غزة تستعيد قوتها وتعاود ضربها للعدو
السياسية || محمد محسن الجوهري*
لا أمل للعدو الصهيوني في حسم المعركة مع قطاع غزة، رغم ما ارتكبه من إجرام بحق الآلاف المؤلفة من المدنيين على مدى عام ونصف. وها هي فصائل المقاومة تعاود ضرباتها لمكامن الوجع في الكيان، وكأن القتال قد بدأ اليوم ما يعني أن العدو أمام مرحلة من التصعيد المزمن والأبدي مع رجال الرجال في القطاع.
ومن الملاحظ أن الضربات الصاروخية عادت من القطاع لتضرب قلب الكيان، فيما العمليات البرية تشهد تصعيدًا نوعيًا أشبه بذلك الذي نفذه حزب الله بين سنوات 1982و2000، وهي المرحلة الأسوأ في تاريخ جيش الاحتلال الإسرائيلي، بحسب خبراء عسكريين صهاينة.
صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أكدت أن الجيش رصد أساليب قتالية جديدة تتبناها حماس في غزة، استوحتها من الساحة اللبنانية تشمل كمائن استدراج، وزرع عبوات ناسفة شديدة القوة تحت الأرض، وتصوير العمليات ضد قوات الجيش بهدف تحقيق تأثير نفسي واسع النطاق. مشيرةً إلى أن التحقيق يجري في حوادث خطيرة أبرزها ضرب كتيبة "شاكيد" من لواء "جفعاتي" في جباليا (خلال مغادرة الجنود للإجازة)، حيث هاجم ودخل حوالي عشرين مسلحًا إلى الموقع، وقُتل فيها ثلاثة جنود وأُصيب 20 آخرون. وأظهر التحقيق أن عناصر حماس صوروا الهجوم من مسافة قريبة بأسلوب يشبه الهجمات التي نفذها حزب الله على مواقع جيش الاحتلال في الشريط الأمني بجنوب لبنان.
ورداً على ذلك التصعيد، ذكرت الصحيفة أن الجيش يدرس تضييق الخناق على دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وهو الأمر نفسه الذي يثير الاستغراب، حيث إن المساعدات الواصلة إلى غزة قليلة جداً، ومن المستحيل أن يعتمد عليها مقاتلو حماس، لأنها لا تكاد تصل إلى المدنيين العُزل، فكيف بالمسلحين!
ما يخشاه العدو الصهيوني، ويتجنب أن يتحدث عنه في العلن، هو أن التصعيد الجديد في غزة ترافق مع التصعيد الصاروخي القادم من اليمن، فإما أن الغارات اليمنية شتت تركيز الجيش، ما سمح للمقاومة باستعادة قواها على الأرض، أو أن ذلك التصعيد جاء نتيجةً لدفعة جديدة من المعنويات للهجمات الصاروخية ذاتها. وفي الحالتين، فإن اسم اليمن مرتبط بارتفاع وتيرة القتال في القطاع، وعرقلة عملية الحسم التي يراهن عليها العدو.
وهذا في حد ذاته شرفٌ كبير لليمن، وقيمة عملية للتصعيد المستمر والمتزايد تجاه الكيان، وستضاعف - بلا شك - في كل مرة تنجح صنعاء في تطوير قدراتها العسكرية. وهنا تتضح قيمة الإسناد على الأرض وباتت تتجلى في تنكيلٍ عملياتي، يسقط جراءه العديد من جنود الصهاينة بشكلٍ يومي.
وأمام التصعيد في غزة واليمن، لا خيار أمام الكيان إلا أن يوقف عدوانه كليًا على غزة، حيث لا أمل في تحقيق انتصارٍ عسكري حاسم. وهذا أمر يتجنبه العدو لأنه يراه هزيمة عسكرية لها تداعياتها. وفي نفس الوقت فإن استمرار القتال في غزة له تداعياته الكارثية على الكيان، ومن المستحيلات أن تحافظ "إسرائيل" على استقرارها إذا استمرت الهجمات اليمنية لعام آخر، فالضغط الشعبي يتضاعف لوقف الحرب، ولم يعد أمام الكيان أي أوراق ضغط إضافية لوقف جبهات الإسناد.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب