الصحة.. توجهات استراتيجية وإرادة لكسر تحديات العدوان وتخفيف معاناة مرضى السرطان
السياسية: مهدي البحري
دفعت الإجراءات التعسفية لتحالف العدوان بحق المرضى، خاصة مرضى السرطان، باستمرار إغلاق مطار صنعاء ومنع دخول الأدوية المنقذة للحياة، الكثيرين للبقاء في منازلهم بانتظار الموت، بسبب حالتهم الصحية وخوفهم من المجازفة بحياتهم وعدم قدرتهم على تحمل مشقة السفر إلى مطار عدن وعجزهم عن دفع تكاليفها المرتفعة.
حيث تؤكد الإحصاءات ارتفاع مرضى السرطان خلال سنوات العدوان بنسبة 50 في المائة، حيث هناك أكثر من 90 ألفاً حالة مسجلة لدى المركز الوطني للأورام منها 40 ألفاً خلال سنوات العدوان نتيجة استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، فضلاً عن إصابة 30 ألف طفل بالسرطان، ومنع تحالف العدوان وصول الأجهزة والأدوية الاشعاعية للتشخيص والعلاج.
وحسب الإحصاءات فقد ارتفعت حالات الإصابة بمرض سرطان الدم في أوساط الأطفال من 300 إلى 1700حالة في صنعاء والمحافظات.
ولتجاوز تلك المعاناة وتخفيف معاناة مرضى السرطان عملت الحكومة ممثلة بوزارة الصحة العامة والسكان على العديد من المعالجات والإنجازات ونفذت الكثير من المشاريع التي تم افتتاحها من قبل السلطات العليا فضلا عن توفير الأدوية والأجهزة والمعدات.
وحددت وزارة الصحة أولوياتها فيما يخص تخفيف معاناة مرضى السرطان وفق موجهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ودعم المجلس السياسي الأعلى حيث عملت على توفير جهاز المعجل الخطي للعلاج الإشعاعي لمركز الأورام، وفتح ست وحدات للأورام في المحافظات مع تجهيز وتأهيل ونفقات تشغيلية، وتوفير أدوية للأورام بإجمالي 15 مليار ريال.
وكسرت الإرادة والتوجهات الاستراتيجية للدولة التحديات التي فرضها العدوان على الوطن بمؤشرات ومشاريع خدمية تمثل بارقة أمل لتجاوز التحديات الاقتصادية والمضي في ترجمة التطلعات بمشاريع تلامس هموم ومعاناة المرضى ومصلحة المجتمع.
حيث افتتح فخامة المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى في سبتمبر الماضي بصنعاء، مشروع وحدة العلاج الإشعاعي بقيمة أربعة ملايين و500 ألف دولار بتمويل صندوق مكافحة السرطان التي تعد أول وحدة علاج إشعاعي على مستوى الجمهورية، مجهزة بأحدث التجهيزات والمعدات الطبية، ستعمل على إحداث نقلة نوعية في علاج مرضى السرطان.
وتتكون الوحدة من جهاز المعجل الخطي الذي يعتبر أحدث جيل في تكنولوجيا العلاج الإشعاعي وتغيير المعايير والثورات والطفرات الكبيرة في علاج بعض الأورام السرطانية المحددة، وتطبيق العملية الجراحية الإشعاعية المجسمة في الدماغ (SRS)، والعلاج الإشعاعي المجسم في الجسم (SBRT).
ويتميز الجهاز أيضا بإمكانية تطبيق العمليات الجراحية مثل (جاما نايف) و (سايبر نايف) التي يتم تطبيقها في وقت أقصر وكذا تطبيق العلاج الإشعاعي الامتثالي ثلاثي الأبعاد (CRT) والعلاج الإشعاعي معدل الكثافة (IMRT) والعلاج الإشعاعي الموضح بالصور (IGRT) والعلاج الإشعاعي الحجمي المعدل الكثافة (VMAT) يتم تطبيقها بطريقة أسرع وأكثر حساسية ودقة.
وتتكون الوحدة من جهاز "سيتي سيموليتر"، الذي يقوم بعملية تصوير وتخطيط مقطعي للأورام، ووحدة التحكم التي تقوم بالعملية الفيزيائية والمعايرة الإشعاعية.
كما افتتح الرئيس المشاط مشروع مركز الرسول الأعظم لجراحة الأورام بقيمة مليون و800 ألف دولار بتمويل صندوق مكافحة السرطان، ويتكون من أربعة أدوار ويحتوي على وسائل تشخيصية تتمثل في أقسام التصوير الطبقي المحوري والأشعة السينية والكشف المبكر عن سرطان الثدي والأشعة التلفزيونية، كما يتكون من أقسام مختبرات ورقود بطاقة استيعابية 48 سريراً وعناية مركزة سعة 13 سريراً، بالإضافة إلى أسّرة الإفاقة، وأقسام العمليات الكبرى ومحلقاتها، وقسم التعقيم المركزي، إلى جانب محطة توليد الأوكسجين ومغسلة مركزية و10 عيادات خارجية.
ويعد المشروع الأول من نوعه في اليمن، كمركز جراحي متخصص بجراحة الأورام، يوفر عناء السفر للخارج لإجراء عمليات استئصال وإزالة الأورام السرطانية ويقدم خدمة العمليات الجراحية والرقود مجاناً لجميع مرضى السرطان.
وفي هذا الإطار والتوجه نحو تحسين الخدمات المقدمة لمرضى السرطان وتنسيق الجهود بين مختلف الجهات المعنية، أقر مجلس النواب في فبراير الماضي تقرير لجنة الصحة العامة والسكان بشأن نتائج زيارتها الميدانية لصندوق مكافحة السرطان والمركز الوطني لعلاج الأورام والمؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان الذي ألزم الحكومة ممثلة بوزارة الصحة تنفيذ عدد من التوصيات أهمها وضع آلية عمل للتنسيق بينها والمركز والصندوق والمؤسسة لتلافي عدم تكرار نقص بعض الأدوية على المرضى والذي سبب مضاعفات بسبب عدم قدرتهم على شرائها.
وطالبت التوصيات الصندوق بالتنسيق مع المؤسسة لتسليم تكاليف العمليات الجراحية التي يتم إجراؤها لمرضى السرطان بشكل كامل، وكذا إلزام الصندوق بتوفير الأدوية الداعمة وإيجاد آلية للحفاظ عليها ودوام استمراريتها للتخفيف من معاناة المرضى.
وأوصى تقرير مجلس النواب، الصندوق بتكثيف الجهود من أجل تقديم الخدمات الطبية والتشخيصية والعلاجية الكاملة لمرضى السرطان.
كما ألزمت التوصيات وزارة الصحة بوضع آلية للتنسيق بين الصندوق والمركز والمؤسسة من أجل تكامل الخدمة المقدمة لمرضى السرطان ومتابعة المنظمات الدولية لدعم الصندوق والمركز الوطني العلاج الأورام والعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية في الحكومة لإدخال وتوفير مادة اليود المشع والمطالبة بفتح الرحلات الجوية إلى أنحاء العالم.
وحثت مؤسسة مكافحة السرطان على العمل على سرعة افتتاح المرحلة الثانية بمستشفى الأمل لعلاج الأورام بصنعاء فيما يتعلق بخدمة إجراء العمليات الجراحية، وموافاة اللجنة بالوثائق والبيانات المتعلقة بإيرادات وصرفيات المؤسسة.
كما طالبت التوصيات الحكومة بإنشاء مركز وطني لأمراض اللوكيميا وزراعة النخاع.
وعمل صندوق مكافحة السرطان منذ ممارسة مهامه وتقديم خدماته مطلع العام 2019م، باستقلالية تامة في الجوانب الإدارية والمالية على دعم جهود مكافحة مرض السرطان والوقاية منه، والإسهام في إنشاء ودعم المراكز والمشاريع والبرامج المتعلقة بمكافحة هذا المرض وفقاً لاستراتيجية وطنية، والإسهام في تمويل الدراسات والأبحاث العلمية المتعلقة بمكافحة السرطان حسب الإمكانيات المتاحة.
وبيّن تقرير صادر عن الصندوق أنه موّل مناقصات شراء الأدوية للمركز الوطني لعلاج الأورام بقيمة 7 مليارات و 482 مليونا و 782 ألف ريال وعمل على التوفير المباشر للأدوية الكيماوية والموجهة والمستلزمات الطبية للمرضى بواقع ألف و 809 خدمات طبية بقيمة خمسة مليارات و 483 مليونا و 481 ألف ريال، وكذا دعم تكاليف 90 ألفاً و 756 جلسة علاج اشعاعي للمرضى بقيمة مليار و510 ملايين و 863 ألف ريال، ودعم تكاليف العمليات الجراحية لاستئصال الأورام السرطانية للمرضى بواقع (861) عملية جراحية بقيمة 187 مليونا و 455 ألف ريال.
كما ساهم الصندوق في تقديم 700 ألف و589 خدمة فحوصات طبية للمرضى من خلال تمويل شراء المحاليل الطبية لمختبرات المركز الوطني لعلاج الأورام بقيمة 246 مليونا و 954 ألف ريال.