسين مستوى المعيشة والرفاهية للمجتمع. إن تحقيق هذا الهدف يتطلب تعاون جميع الأطراف، بما في ذلك الحكومة، والقطاع الخاص، والمزارعين، لضمان مستقبل زراعي مستدام يعزز من قدرات البلاد ويحقق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية.


* المقال يعبر عن رأي الكاتب