السياسية:


استحوذت حادثة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل يوم 27/7/2024، اهتماماً واسعاً في الوسط "الإسرائيلي" إثر هجوم صاروخي كان مجهول المصدر في البداية. سارع على إثرها الإعلام العبري ومحللوه وقادة الكيان إلى اتهام حزب الله باستهداف المدنيين، وأمام حجم التصريحات "الإسرائيلية"، والمعلومات المغلوطة كما ورفع السقف تهديداً بالحرب، جاء بيان حزب الله، ليوضح المشهد وينفي استهداف قرية مجدل شمس كاشفاً تستر الكيان واستغلاله الموقف للتهرب من الكارثة التي أدّت لعدد من القتلى والجرحى المدنيين من سكان هذه المنطقة.

منذ بداية الأحداث تصاعدت حدّة التهديدات وتضاعف عددها لتشمل مختلف أقطاب الكيان السياسية سواء المعارضة أو الحكومة أو الجهات العسكرية كما والإعلامية.
وعبّرت التعليقات عن رد فعل أولي تمثّل بانفعال كبير في التصريحات التي تناولت ضرورة شنّ حرب على حزب الله والردّ الصارم والقوي على اعتبار أن حزب الله قد تجاوز الخط الأحمر، حيث كثرت الدعوات لفتح النار على كل لبنان واستهداف البنية التحتية وتدفيع حزب الله الثمن، كما والحديث عن الاستعدادات لتغيير توجيهات الجبهة الداخلية واعتبار الحادثة نقطة تحوّل في الحرب.

كان التوقع "الإسرائيلي" في البداية، أنه باستغلال هذه الحادثة يمكن تحقيق أهداف عدّة أوّلها الضغط على حزب الله في التفاوض وتحصيله التراجع وبعض التنازلات من قبله، كما وتحصيل بعض الدعم والتعاطف الدولي مع الحادثة، فكان اللافت إسراع الكيان لنشر صور أشلاء المدنيين، سعياً منه للتّستر على الخطأ الذي وقع واستغلال الحدث لصالحه، كما والعمل على كسب تشريع وتأييد لأي خطوة تصعيدية متوقّعة. ومن العوامل المؤثرة في طبيعة الرد:

- سوء العلاقة بين رئيس الوزراء ووزير الجيش

- كيفية الخروج من ديناميكية التصعيد بعد الدخول إليها دون الانزلاق في الحرب الإقليمية

- استمرار الحرب في الجبهة الجنوبية، غزة.

إذا أضفنا إلى هذه التحليلات التسريبات بشأن المشاورات الأمريكية "الإسرائيلية" حول "حدود العملية" في لبنان، وتحميل حزب الله المسؤولية، قد يكون التصعيد "المحدود" خياراً لإعادة ضبط المسار باتجاه إدارة المواجهة مجدداً ضمن عمليات التصعيد التدريجية.

تقييم

- يبدو أن الكيان من جديد يحاول التستّر على أخطائه واستغلالها من أجل تبرير أي خطوة مقبلة تصعيدية تجاه لبنان.

- استغلال الكيان الحادثة ونشر الصور لتحصيل التعاطف الدولي.

- يبدو أن القبة الحديدية من جديد فشلت في اعتراض صواريخ المقاومة، لكن هذه المرة كان لذلك ثمناً دفعه عدداً من المدنيين في منطقة مجدل شمس الأمر الذي يوضّح سعي الكيان وإصراره على تحميل حزب الله المسؤولية.

- يستعدّ الكيان المؤقت لعمليات تصعيدية يحاول التمهيد لها والحصول على الشرعية من خلال استغلاله لضحايا مجدل شمس.

- يوجد عددًا من الحوادث الشبيهة التي أدت إلى سقوط صواريخ القبة الحديدية في الأراضي المحتلة وهذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها خطأ.

- بات من المؤكد أن ما جرى في مجدل شمس هو خلل في القبة الحديدية أدى الى سقوط صاروخ اعتراضي مضاد للصواريخ نتيجة خطأ تكتيكي في الملعب والاحتلال "الإسرائيلي" يتستر ويستغل الموقف.

بناءً على ما تقدّم يظهر أنه:

- لا توجد نية لإشعال حرب إقليمية، في ظل التأكيد على ضرورة الرد القوي دون الذهاب لحرب شاملة.

- هناك توجّه "إسرائيلي" لضربة قوية كان بحاجة إلى مبرّر لها في السابق فجاءت حادثة "مجدل شمس" لتحقق الهدف في تحصيل شرعية ممكنة لأي عمل تصعيدي ممكن.

- هناك إصرار "إسرائيلي" على تحميل حزب الله المسؤولية على الرغم من مختلف المعطيات والأدلة التي تثبت عكس ذلك.

- التركيز على تحصيل الضوء الأميركي لضربة مدروسة.

- التركيز على الانتقال لمرحلة جديدة في القتال مع حزب الله التي يمكن أن تحمل تصعيداً في الاستهدافات، وبالتالي مسارات عمل عسكري أكثر صرامة من ذي قبل.

- طرح أسماء لقادة في حزب الله كمسؤولين عن حادثة مجدل شمس للتمهيد لإمكانية اغتيالهم في الأيام المقبلة.

- الترويج لانتهاء الاستعدادات ووضع الخطط اللازمة لرد مناسب، وهي قابلة للتنفيذ.

- محافظة اليمين المتطرف على مستوى عالٍ من التهديد بشن حرب على لبنان وإحراقه كما والدعوة لاغتيال أمين عام المقاومة.

ختاماً، فيما يتعلّق بإمكانية تدحرج الأمور إلى حرب واسعة نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤول "إسرائيلي" كبير قوله "أنه على الرغم من أن الرد سيكون قاسياً، إلا أنه لن يؤدي إلى حرب شاملة. ومع ذلك، يمكن التقدير أن الهجوم "الإسرائيلي" من المرجح أن يقابل برد أكثر حدة من المعتاد من حزب الله. في "إسرائيل"، وعدوا بالأمس برد قاس إلى حد كبير، ولكن من ناحية أخرى، لا توجد نية لإشعال حرب إقليمية".

* المادة نقلت حرفيا من موقع الخنادق