إجحاف الضرائب في الولايات المتحدة وتأثيرها على معيشة المواطنين
السياسية || محمد محسن الجوهري*
تُعتبر الضرائب أحد المصادر الأساسية لتمويل السياسات الأمريكية، لكنها تُثير جدلاً واسعًا حول مدى إنصافها وتأثيرها على الحياة اليومية للمواطنين، حيث يعاني العديد من الأمريكيين من عبء الضرائب المجحفة، مما يؤثر بشكل كبير على معيشتهم.
تتراوح الضرائب الفيدرالية في الولايات المتحدة بين 10% و37% من الدخل، اعتمادًا على شريحة الدخل. على سبيل المثال ووفقًا لمصلحة الضرائب الأمريكية، يدفع الأفراد في شريحة الدخل الأعلى نسبة تصل إلى 37% من دخلهم. بالإضافة إلى ذلك، يواجه المواطنون ضرائب حكومية ومحلية تتراوح بين 0% و10%، بما في ذلك الضرائب على المبيعات والعقارات. وبهذا، يمكن أن تصل نسبة الضرائب الكلية التي يدفعها المواطن إلى 50% من دخله في بعض الحالات، مما يضع ضغطًا كبيرًا على ميزانيته.
إن تأثير الضرائب المجحفة يتجاوز مجرد الأرقام، إذ ينعكس بشكل مباشر على حياة الأفراد وعائلاتهم أولاً، مع ارتفاع نسبة الضرائب، يجد المواطنون أنفسهم أمام دخل متاح أقل للإنفاق على الأساسيات مثل الغذاء والسكن والتعليم والرعاية الصحية. وفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة "بيو" للأبحاث، فإن 60% من الأمريكيين يشعرون أن الضرائب تؤثر سلبًا على قدرتهم على تلبية احتياجاتهم اليومية.
كما تُؤثر الضرائب المرتفعة على أسعار السلع والخدمات، حيث يميل أصحاب الأعمال إلى تمرير تكاليف الضرائب إلى المستهلكين. وهذا الأمر يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات، مما يزيد من الأعباء المالية على المواطن. على سبيل المثال، أظهرت تقارير أن زيادة الضرائب على الشركات تُفضي إلى زيادة الأسعار بنسبة تصل إلى 50% على أغلب السلع الأساسية.
علاوة على ذلك، يشعر الكثير من المواطنين بالإحباط تجاه النظام الضريبي، حيث يعتقدون أن الأموال التي يدفعونها لا تُترجم إلى خدمات جيدة، وتذهب لحماية كيانات أخرى كـ"إسرائيل"، ولو على حساب المصالح الأمريكية، كما رأينا خلال حرائق كاليفورنيا وإعصار ميلتون في فلوريدا. هذا الإحباط أدى إلى عدم الثقة في الحكومة وزاد من شعور الانقسام الاجتماعي. وفقًا لاستطلاع رأي أجرته "غالوب Gallup poll "، اعترف 73% من الأمريكيين بأنهم لا يثقون في الحكومة لتحسين حياتهم المعيشية.
تؤثر الضرائب المرتفعة أيضًا على قدرة الأفراد على الادخار والاستثمار. مع تقليل الدخل المتاح، يصبح من الصعب على الكثيرين تخصيص جزء من دخلهم للتوفير أو الاستثمار في المستقبل. بحسب تقرير صادر عن "مركز السياسة الضريبية"، فإن الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط تُعتبر الأكثر تأثرًا، حيث تستنزف الضرائب الكبيرة جزءًا كبيرًا من دخلهم، مما يجعل الادخار أمرًا شبه مستحيل.
كما أن الفئات ذات الدخل المنخفض والمتوسط هي الأكثر تأثراً بهذه الضرائب. حيث تُشكل الضرائب نسبة أعلى من دخلهم مقارنة بالأغنياء، مما يساهم في تفاقم الفجوة الاقتصادية. يُظهر تقرير صادر عن "منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية" أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء في الولايات المتحدة ازدادت بشكل ملحوظ، مما يعكس تأثير الضرائب على توزيع الثروة.
يمكن القول إن الضرائب المجحفة تشكل تحديًا كبيرًا للمواطن الأمريكي، حيث تؤثر على مستوى حياته وقدرته على تلبية احتياجاته الأساسية. فيما المستفيد الأول أطراف أخرى تتمثل في اللوبي الصهيوني الذي يضغط على تحويل الثروات الأمريكية إلى الكيان الإسرائيلي على شكل مساعدات ضخمة ومستمرة، ولها نتائجها الكارثية على حياة المدنيين العزل في فلسطين المحتلة.
وقد تسبب الدعم الأمريكي للصهاينة في إثارة السخط لدى المواطنين، وتزايد أصوات الانتقادات، خصوصًا بين الأجيال الشابة والناشطين الحقوقيين. يشير هؤلاء إلى أن الدعم المالي لإسرائيل يأتي على حساب القضايا الداخلية مثل التعليم والرعاية الصحية. ويعتبرون أن الأموال التي تُنفق على المساعدات العسكرية كان من الأفضل استثمارها في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين الأمريكيين.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب