السياسية || محمد محسن الجوهري*

بعد مرور أكثر من 72 ساعة على اغتيال الكيان الصهيوني للشهيد إسماعيل هنية، لم يجرؤ - حتى اللحظة- النظام السعودي على إدانة الجريمة بشكلٍ واضحٍ وعلني، باستثناء ما تناولته وسائل إعلام غير سعودية، من إدانة وزير خارجيتها فيصل بن فرحان للجريمة خلال اتصالٍ هاتفي مع نظيره الإيراني "علي باقري كني"، ولم يتم تأكيد الخبر بشكلٍ رسمي.

عوضاً عن ذلك نقلت وكالة الأنباء السعودية "واس"، أن وزير الخارجية السعودي تلقى اتصالاً من نظيره الأمريكي "أنطوني بلينكن"، بحثا فيه تطورات الوضع في السودان وسائر دول المنطقة، ، مؤكدة أن الطرفان شددا على أهمية خفض حدة التصعيد والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة"، دون الإشارة إلى خبر استشهاد هنية.

ولم يصدر عن المملكة أي بيانٍ للإدانة حتى اليوم، ولا يزال التجاهل هو الموقف السائد للقيادة السعودية، إلا أن الإعلام الموازي للرياض يكشف أكثر من ذلك، ويظهر احتفاءً واسعاً، ومباركة غير مباشرة بجريمة الاغتيال، عبر العشرات من النشطاء السعوديين، ممن اعتبروها انتصاراً لحليفتهم "إسرائيل"، كما أظهرت مشاهد مصورة احتفالات لرجال دين يهود وآخرين من السعودية، فيما قيل عنه أنه تهنئات متبادلة بالجريمة.

ولم يعد خافياً أن الرياض وتل أبيب أصبحتا وجهين لعملة واحدة، منذ وصول سلمان بن عبدالعزيز ونجله محمد إلى السلطة، على عكس ما كانت تخفيه المملكة في العقود السابقة، وصرنا نرى الحاخامات الصهاينة يتجولون في الحرمين وشوارع المملكة وسط حماية الأمن السعودي في مشهدٍ يؤكد أن الوهابية من صنع الصهيونية العالمية، وهو ما كشف عنه "المستر همفر" في مذكراته الشهير الصادرة عام 1888م، وذكر فيها أن محمد بن عبدالوهاب مجرد أداة صنعها الإنجليز لضرب المسلمين من الداخل.

وبالعودة لتعاطي الإعلام السعودي مع الجريمة، اعتبرت قناة العربية أن الحادثة مجرد ضربة لإيران، وأن إسرائيل عازمة على التخلص من حماس، رداً على ما وصفته، بمهاجمة الحركة لجنوب إسرائيل في أكتوبر الماضي، مؤكدة أن حماس تسرعت بشنها لذلك الهجوم الذي خالف تقديراتها المتوقعة.

وقد أسهبت القناة في الحديث عن تفاصيل مزعومة للعملية في محاولة لإظهار التفوق الإسرائيلي على خصوم الكيان، كعادة القناة في تلميع إسرائيل وتقديمها كعدو لا يقبل الهزيمة، وهي سياسة واضحة للإعلام السعودي في تعامله مع الصراع ضد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

أما نشطاء السعودية الكبار على مواقع التوصل الاجتماعي، فقد أظهروا احتفالاً بالجريمة يفوق تلك التي جرت في الكيان الصهيوني، حيث نشر الدبلوماسي السعودي "عبدالله الطويلعي" كاريكاتير يسخر من شخص هنية، بعد إعلانه توزيع الحلوى بالمناسبة.

فيما وصفه الدكتور "محمد الحصين" بالخائن للقضية الفلسطينية، مستخدماً ألفاظاً نابية في الحديث عن الشهيد هنية، وأن الحادثة لا تستحق التداول الإعلامي، لأنها خاتمة سوء في الدنيا والآخرة، حسب زعمه.

أما عن معظم تصريحات نشطاء المملكة وذبابها الإلكتروني، فالأفضل تجاهلها لما تتضمنه من عداءٍ علني للقضية الفلسطينية، ودعم مباشر للكيان الصهيوني ومباركة جرائمه بحق الأهالي في قطاع غزة بذرائع واهية، منها أن الشعب الفلسطيني وقف إلى جانب النظام العراقي في عدائه للمملكة قبل أكثر من ثلاثة عقود وغيرها من الذرائع التي تؤكد أن النظام السعودي يتبنى خطاباً يهودياً في العلن، وأن السعودي إسرائيلي والإسرائيلي سعودي، كما يؤكد المعارض الحر "ثامر الزهراني".

* المقال يعبر عن رأي الكاتب