السياسية || محمد محسن الجوهري*

لم يكن الجهاد في الإسلام مجرد فزعة مؤقتة حسب ما يملي الوقت أو الوضع الراهن، بل هو ثقافة إسلامية أصيلة، وفريضة رئيسية في الكتاب والسنة، وقد مشى عليها الرسول صلى الله عليه وآله، وكذلك الأئمة الأطهار من آل بيته الشريف، كالإمام الحسين والإمام زيد عليهما السلام، وبهكذا نهج تنتصر الأمة على طواغيت الداخل والخارج.

ولو أن الأمة حافظت على منهجها القويم كما أتى به الرسول، لما وصل بها الحال إلى مرحلة الهوان والاستعمار الخارجي، فواقع اليوم ليس إلا نتيجة لمرحلة الخذلان الأولى للدين، يوم تخلت الأمة عن وصية نبيها وقدمت عليه الصغار، تماماً كما فعل بنو إسرائيل بعد موسى.

ومن يتذكر تاريخ الأمة، يعلم بأن آخر معركة مع اليهود كانت فتح خيبر، أي في زمن الرسول، لتبدأ بعد رحيله مرحلة أخرى من التصالح والتسامح مع اليهود، وكانت سبباً في الانحطاط التدريجي للأمة حتى وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم، لأن خطورة اليهود لا يدرك حقيقتها إلا آل الرسول، أما غيرهم فقد وقعوا في الفخ وقدموا اليهود في مجالسهم وقضائهم، حتى بات المسلم غريباً في ديار المسلمين، وأصبح اليهود والنصارى يحلون أمور الدولة ويعقدونها منذ كعب الأحبار وحتى شيوخ الوهابية في عصرنا الحاضر.

وكل ما نراه اليوم في أرض الحرمين من إهانة صريحة لبيت الله الحرام وسائر المقدسات الإسلامية، ومجاهرة بالكفر والتصهين، هي نتاج تغييب آل البيت وثقافة الجهاد عن الساحة، حيث لا جهاد بلا راية آل البيت، ولذلك تعاقب الطغاة على عدائهم حتى لا يكون للدين راية، ولا تقوم للإسلام قائمة، وليبقى اليهود سادة العرب، ولو بأسماء مستعارة، كحال أغلب حكام الأمة.

والحل للتحرر من ذلك يكمن بالعودة إلى ما صلح به أول الأمة؛ وهو الولاء لله ورسول وآل البيت، ومن ثم إقامة فريضة الجهاد على أصولها الصحيحة، وعندها ستنتصر الأمة، وسيتسنى لها الثأر من عدوها والنيل منه، كما هو ثابت عند اليهود بأن هلاكهم سيكون على يد أبناء إسماعيل عليه السلام، شريطة ألا يخافوا من الموت.

وللعلم، فإن تأصيل ثقافة الاستشهاد في مجتمعاتنا مرهون بالعقائد الأصيلة، فأهل الحق لا يخشون الموت بل يتمنونه، ولو كان دين الأعراب صحيحاً لتمنوا الموت، لكن حالهم كحال بني إسرائيل، فجميعهم يخشون الموت ويحرصون على الحياة، ومع ذلك يزعمون أنهم على حق، ويسارعون في إفساد الأمة بالثقافات المنحطة والمثبطة، وقد كشفت عملية طوفان الأقصى مدى قبح الوهابية وغيرها من الفرق المنحرفة، وأظهرت للعالم أن الإسلام الصحيح لا يكون إلا ببغض أهل الكتاب وقتالهم، حتى تحرير الأرض والمقدسات، وهذا ما نترقبه بإذن الله عما قريب.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب