استراتيجيةُ (الهُروب السريع) لحاملات الطائرات الأمريكية
عبدالحكيم عامر*
تعتبر استراتيجية الهروب السريع لحاملات الطائرات الأمريكية من الموضوعات المثيرة للجدل في الساحة العسكرية والسياسية، خَاصَّة في ظل التوترات المتزايدة في منطقة البحر الأحمر والخليج العربي، وتتعدد الحجج والأعذار التي تقدمها الإدارة الأمريكية لتبرير هروب حاملات الطائرات من البحار اليمنية، والتي تتعرض لعمليات نوعية صاروخية وطيران مسير من القوات المسلحة اليمنية.
دخلت أمريكا المنطقة بفخر أسلحتها الاستراتيجية، محاوِلةً السيطرة وعسكرة البحار، لثني اليمن من منع السفن الإسرائيلية من المرور من البحر الأحمر، الهدف الأَسَاسي وراء ذلك هو الدفاع عن العدوّ الصهيوني الذي يقتل النساء والأطفال في غزة.
وتشير عمليات سحب حاملات الطائرات إلى هزيمة ساحقة للولايات المتحدة في مسرح عملياتها البحرية، وهذا الهروب يعد مؤشرًا على عجزها عن مواصلة الهيمنة على بحار المنطقة، وتجلت معادلات جديدة في هروب وسحب حاملات الطائرات الأمريكية، حَيثُ أصبح من الواضح أن هذه الحاملات لم تعد تمثل قوة ردع أمام اليمن.
وإن العمليات المتتالية للقوات اليمنية ضد السفن الأمريكية والبريطانية تعكس تحولًا في موازين القوى؛ مما يجعل واشنطن في مأزق استراتيجي، وهذه فرصة ليفتح المجال لطرد قواتها وقواعدها العسكرية من الدول العربية والإسلامية.
وما حقّقته القوات المسلحة اليمنية من إنجازات يعد تحولًا تاريخيًّا، حَيثُ لم تتجرأ أية دولة في العالم على مواجهة الولايات المتحدة كما فعلت اليمن، حيثُ إنها باتت قوة بحرية لا يستهان بها، حيثُ أنتجت تكتيكات وأسلحةً متطورة تثبت قوتها وقدرتها على مواجهة القوى العظمى، وتصاحب هذه الإنجازات البحرية مفاجآت تكتيكية أُخرى، مثل صناعة القوارب والطائرات المسيرة والصواريخ الفرط صوتية، التي تعزز من قدرات اليمن وتجعلها تحتل مكانة قوية في الساحة العسكرية العالمية.
حيث وتسجل القوات المسلحة اليمنية معادلة ردع غير مسبوقة في التاريخ المعاصر، مما يجعل الولايات المتحدة تواجه واقعًا جديدًا لا مفر منه، وإن ما يحدث في البحر الأحمر والعربي يمثل تحولًا كَبيراً في موازين القوى، ويعيد تشكيل معالم الصراع في المنطقة، مما يفتح المجال لمزيد من المفاجآت اليمنية ضد قوى الاستكبار أمريكا وبريطانيا وإسرائيل.
بدت استراتيجية الهروب السريع لحاملات الطائرات الأمريكية وكأنها تفضح هشاشة القوى العظمى وتجعلها عرضة للخطر والهزيمة، لقد أظهرت القوات العسكرية اليمنية قدرة مذهلة على استهداف وإرغام هذه الحاملات على الهروب من مسرح العمليات، في انتصارات استراتيجية في وجه الهيمنة الأمريكية، وهو ما يتجلّى حقيقة هذه الدولة النازية بعد 22 عاماً من حديث الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي الذي قال عنها: “إن أمريكا قشة”، وليست عصا غليظة كما روَّجت وتُروِّج لنفسها منذ عقود.
وفي الأخير، وبعد مرور عام على العدوان الأمريكي على اليمن، الذي كان يهدف إلى وقف الإسناد اليمني لغزة، تحوّل هذا العدوان بدوره إلى ورطة حقيقية للولايات المتحدة، وأثر على صورتها التي رسختها لعقود كقوة مهيمنة على البحار عالميًّا.
ولم يقتصر الأمر على فشل البحرية الأمريكية في إيقاف العمليات العسكرية اليمنية، بل تكبدت أَيْـضاً خسائر كبيرة في الجوانب المادية والجاهزية للقتال في أية معركة قادمة، كما فقدت هيبتَها، بعد أن كانت تُعتبَر العصا الغليظة والقوة الأولى والأَسَاسية للولايات المتحدة.
ولم تدرك واشنطن أن تهديداتها لن تخيف اليمنيين، الذين يرون في الشهادة في سبيل الله غاية سامية، وإن إصرار الولايات المتحدة وحلفائها على ثني اليمن عن دعمه لفلسطين لم يعد مُجديًا، حَيثُ تمكّنت القوات المسلحة اليمنية من الرد على غطرسة أمريكا وإذلال قواتها في البحار.
* المصدر : صحيفة المسيرة
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه