السياسية || محمد محسن الجوهري*

أعلنت السلطات الأمنية الجديدة في سورية عن إحباط عملية انتحارية لتنظيم داعش، كانت تستهدف مقام السيدة زينب -عليها السلام- في ريف دمشق، في حادثة تثير الكثير من علامات التعجب والاستغراب عن حقيقة المخطط الجديد لمستقبل البلاد الأمني.

أول علامات التعجب أن داعش قاتلت في سورية تحت راية الثوار منذ العام ٢٠١١، ولها والجولاني تاريخ مشترك في الذبح والقتل، خاصة ضد كل طرف يختلف معهما في العقيدة التكفيرية، كالشيعة والعلويين وغيرهم من أبناء الشعب السوري ذي الأطياف والوجوه المتعددة، فكيف بقيت داعش تنظيماً مستقلاً خارج النظام الجديد والذي يضم مقاتلين من جنسيات عالمية، ولا يستحي الجولاني من منحها مناصب رسمية في أجهزة الدولة السورية.

النقطة الثانية تتعلق بتصنيف ثوار سورية لتنظيم داعش نفسه، فبعد طغيانها الواسع تنصلت سائر الفصائل من جرائمها، على الأقل إعلامياً، وبدأت تروج لتصنيف جديد تتهم فيه الحكومة السورية السابقة باختلاق تنظيم داعش، والذي وصفته بأنه فصيل وهمي غير موجود إلا في أجهزة النظام الإعلامية لتشويه سمعة الثوار، لكنها اليوم تتبنى نفس الفكرة حرفياً، ولأهداف مرعبة تتعلق بأمن المواطنين ذوي الاتجاهات المناقضة لهم، دينياً وسياسياً، وبات باستطاعة الجولاني تصفية خصومه بأيادي أخرى غير أياديه، ويظهر في الصورة محايداً ومديناً للإرهاب الداعشي المزعوم.

ثمَّ إن عقيدة الجولاني تبيح قتل مخالفيه وذبحهم، فما الذي يجعله يتراجع عن استهدافهم اليوم إلا الخوف على صورته في الإعلام كزعيم وطني لكل السوريين، وهنا يحتاج لوسيلة أخرى لتنفيذ مخططه العقائدي، وليس سوى داعش أمثل لهذه المهمة، والتي ستظل قائمة لخدمة الأهداف المعادية للشعب السوري ما دامت حركة الأخوان في السلطة، فداعش والإخوان وجهان لعملة واحدة.

وبما أن سورية بكلها باتت تحت الهيمنة الصهيونية والغربية، فإن المخطط الطائفي الذي سبق ونفذته واشنطن في العراق هو الأقرب إلى الواقع السوري اليوم، ومن البدهي أن تضرب هذه الطائفة بتلك، عبر التفجيرات والسيارات المفخخة، وما على الجولاني سوى تجاهل المخطط أو تسهيل مروره، قبل أن تتبنى داعش الهجوم بدوافع طائفية.

وعلينا ألا ننسى أن ذلك المخطط الدموي في العراق تم بمجموعات مسلحة كان الجولاني عنصراً فيها، وبالتالي فهو يملك الخبرة اللازمة لتنفيذ المخطط الطائفي، باستثناء أنه اليوم يلعب دور البريء، كما كان الجلبي والهاشمي يعملان في العراق.


* المقال يعبر عن رأي الكاتب