السياسية:


استفاق العالم على خبر شهادة إسماعيل هنية؛ القائد الجهادي ورئيس المكتب السياسي في حركة حماس، في اغتيالٍ "إسرائيلي" في العاصمة الإيرانية طهران، فيما كان يترقب ليلاً نتائج عملية اغتيال "إسرائيلية" أخرى في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.

شهادة هنية في جريمة موصوفة تجاوز فيها الاحتلال ما بقي من حدود وخطوط حمر هي خاتمة يتمناها كل من أفنى شبابه وعمره في سبيل المقاومة وتحرير الأمة، وهي مُنى كل من وقف في وجه دول الاستعمار والاضطهاد.

جاء دور هنية اليوم، ليبذل نفسه في سبيل الله والدفاع عن الأرض والمقدّسات، وأسمى الجود في هذا الطريق بذل النفس، بعدما بذل قائد حماس العشرات من أولاده وأهله وأحفاده شهداء من دون أن يبخل بهم في سبيل تحرير فلسطين.

قد تكون الشهادة خبراً مُفجعاً لأحرار العالم ولمؤيدي المقاومة في هذه المرحلة الحساسة جداً، لكن على الرغم من الحزن على فقد شخصية مثل هنية لديها باع طويل في المقاومة ومسيرة زاخرة في الجهاد، فإن هذا الخبر يزيد في قلوبهم الحقد والرغبة في الانتقام من الاحتلال، كما يزيدهم تمسكاً بخيارات المقاومة، فأمّتنا، والمقاومة الفلسطينية، عهدت اغتيالات مماثلة، من الشيخ أحمد ياسين إلى الدكتور عبد العزيز الرنتيسي إلى صالح العاروري. من بعدهم خرج من يثأر لدمائهم ويكمل المسيرة بزخم أقوى.

الشعب سيخرج لتشييع الشهيد هنية غداً، ثمّ سيذهب ليأخذ بالثأر له، وسيقول للاحتلال إنّه على عهد القائد أبي العبد، وعلى عهد الشهداء، بإكمال المسير الذي بدأوه.

ولادةٌ في اللجوء
وُلد هنية في مخيم الشاطئ للاجئين في قطاع غزة في 23 أيار/مايو 1963، بعدما لجأ إليه والداه من مدينة "عسقلان" بعد النكبة عام 1948.

تخرج عام 1987 من الجامعة الإسلامية بعد حصوله على إجازة في الأدب العربي، ثم حصل على شهادة الدكتوراه من الجامعة الإسلامية عام 2009.

نشاطه السياسي
بدأ هنية نشاطه داخل "الكتلة الإسلامية" التي كانت تمثل الذراع الطلابية للإخوان المسلمين في قطاع غزة، ومنها انبثقت حركة المقاومة الإسلامية حماس.

كان عضواً في مجلس طلبة الجامعة الإسلامية في غزة بين عامي 1983 و1984، ثم تولى في السنة التالية منصب رئيس مجلس الطلبة.

اعتقلته سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" عام 1989 لمدة 3 سنوات، ثم نُفي بعدها إلى مرج الزهور على الحدود اللبنانية الفلسطينية مع ثلة من قادة حماس.

عاد إلى غزة بعد قضائه عاماً في المنفى، وتم تعيينه عميداً في الجامعة الإسلامية فيها. وعام 1997، عُيِّن رئيساً لمكتب مؤسس حركة حماس، الشيخ أحمد ياسين، بعد إطلاق سراحه.

انتُخب رئيساً لحركة حماس في قطاع غزة عقب استشهاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي عام 2004.

ترأس في كانون الأول/ديسمبر 2005 قائمة "التغيير والإصلاح" التي فازت بالأغلبية في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية عام 2006.

رشحته الحركة في 16 شباط/فبراير 2006 لتولي منصب رئيس وزراء فلسطين، وتم تعيينه في العشرين من ذلك الشهر.

انتُخب في أيار/مايو 2017 رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس خلفاً لخالد مشعل.

محاولات اغتياله
تعرّض إسماعيل هنية لعدة محاولات اغتيال، كان آخرها عام 2003، حين نفذ الطيران "الإسرائيلي" غارةً استهدفت مجموعة من قيادات المقاومة عقب عملية استشهادية لكتائب القسام.

طوفان الأقصى
فور إطلاق حماس عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ظهر هنية في فيديو بثّته وسائل إعلام مبتهجاً مع قادة الحركة في مكتبه في الدوحة، فيما كان يتابع تقريراً عبر إحدى القنوات العربية لمقاتلين من كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، يستولون على آليات عسكرية إسرائيلية، قبل أن يؤمّ صلاة "لشكر الله على هذا النصر"، بحسب تعبيره.

في 10 نيسان/أبريل استشهد 7 من أفراد عائلة رئيس المكتب السياسي لحماس، بينهم 3 من أبنائه وعدد من أحفاده، في قصف إسرائيلي استهدف سيارة كانت تقلهم في مخيم الشاطئ عندما كانوا يتجولون لتهنئة سكان المخيم بحلول عيد الفطر آنذاك.

واستشهد 10 أشخاص من عائلته، بينهم شقيقته، في قصف "إسرائيلي" استهدف منزلهم في مخيم الشاطئ غربي غزة في 24 حزيران/يونيو.

وعلّق هنية على الحادثة، قائلاً إن دماء شقيقته أم ناهض وأبنائها وأحفادها تختلط بدماء الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، وكل أماكن وجود الشعب الفلسطيني، ولن تزيده "إلا ثباتاً على الموقف ورسوخاً في المسار ويقيناً بالانتصار"، مؤكداً أنّهم "فازوا بالشهادة في منزلة مباركة ومعركة خالدة منتصرة".

أهم مواقفه
صرّح عقب إبلاغه نبأ استشهاد أبنائه وأحفائده: "دماء أبنائي وأحفادي الشهداء ليست أغلى من دماء أبناء الشعب الفلسطيني. أنا أشكر الله على هذا الشرف الذي أكرمني به باستشهاد أبنائي الثلاثة وبعض أحفادي".

وفي خطاب ألقاه عام 2014 رداً على الحصار المستمر على قطاع غزة، قال: "نحن قوم إذا كان قراركم الحصار، فإن قرارنا هو الانتصار، وإذا كان القرار تركيع غزة والشعب، فقرارنا هو أننا لا نركع إلا لله. وعلى كل صانعي القرار داخل وخارج فلسطين أن يلتقطوا رسالة هذا الشعب. نحن قوم نعشق الموت كما يعشق أعداؤنا الحياة، نعشق الشهادة على ما مات عليه القادة، كما يعشق الآخرون الكراسي. خذوا كل الكراسي وأبقوا لنا الوطن".

* المادة نقلت حرفيا من موقع الميادين نت