إدارة بايدن تسعى لاحتواء "الهزيمة الإستراتيجية" التي لحقت بالكيان الصهيوني
السياسية - تقرير || عبدالعزيز الحزي*
تسعى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لاحتواء "الهزيمة الإستراتيجية" المدوية التي لحقت بالكيان الصهيوني، من خلال الزيارات المكوكية للمسؤولين الأمريكيين للمنطقة والأراضي الفلسطينية المحتلة، لكسب الوقت وفرض أجندة اتفاق جديد على حركة حماس تلبى المطالب الصهيونية بالرغم من مخاوف اندلاع حرب شاملة في المنطقة.
وتتمثل الهزيمة الإستراتيجية، برأي الكثير من الخبراء، بعدم تحقيق أهداف الحرب المُعلنة وسط مخاوف من توسع الصراع لتشمل حرب إقليمية تُعِرض الكيان الصهيوني للخطر الوجودي، ومصالح الأمريكي للخطر كذلك، وفقدان الردع أيضا الذي أصبح قائماً فعليا.
ولجأ الكيان الصهيوني في 31 يوليو الماضي إلى اغتيال قائد حركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية في طهران وقبله القائد في حزب الله اللبناني فؤاد شكر في الضحية الجنوبية، واستهداف ميناء الحديدة في اليمن كذلك وذلك بسبب فشل العدو الصهيوني في تحقيق أهدافه من الحرب في قطاع غزة.
وبدأ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأسبوع الماضي جولة إلى المنطقة، بدأها من الأراضي الفلسطينية المحتلة في محاولة لاحتواء توسع الصراع في ظل التعنت الصهيوني المستمر منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر وتصعيده للصراع بعملياته الإجرامية في المنطقة.
وعادة ما تنتهي جولات بلينكن إلى الشرق الأوسط في كل مرة بـ"صفعة" من الكيان الصهيوني بعد تصريحات علنية متباعدة بين أمريكا والكيان الصهيوني، والسبب هو أصرار نتنياهو على استمرار الحرب والإبادة الجماعية والبقاء في القطاع ورفضه العلني لأي صفقة لوقف لإطلاق النار وتبادل الأسرى.
وفي ختام جولته للمنطقة أبدى بلينكن ومسؤولون أمريكيون آخرون تفاؤلا بإمكانية الوصول الى اتفاق، لكن الوضح أن هناك خلافات كبيرة بين حركة المقاومة الإسلامية حماس والكيان الصهيوني وجدالا بين الوسطاء بشأن الاتفاق في حين يتعمد نتنياهو في كل جولة وضع شروط جديدة لتعطيل الصفقة.
وسعت أمريكا مُجدداً إلى خلط الأوراق وتقديم مقترح جديد، عن طريق وزير خارجيتها بلينكن، يستجيب هذا الاتفاق الجديد لشروط العدو الصهيوني ويتماهى معه، وفقا لمصادر قيادية في حماس.
وحذرت واشنطن مرارا من احتمال تعرض الكيان الغاصب لهزيمة إستراتيجية وهو ما يتأكد فعليا على أرض الواقع حيث فشل العدو الصهيوني في تحقيق أي من أهدافه المعلنة بالرغم من أن واشنطن وفرت له الغطاء السياسي والدعم العسكري الكامل من أجل تحقيقها وهي : القضاء على "حماس" وإعادة الأسرى الصهاينة، ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية" ومتابعة التطبيع ودمج الكيان الصهيوني في المنطقة.
ويرى الكثير من الخبراء أن الولايات المتحدة، ومنذ بداية العدوان قدمت كل ما يمكن تقديمه لحماية الكيان الصهيوني لكن الكيان الغاصب دخل نقطة اللاعودة، وأن خسارته الإستراتيجية بدأت في التزايد، لأنها تحولت من صدمة السابع من أكتوبر الماضي إلى صدمة انهيار الردع بشكل كامل.
وترغب واشنطن في أن يخرج الكيان الصهيوني مُنتصراً ولو بما يسمح بحفظ ماء الوجه والإعداد لترتيبات ما بعد الحرب على غزة، لكن نتنياهو يريد إبقاء حالة الحرب لاعتبارات شخصية ورغبة منه لجر أمريكا إلى مواجهة عسكرية في المنطقة لإنقاذ كيانه الغاصب من الخطر الوجودي الذي يتهدده ويراه نتنياهو بأم عينيه قريبا.
ووفق الكثير من الخبراء، فإن أمريكا تحاول خلق مقاربة جديدة لتحقيق أهداف فشل الكيان بتحقيقها عسكرياً في غزة، وأن جولة بلينكن الأخيرة كانت للترويج لمقترح جديد وهو ما يمثل انقلاباً على اتفاق الثاني من يوليو الماضي والذي وافقت عليه حركة حماس.
وما تطرحه الولايات المتحدة ليست "حلول واقعية"، إذ تريد موافقة حماس على مقترح يلبي مطالب نتنياهو بتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق ومن ثم العودة للحرب ناهيك عن بقاء القوات الصهيونية في محوري نتساريم وفيلادلفيا.
ويبدو أن نتنياهو يرغب بإبقاء المنطقة في حالة حرب حتى عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض -في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية- بهدف إشعالها أكثر ومساعدة الكيان الصهيوني بما يلزم، ولذا يطرح نتنياهو شروطاً يعرف أن حماس ترفضها لكي يستمر في الحرب -بحسب الخبراء- في حين أن إدارة بايدن تبحث عن سلام إقليمي، ولا يمكن أن يحدث دون تسوية الوضع بغزة.
ويعتقد الخبراء أن إدارة بايدن بموقف لا يخولها فرض أي شيء على نتنياهو، وأنها ستبُقي دعمها للكيان الصهيوني، ولكنها ستكون قادرة على التأثير بالوضع إذا جرت انتخابات في الكيان الصهيوني لاستبعاد نتنياهو.
ويرى الخبراء أن نتنياهو يحاول إرباك المشهد إلى يوم الحسم في السادس من نوفمبر المقبل؛ أي اليوم الذي يلي الانتخابات الأمريكية لأن لديه مشكلتان، الأولى محاولة بقاء حكومته حتى 28 يوليو موعد العطلة الرسمية للكنيست، والثانية قدوم السابع من أكتوبر المقبل وإمكانية تحمل الشارع لذلك في ظل عدم إنجاز أهداف الحرب كما أنه يحاول تعقيد المشهد العالمي والغربي بقوله إنه لا يوجد أي أفق للحل بحسب الرؤية الأمنية الصهيونية.
سبأ