استقالات ثلاثة من الوزراء الصهاينة تنُذر بتفكك حكومة نتنياهو
السياسية // تقرير: مرزاح العسل
في خطوة كانت منتظرة لكنها تطرح الكثير من التساؤلات.. أعلن ثلاثة من الوزراء الصهاينة الليلة الماضية، استقالاتهم من حكومة الحرب الصهيونية برئاسة بنيامين نتنياهو ما ينذر بتفكك هذه الحكومة بعد أن وصلت في حربها على غزة إلى أفقٍ مسدود ولم تحقق أي نصر يُذكر.
وبحسب وسائل إعلام العدو الصهيوني، أعلن كلاً من الوزراء في مجلس الحرب الصهيوني بيني غانتس وغادي آيزنكوت وحيلي تروبير الليلة الماضية، استقالتهم من حكومة الحرب، في خطوة أدت إلى حالة من الانقسام والارتباك بين قادة كيان العدو وعلى رأسهم رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو.
وأكد آيزنكوت في رسالة استقالته لنتنياهو: "قرارات الحكومة وقراراتك شخصياً يتم اتخاذها لاعتبارات سياسية، فيما امتنع مجلس وزراء الحرب عن اتخاذ قرارات مهمة كانت لتحقيق أهداف الحرب وتحسين الوضع الاستراتيجي لإسرائيل مما أضر بالوضع الأمني والاستراتيجي للكيان".. مشدداً على أنه يواصل دعمه لأي قرار صائب للحكومة يصب في مصلحة هذا الكيان الغاصب.
فيما قال غانتس: "إن مشاركتهم في مجلس الحرب كانت بدافع "المصير المشترك" وليست شراكة سياسية.. منتقدًا نتنياهو على عرقلة قرارات استراتيجية هامة لأسباب سياسية.
وأوضح غانتس أن خروج حزبه من الحكومة في ظل عدم استعادة المختطفين من غزة يمثل تحديًا معقدًا.. مضيفاً: إن الأولوية العليا لإسرائيل هي تحقيق النصر الحقيقي، والذي يتمثل في عودة المختطفين أكثر من البقاء في السلطة.
ودعا غانتس نتنياهو إلى إجراء انتخابات بأسرع وقت ممكن وتشكيل لجنة تحقيق وطنية.. مؤكداً أن قرار الانسحاب جاء لأن نتنياهو يمنع التقدم نحو تحقيق النصر الحقيقي.
وتابع غانتس قائلاً: إنه يدعم الصفقة التي عرضها الرئيس الأمريكي جو بايدن، ودعا نتنياهو إلى التحلي بالجرأة لإنجاحها، كما دعا قادة الأحزاب إلى الوقوف بجانبه من أجل إجراء انتخابات لتشكيل حكومة وحدة وطنية صهيونية.. حسب قوله.
وجاءت استقالة غانتس من حكومة الحرب لتضع الكثير من الأمور داخل الكيان المُحتل على المحك، وليسحب غانتس بذلك القوة الوسطية الوحيدة في الائتلاف اليميني المتطرف الذي يقوده نتنياهو وسط حرب مستمرة منذ أشهر.
وكان قائد الجيش ووزير الحرب السابق قد هدد في مايو بالانسحاب من الحكومة لغياب استراتيجية لفترة ما بعد الحرب في قطاع غزة.. واستقال أيضا الوزير غادي آيزنكوت، عضو حزب غانتس، تاركا حكومة الحرب بثلاثة أعضاء فقط، وهي تتخذ جميع القرارات الرئيسية بشأن الحرب ضد حركة حماس.
ردّ نتنياهو المنُهزم لم يتأخر كثيراً، بل جاء في غضون دقائق.. حيث قال: "تخوض "إسرائيل" حرباً وجودية على عدة جبهات.. "بيني" الوقت غير مناسب للانسحاب من المعركة، إنه وقت توحيد قوانا".. كما لم يتأخر رد فعل شريكي نتنياهو اليمينيين المتطرفين في الائتلاف، وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
وفي نهاية خطاب استقالة الوزيرين، قال بن غفير: إنه بعث برسالة إلى نتنياهو، طالبه فيها بالدخول إلى حكومة الحرب".. مضيفًا: "كوزير في الحكومة، رئيس حزب وشريك كبير في الائتلاف، أطالب بالانضمام إلى هذه الحكومة".. فيما انتقد سموتريتش استقالة غانتس.. قائلًا: "ليس هناك عمل أقل ضخامة من الانسحاب من الحكومة أثناء الحرب، إن خطوتك تهدف إلى تفتيت التماسك لأسباب سياسية وغير مسؤولة".
وجاءت هذه الاستقالات في وقت يعيش الكيان الغاصب على وقع الضغوط المتزايدة على نتنياهو داخلياً وخارجياً، طرحت الكثير من التساؤلات، أهمها ربما هل تؤدي استقالة غانتس إلى إسقاط الحكومة المشكّلة من ائتلاف يضم أحزابا دينية وقومية متطرفة، وما هو تأثير ذلك على مسار الحرب والمفاوضات وكذلك مقترح الهدنة الذي لا يزال يراوح مكانه، بالإضافة إلى ما تم طرحه بشأن إمكانية إجراء انتخابات مبكرة.
وعن هذه التساؤلات المنطقية وغيرها، أكد الباحث والمختص في الشأن الصهيوني الدكتور علي الأعور، في حديثه مع "أخبار الآن"، أن استقالة بيني غانتس تشكل هزة عنيفة في داخل المجتمع الصهيوني، وسيكون لها تداعيات كبيرة أيضاً على المستوى السياسي والدبلوماسي في الخارج خاصة أن الكيان يتعرض الآن إلى ضغوط كبيرة من محكمة العدل الدولية ومن الأمم المتحدة، وكذلك عدد من الدول الغربية والحليفة.
واعتبر الأعور أن هذه الاستقالة من أهم القرارات ربما في هذا التوقيت على صعيد تطورات الحرب في غزة.. قائلاً: إن غانتس كان من المتوقع أن يكون خارج الحكومة منذ أشهر، وبالتالي كان من الممكن أن تتوقف الحرب أيضا على غزة منذ أشهر، ولكن لأسباب ربما خاصة بالمعسكر الوطني الذي يقوده وخاصة أيضا بمستقبله السياسي وفقا لاستطلاعات الرأي اختار تأجيل هذه الخطوة.
وعلى صعيد التأثير السياسي، يرى الأعور أن هذه الاستقالة لن تؤثر على مستوى التصويت في داخل حكومة نتنياهو، أو حتى في داخل الكنيست على اعتبار أن نتنياهو يملك 64 عضواً وبالتالي يملك أغلبية مطلقة في داخل الكنيست، لكنه أشار إلى أن استقالة غانتس سيكون لها تأثير أكبر في الشارع الصهيوني.
ومع انسحاب غانتس، سيهيمن على حكومة نتنياهو بشكل أكبر الوزيران القوميان المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذان من المرجح أن يزيدا الضغط على رئيس الوزراء لاتخاذ نهج أكثر تشددا تجاه الحرب على غزة، واتخاذ خطوات ضد السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وتصعيد الهجمات ضد حزب الله في لبنان.
ويُنظر إلى غانتس (65 عاما) على أنه المرشح الأوفر حظا لتشكيل ائتلاف في حال إسقاط حكومة نتانياهو وإجراء انتخابات مبكرة، حيث قدم حزبه "الاتحاد الوطني" الوسطي مشروع قانون الأسبوع الماضي لحل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة.
وكان من المفترض أن يعلن غانتس رحيله يوم السبت الماضي، لكنه أجل ذلك بسبب عملية تحرير الرهائن الصهاينة الأربعة الذين تحتجزهم حماس في غزة، بعملية عسكرية وصفت بـ"الفاشلة" لمقتل ثلاثة أسرى صهاينة، وارتكاب مجزرة مروعة بحق الفلسطينيين في مخيم النصيرات أسفرت عن استشهاد وإصابة ما يقارب الألف فلسطيني.
وبحسب موقع "أكسيوس" فقد كان غانتس على علم مسبقاً بالعملية، لكنه طلب من موظفيه عدم تغيير خطط الإعلان حتى انتهاء العملية حتى لا يخاطروا بإثارة الشكوك بين قادة حماس.. على حد تعبيره.
وجاء قرار غانتس –الذي يعتبر المنافس السياسي الرئيسي لنتنياهو– بعد توجيهه إنذارًا لنتنياهو الشهر الماضي يدعوه فيه إلى وضع خطة جديدة للحرب ضد حماس بحلول الثامن من يونيو.
ويواجه نتنياهو دعوات متزايدة من حلفاء الكيان الصهيوني الغربيين وعائلات الرهائن المحتجزين في غزة لإنهاء الحرب وإعادة الأسرى، بعد مرور ثمانية أشهر على بدء الحرب، التي لم يحقق الكيان الغاصب أهدافه المُعلنة.
ودعت أمريكا مرارًا نتنياهو إلى تقديم خطة ملموسة لما بعد الحرب في غزة.. حيث أشار الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي طرح الأسبوع الماضي مقترح اتفاق سلام صهيوني ثلاثي المحاور، إلى أن نتنياهو سيستفيد على الأرجح من إطالة أمد الصراع.
وفي أبريل الماضي دعا غانتس إلى إجراء انتخابات مبكرة في سبتمبر المقبل، قبل الذكرى السنوية الأولى للحرب.. قائلا إن "الصهاينة بحاجة إلى تجديد عقدهم مع قيادتهم".
وغالبًا ما يتفوق غانتس على نتنياهو من حيث الشعبية، بحسب استطلاعات الرأي.. كيث كشف استطلاع نشرته صحيفة معاريف الصهيونية الجمعة أن نسبة التأييد لغانتس تبلغ 42 في المائة مقابل 34 في المائة لنتنياهو.
وخلف العدوان الصهيوأمريكي المتواصل على غزة منذ السابع من أكتوبر أكثر من 118 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، ونحو عشرة آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.