عبدالكريم الوشلي*

لامس العدوُّ الهجينُ المركَّبُ -الصهيوني الأمريكي- بكل إمْكَاناته الهائلة وضخامةِ احتشاده العالمي والإقليمي المتواطئ وهول مجازره وإبادته المصبوب على المدنيين أرواحًا ومقوماتِ حياة.. لامس أعلى السقوف في كُـلّ هذا الإجرام والدموية والتوحش التدميري بأفتك الأسلحة وأقوى العتاد، ولم يُفض به كُـلّ ذلك سوى إلى المزيد من الانحدار إلى هاوية لا مفر له منها من السقوط والحاصل الصِّفري بمقياس أهدافه وغاياته الاستراتيجية، وما يسميه “إنجازاتٍ” لا يتعدى كونَه جُماعًا تكتيكيًّا هزيلًا هشًّا يُدرِجُه تحتَ ذلك العدوان وهو نوعٌ من خداع الذات والأدوات والجمهور المستغفَـل!؛ لأَنَّ قتلَ الأطفال والنساء والمدنيين وتدميرَ المنازل وحصرَ بنك الأهداف في الأعيان ومقومات الحياة المدنية والإنسانية التي تحرم كُـلّ شرائع وقوانين الأرض والسماء استهدافها لا يمكن صرفُه في بازار النصر الحقيقي بكل معانيه ومعاييره الاستراتيجية والعسكرية؛ فما بالك بالمنظور الإنساني والأخلاقي والقانوني؟!

في عين هذا المنظور تحديدًا يتعرّى العدوّ ويبدو واضحَ الخسارة والإفلاس ومحاصَرًا بواقع لا يُحسد عليه أمام استماتة الأبطال الذين أجادوا وما زالوا أشرفَ صور الثبات والصمود في وجه العدوّ في كُـلّ جبهات مواجهته ومقاومته، بدءًا من لبنان ومقاومته الإسلامية الفتية المتنامية كَمًّا وكَيفًا ومُرورًا بغزة وفعلها الجهادي المقاوم المتصاعد والعصي على الكسر رغم هول الظروف التي يتحَرّك في ظلها، وهذا شأن المقاومة الإسلامية في العراق وليس انتهاءً باليمن، حَيثُ الموقف الجهادي الملتحم ببقية الجبهات أخذ في المزيد من القوة والفتوة والعنفوان ونوعية ضرباته ومفاعيله البالغة الإيلام للعدوان الصهيوني الهجين ورأسه الأمريكي تحديدًا بشراكاته الغربية الأطلسية والدولية وأدواته الإقليمية المتواطئة، ومصاديقُ هذه الخواص الواضحة في فعل وأثرِ الدور اليمني في هذه المواجهة المصيرية تزخر بها حتى تصريحاتُ واعترافات قادة ومسؤولي البنى والهياكل العسكرية والأمنية ومراكز البحث والتحليل وقادة القطع العسكرية المتسكعة هنا وهناك للعدو الأمريكي نفسه وشريكه الغربي، والتي سارع الكثير منها للفرار مشيعًا بالخوف والذعر؛ وما أمرُ روزفلت وأيزنهاور وغيرهما وأخيرًا وليس بآخر إبراهام لنكولن التي كانت الصفعة اليمنية القاسية لها بين العينين.. عنا ببعيد!

هذا هو شأنُ وواقعُ المواجَهة مع هؤلاء الأعداء ومشروعهم الاحتلالي الغاصب وهجمتهم الدموية البالغة ذروة ذرواتها اليوم على أمتنا.. وفيه الكثير الواضح والذي لا لبس فيه من محفزات اليقين من أن المآل النهائي والمؤدَّى الحتمي لكل ما يجري هو لصالحنا، لصالح هذه الأُمَّــة المظلومة ومجاهديها الميامين ومقاوميها الأبرار والروحِ الإيمانية الصُّلبة الكامنة في صميم هُويتها ووجودها، تغذِّيها أنفاسُ العطاء والبذل الأسمى والأسخى والشهادة، وما أدراكَ ما الشهادةُ وأيَّةُ طاقة محركة لأقوى وأقوم وأنبل وأوعدِ مواكب السير نحو مستقبل العزة والحرية والكرامة لهذه الأُمَّــة وشعوبها المظلومة؟

وفي مناسبة الذكرى السنوية للشهيد التي نعيشُها في يمن الإيمان والتحرُّر والاستقلال، يمن الصبر والصمود والجهاد الملتحم -بكل طاقته- بأحرار أمته ومجاهديها في كُـلّ جبهاتهم على طريق القدس.. تتشكَّلُ أبهى الملامح لذلك المعنى السامِقِ للشهادة، وهو يرفرفُ في آفاقِ الذكرى قائلًا للشعب المضحي المجاهد: هذا هو معراجُك الأكيدُ نحو معالي المجد والسؤدد والخَلاصِ من ليل الطُّغاة والمعتدين، والمعنى ذاته يحُطُّ جليًّا واضحًا في مستقر وعي كُـلّ حر مجاهد مستبصِر من أبناء هذه الأُمَّــة التي طال بها أمدُ النزيف والمعاناة والأحزان، وآن لها أن تعانقَ فجرَ الخلاص، وقريبًا بإذن الله يكون ذلك.

* المصدر : موقع انصار الله
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه