السياسية || محمد محسن الجوهري*

بلغة العصر-تشكو الشعوب العربية دون غيرها من الشعوب من انعدام الحرية وهيمنة الطغاة والظلمة، ومن غياب التداول السلمي للسلطة، وفي هذا عبرة كبيرة لمن يقرأ التاريخ، ويتدبر في مقدمات الأمور وعواقبها.

فالعرب أصحاب رسالة، وليؤدوا دورهم، عليهم أن يحملوا هذه الرسالة على أكمل وجه، وحسب التوجيهات الإلهية بالحرف، والتي تتضمن قضية الولاية، وخلافة رسول الله، حتى لا يكون الناس همج رعاع أتباع لكل ناعق.

ولأن علي بن أبي طالب، كان الوريث الشرعي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد كان يتصف بصفات الرسول، ومنها سعة صدر، وقبوله بالناس على اختلاف مشاربهم، وحرصه على هدايتهم والقيام بمصالحهم، ويكفي أن في زمنه عاشت الأمة الحرية الكاملة بكل معانيها، والتي لم تعش مثلها حتى اليوم.

وبدلاً عن علي، اتجه الناس لولاية الطغاة، من خصوم علي، فكانت النتيجة أن الطغاة يحكموننا جيلاً بعد جيل، ويتناوبون على قمعنا كابر عن كابر، حتى غدا العرب مضرب مثال لسائر الشعوب في القمع وانعدام الحرية والأمن والأمان.

والأسوأ من ذلك، أن خصوم علي لم يكتفوا بقمع المسلمين وتحريف عقائدهم، بل اتجهوا لتسليم ولاية الأمر لأعداء الإسلام من اليهود والنصارى، وتسليمهم ثروات الأمة ومقدراتها، حتى أصبح اليهود أصحاب الأرض، والعرب أغراب على أرضهم.

ولتستعيد الأمة كامل هيبتها، وحتى تحرير كامل أراضيها وثرواتها، لا بد من الأخذ بأسباب القوة التي منحها الله، وتتمثل في المنهج القرآني والقيادة التي تنتهج كتاب الله من آل البيت، وعندها ستكون الأمة بمستوى الأمة من المواجهة، خاصة مع أعدائها من أهل الكتاب.

وحتى على مستوى الحقوق والحريات وجودة الحياة، لا بد من ولاية علي وذريته، فهنا تكفل الله بعزة الأمة وكرامتها، كما تكفل بحقها من الحرية والتعبير عن الرأي، كما كان الحال عليه إبان حكم علي، وغيره من أئمة آل البيت، عبر التاريخ.

والواقع العربي يزهر بالشواهد الحية على عظمة قضية الولاية، فتنظيم الإخوان، على سبيل المثال، أكثر من يدافع عن خصوم علي، ويقدسهم، ويحرم على الناس الاقتداء بعلي وموالاته، حسب ما أمر رسول الله وتقتضيه سنته.

فكانت النتيجة أن ذلك التنظيم يشكو منذ تأسيسه من الظلم والتعسف، ويتناوب الطغاة على قمعهم والتنكيل بهم، في كل البلاد العربية.

وهذا من نتائج عقائدهم الباطل، فمن يتولى أعداء علي تكون نهايته على يد الطغاة والجبابرة، ولا يكون الحكم في زمنه إلا على يد معاوية وأشباه معاوية، وما يعانيه الإخوان في مصر إلا عينة على جريمة الولاية لغير آل البيت.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب