السياسية – متابعات :

في دقائق معدودة، جرف مطر الصواريخ الايرانية الذي انهمر امس الثلاثاء، على اهم المراكز العسكرية والاستخباراتية في الكيان الاسرائيلي، كل "الانجازات" التي كان يعتقد رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو، انه حقهها خلال الاشهر القليلة الماضية، ضد محور المقاومة، والتي تمثلت بالاغتيالات الجبانة لقادة المحور، وادخلته تلك الجرائم في نشوة، دفعته الى ان يتوج نفسه "ملكا" على منطقة الشرق الاوسط، يقرر مصيرها كيفما شاء، فاذا به يظهر على حجمه الحقيقي ضئيلا وصعلوكا، رغم كل النفخ الامريكي والغربي له ولكيانه.

ليلة مطر الصواريخ الايرانية، الذي انهمر على جميع جغرافيا فلسطين المحتلة، خاصة على ثلاث قواعد عسكرية واستخباراتية، شاركت في جرائم اغتيال الشهداء اسماعيل هنية والسيد حسن نصرالله وعباس نيلفروشان وباقي قادة محور المقاومة، كان قد انهمر قبل ذلك، على المخطط الامريكي الاسرائيلي، المدعوم من الدول الغربية وبعض الدول العربية، والرامي الى دفن روح المقاومة للمحتل الاسرائيلي في نفوس شعوب المنطقة، عبر القضاء على حزب الله وحماس والجهاد وباقي فصائل المقاومة في فلسطين المحتلة، وانصار الله في اليمن وفصائل المقاومة في العراق وسوريا، وكذلك عبر العمل على تفكيك الوحدة بين هذه الساحات. فجاءت ليلة الصواريخ الايرانية، لتعيد التأكيد على صلابة الوحدة بين هذه الساحات، وتعزز من روح المقاومة والمقاومين، وتُفشل المخطط الامريكي الاسرائيلي، وتجعل هذا الثنائي المشؤوم، يلعق مرارة الهزيمة.

200 صاروخ بالستي وفرط صوتي ايراني نزلت مرة واحدة على مراكز الاجرام الاسرائيلي، فأصابت 90 بالمائة منها اهدافها وبدقة، ودفعت المستوطنين في جميع انحاء فلسطين المحتلة، إلى الملاجئ، رغم ان الصواريخ لم تكن تستهدفهم، كما تفعل صواريخ كيانهم الارهابي في غزة ولبنان، الامر الذي كشف عن فشل استخباراتي امريكي اسرائيلي، وفشل عسكري فاضح، بعد ان فشلت كل منظومات الدفاع الجوي الامريكية والاسرائيلية والفرنسية والبريطانية، في الحيلولة دون وصول الصواريخ إلى أهدافها.

المهم في الهجوم الصاروخي الايراني، الذي جاء ردا على سلسلة كبيرة من الاعتداءات الاسرائيلية على السيادة الايرانية، وعلى الحاضنة الشعبية لمحور المقاومة، وعلى قادة المحور، هو ان هناك قيادة في ايران مصممة، على الوقوف في وجه التوحش الاسرائيلي، المدعوم امريكيا وغربيا، مهما كانت النتائج. وهذه القيادة، عندما اتخذت قرار الهجوم، اخذت في الحسبان ان الثنائي الامريكي الاسرائيلي، قد يرد، وبذلك تكون قد اعدت العدة للرد على الرد الاسرائيلي الامريكي، وهذا الامر بحد ذاته، يُسجل للقيادة الايرانية، لتحليها بشجاعة وحكمة، تجعلاها تتصدى لأكبر قوتين غاشمتين، اقليمية وهي "اسرائيل"، ودولية وهي امريكا، دون ان يرتد لها جفن.

رغم ان التصريحات الاولية للمسؤولين الامريكيين وفي الكيان الاسرائيلي، حول ليلة الصواريخ الايرانية، توحي ان هناك تراجعا في مواقفهم. فالامريكيون اعلنوا ان "الهجوم لا يستدعي الرد"، والاسرائيليون قالوا انه "فشل"، وانهم سيردون "في التوقيت والمكان المناسبين". تصريحات تتناقض مع حجم الصور والافلام التي تم تناقلها على شبكات التواصل الاجتماعي، والتي اظهرت ان الهجوم الايراني، كان غير مسبوق فهو اكبر هجوم يستهدف الكيان، منذ زرعه في قلب العالم الاسلامي وحتى اليوم. ولكن رغم ذلك، فان ايران كما صرح مسؤولون في الحرس الثوري، إن "أصابع إيران على الزناد، وإن ألف صاروخ من شتى الطرازات موجهة في الوقت الراهن نحو الكيان الصهيوني وان ايران حددت بنك أهداف مكونا من 5 آلاف نقطة حساسة في المنطقة قد يطالها الرد الإيراني في حال قامت تل أبيب وحلفاؤها بأي مغامرة ضد السيادة الإيرانية".

لا نعتقد ان الرد الايراني سيتأخر كثيرا، في حال تجرأت "اسرائيل"، بدعم امريكا، على استهداف ايران، فقد توالت تصريحات كبار القادة العسكريين في ايران، خلال الساعات القليلة الماضية، والتي اكدت جميعها على ان الرد سيكون ساحقا ماحقا. فقد حذر القائد العام للجيش الإيراني اللواء عبد الرحيم موسوي الصهاينة من ارتكاب اي خطأ اضافي فالرد سيكون وقال ان ردنا سيكون "أكثر شدة، وعندها قد نقرر تدمير البنية التحتية باكملها". اما رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، فحذر "اسرائيل" قائلا: أنه: "إذا لم يتم لجم الكيان الصهيوني، وقام بأي إجراء ضد إيران فسوف نستهدف جميع بنيته التحتية". بينما شدد وزير الدفاع واسناد القوات المسلحة العميد عزيز نصير زاده، على ان ايران "تمتلك القدرة على مهاجمة البنى التحتية الاقتصادية للكيان لكننا اقتصرنا بالهجوم على قواعده العسكرية".

يتفق جميع المراقبين على ان الهجوم الصاروخي الايراني على الكيان المحتل، "وضع الحلف الأميركي الإسرائيلي أمام خيارين، الرد وتحمل تبعات التصعيد المفتوح، أو تقبل حقيقة أن معادلات الردع ليست بين أيديهم". وان محور المقاومة، رغم خسارته قامات شامخة كالشهيد السيد حسن نصرالله، والشهيد اسماعيل هنية، والشهيد عباس نيلفروشان ورفاقهم الابرار، قد استعاد في ليلة مطر الصواريخ الايرانية، زمام المبادرة، بعد ان لطم نتنياهو على وجهه، ونتف ريشه المنفوش، ليرى حجمه الحقيقي ويكف عن غطرسته، بعد ان ظن ان الساحة خلت له ليفسد فيها ويسفك الدماء.. "وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين".

* المادة تم نقلها حرفيا من موقع قناة العالم