السياسية:

هذا الكلام المقزز، لا يمكن وصفه بالسقوط الأخلاقي فحسب، بل هو سقوط من القيم الإنسانية بشكل عام، فلا يمكن أن يصل شخص ما إلى هذا المستوى من الحقارة والنذالة والخسة، ويصف أشرف من في قومه ودينه من الرجال الذين ضحوا بحياتهم دفاعا عن مقدساته ودينه وأرضه وعرضه بالإرهابيين ومصاصي الدماء، حتى أن الكثير من مشاهدي تلك القناة، كانوا يعتقدون أن القناة تعرضت لقرصنة من قبل الكيان الصهيوني، الذي بث عبر شاشتها هذا التقرير، ولكن هذا الاعتقاد ما أسرع أن تبخر، بعد أن اتضح أن القناة هي المسؤولة عن التقرير.

ما لم تتوقعه الجهات الممولة والمسؤولة عن تلك القناة، هو أن يثير هذا التقرير المخزي، كل ردود الفعل الواسعة والمنددة، لأنها كانت تتصور، أن المقاومة انهارت وأن جمهورها رفع الراية البيضاء، بعد استشهاد بعض قادتها، إلا أن الأمر جاء على خلاف تصورها، خاصة بعد ردة الفعل العراقية الشجاعة، لذلك اضطرت إلى حذف التقرير، والإعلان عن فتح تحقيق مع الجهات التي تقف وراءه في القناة، في محاولة للتنصل من هذا العمل العار والمنحط.

الكثيرون أكدوا أن القنوات "الإسرائيلية" ومنها "القناة 14" المعروفة بتوجهاتها الصهيونية العنصرية المتطرفة، ما كانت لتبث هذا التقرير، الذي ينضح غباء لا يوصف، لأنه ينتقص من اعتبار تلك القنوات الصهيونية.. ولكن الذي غاب عن هؤلاء هو أن التقرير لا ينضح غباء فحسب، بل حقدا لا يوصف ضد أناس، لا يكنون أي عداء للجهة التي تقف وراء تلك القناة، الأمر الذي يكشف عن تواطؤ بين الجهات التي تقف وراء القناة وبين الصهاينة قتلة أطفال ونساء غزة. ان القناة قدمت خدمة مجانية، للكيان "الإسرائيلي"، دون أن تحصل على شيء في المقابل، سوى لعنة العرب والمسلمين، وخاصة المظلومين في غزة، الذين يتعرضون إلى إبادة جماعية، أثارت حفيظة شعوب العالم أجمع وفي مقدمتهم الشعب الأمريكي، الذي انتفضت جامعاته انتصاراً لأهل غزة، وتنديدا بجرائم الإرهابيين الحقيقيين، بايدن وبلينكن وأوستن ونتنياهو وغالانت وهاليفي.

اللافت في تقرير قناة "إم بي سي" السعودية، محاولتها وضع قتلة المسلمين، والمسيئين للدين الإسلامي الحنيف، من زعماء العصابات التكفيرية، في خانة واحدة مع أشرف الأناس، قادة محور المقاومة، الشهداء قاسم سليماني، والسيد حسن نصرالله، وأبو مهدي المهندس، وإسماعيل هنية، وعماد مغنية، وجهاد مغنية، وسمير القنطار، وفؤاد شكر، والسيد بدرالدين الحوثي، وصالح العاروري، ويحيى السنوار.. وهي محاولة كانت في قمة الغباء، فالإنسان العربي العادي، بات على دراية كاملة، بالفرق الشاسع بين قادة الإرهاب التكفيري، وبين قادة محور المقاومة، فقادة الإرهاب التكفيري، ليسوا سوى بيادق بيد الأميركي و"الإسرائيلي"، يستخدمه كلما أراد ضرب أمن واستقرار الدول والبلدان العربية والإسلامية، كما حصل في العراق وسوريا ولبنان واليمن، خدمة لـ"إسرائيل".

رغم أننا توقفنا قليلا أمام تقرير قناة "ام بي سي" الذي جاء تحت عنوان يلخص التوجه الصهيوني لهذه القناة، وهو :"ألفية الخلاص من الإرهابيين. الشخصيات التي روّعت العالم وسفكت الدماء"، إلا أن هذا التوجه ليس محصورا بهذه القناة التي كانت أول قناة عملت على نسف القيم والأخلاق العربية والإسلامية، و تفكيك عرى الأسرة العربية، عبر الإفلام والبرامج الداعرة، تحت يافطة الترفيه، فهناك قنوات عربية أخرى بالعشرات، أكثر صهيونية من الصهاينة، بل هناك قنوات عراقية تبث خارج العراق، وتستضيف فلول البعث الصدامي والطائفيين والحاقدين والدواعش، تحت يافطة حرية التعبير، بينما هم ليسوا إلا أبواق رخيصة للصهيونية ومشروعها التفكيكي للمجتمعات والدول العربية، بل أن هناك العشرات من الصحف والمواقع الإلكترونية، تشن حملات مسعورة ليل نار ضد كل شرفاء الأمة، بهدف نسف روح المقاومة، وبث روح الخذلان والإحباط والاستسلام والابتذال في الشباب العربي، فعلي سبيل المثال لا الحصر، فبالرغم من وقوع خبر استشهاد البطل يحيى السنوار، على الشعوب العربية والإسلامية والحرة في العالم، وقع الصاعقة، إلا أن صحيفة "عكاظ" السعودية، أبت إلا أن تسبح عكس التيار، فخرجت علينا، وعلى صفحتها الأولى، بعنوان في قمة الخسة، حيث كتبت وبالخط العريض "إسرائيل تلحق السنوار بهنية... حماس بلا رأس"!!

فرحة "عكاظ" باستشهاد البطل يحيى السنوار، لم تضاهيها فرحة سوى فرحة المجلة الأميركيّة "تايم" حيث نقلت خبر استشهاد السنوار باستخدام رسمة بورترية رقمية لوجه الشهيد السنوار، تُغطيها علامة «إكس» حمراء!

شيطنة الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين واليمنيين والعراقيين وكل من يتصدى للإرهاب الصهيوني، من قبل الإعلام العربي المتصهين، هو سقوط مهني وإعلامي وأخلاقي، يبزّ الأعلام الصهيونية.. إلا أن محاولات تخدير أو كسر إرادة الشعوب العربية، وخاصة حواضن محور المقاومة، قد باءت بالفشل، فمعركة "طوفان الأقصى" لم تكشف إجرام أميركا والغرب ووحشية الصهاينة فقط، للإنسان العربي والمسلم والحر في العالم، بل كشفت قبل ذلك عن الوجه القبيح للصهاينة العرب، الذين يتنافسون على تقديم فروض الطاعة و الولاء للثنائي الأميركي "الإسرائيلي"، رغم علمهم أن الهدف النهائي لهذا الثنائي هو "توسيع مساحة "إسرائيل" لتشمل بعض أجزاء من دولهم!!.

أخيرا نقول للصهاينة العرب، لقد صدعتم رؤوسنا بمقولة أنه "لا يمكننا أن نكون ففلسطينيين أكثر من الفلسطينيين"، ولكن كيف أصبحتم إذا "صهاينة أكثر من الصهاينة؟" اخزاكم الله في الدنيا قبل الاخرة.

* المادة نقلت حرفيا من موقع قناة العالم