السياسية // تقرير: مهدي البحري



تداعيات كارثية سببها العدوان والحصار على قطاع الدواء في اليمن نتيجة إغلاق مطار صنعاء الدولي ومنع دخول الأدوية، ما تسبب في وفاة آلاف المرضى وخصوصا المصابين بالأمراض المزمنة مثل "الفشل الكلوي، زارعي الكلى، السرطان، السكري، القلب، والثلاسيميا" الذين كانوا يحصلون على أدوية من وزارة الصحة العامة والسكان.

وفي مقابل التحديات الكبيرة التي واجهت هذا القطاع طيلة السنوات الماضية شهد هذا القطاع جهودا حثيثة لتطوير الصناعات الدوائية المحلية لتوفير احتياجات البلد من الأدوية الضرورية والتخفيف من تداعيات العدوان والحصار اللذين تسببا في معاناة وكارثة انسانية لأبناء الشعب اليمني، خاصة المرضى الذين يمثل الحصول على الدواء أمراً أساسياً لاستمرار حياتهم.

وتحتل الصناعة الدوائية وتحقيق الأمن الدوائي صدارة أولويات القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى نظراً لما تعرض له هذا القطاع الحيوي من استهداف ممنهج من قبل العدوان وتداعياته التي أدت إلى نقص الدواء.

وحاليا تحظى الصناعة الدوائية بمزيد من الاهتمام والتطوير وتسخير الإمكانيات اللازمة لتطوير البحث العلمي والابتكار بما يسهم في تجويد الصناعة الدوائية ورفع عدد أصنافها من خلال إعداد خارطة بأولويات المشروعات الصحية وإنشاء مناطق للصناعات الدوائية، ودليل الاستثمارات في القطاع الصحي لما من شأنه إيجاد دواء آمن في متناول الجميع.

وفي ظل اهتمام الدولة والحكومة بقطاع الصناعات الدوائية، تم توفير المناخ الملائم لبناء صناعات دوائية وطنية تضمن تحقيق الأمن الدوائي، وهو ما أكد عليه فخامة المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى بضرورة توطين الصناعات الدوائية في البلاد.

حيث وجه فخامة الرئيس خلال لقائه وزير الصحة العامة والسكان في حكومة تصريف الأعمال الدكتور طه المتوكل، وقيادة اتحاد مصنعي الأدوية في أغسطس الماضي بعمل خطة استراتيجية لتوطين الصناعات الدوائية، وقال "سنقدم قائمة من التحفيزات لتوطين التصنيع الدوائي، وستجدون من المميزات والتحفيزات ما يسركم كمستثمرين في هذا المجال الطبي".

كما وجه الرئيس المشاط وزراء المالية والصناعة والصحة بدراسة كافة الإشكاليات والعوائق التي تواجه عملية الاستثمار في القطاع الصحي والعمل على حلها وتقديم حزمة من التسهيلات في هذا الجانب المهم.

وأقر مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير مشروع قانون الدواء والصيدلة المقدم من وزير الصحة، والذي يتكون من عشرة فصول تشمل التسمية والتعاريف والأهداف، الدواء، المواد المخدرة والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية، الصناعات الدوائية الوطنية، الإعلام الدوائي، الصيدلة، الرقابة والتفتيش، العقوبات، وأحكاما ختامية.

ويهدف المشروع إلى تنظيم عمليات تسجيل واستيراد وتصنيع وتوزيع وتداول الدواء، وضمان سلامة وجودة وفاعلية ومأمونية الدواء وأي مواد أخرى منصوص عليها في القانون، وكذلك الاستخدام الرشيد للدواء، وتنظيم وصف وصرف وبيع الدواء أو أي منتجات أخرى منصوص عليها في القانون ولما فيه حماية الفرد والمجتمع من الأضرار والأخطار الناجمة عن سوء استخدام أو تناول الدواء أو الناجمة عن الأدوية المغشوشة أو المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، فضلا عن تشجيع الصناعات الدوائية الوطنية وتطويرها.

كما وافقت الحكومة في اجتماعها على مشروع قانون إجراء الدراسات الدوائية السريرية المقدم من وزير الصحة، الذي يتكون من خمسة فصول تشمل التسمية والتعاريف، الأهداف العامة والأحكام العامة، لجنة البحث المختصة، لجنة الدراسات الدوائية، العقوبات وأحكاما ختامية.

مشروع القانون وضع لتحقيق عدد من الأهداف منها وضع الأسس والمعايير والضوابط لإجراء الدراسات الدوائية العلاجية وغير العلاجية وتنظيم وتوجيه هذه الدراسات بطريقة تحافظ على سلامة وأمان المشاركين فيها فضلا عن حماية المشاركين (المتطوعين أو المرضى) في هذا النوع من الدراسات.

ويأتي ذلك في ظل سعي وزارة الصحة لتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق الإنجازات في الصناعات الدوائية بما يواكب الإنجازات التي تحققت بحكمة القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى في عدد من المجالات.

وأكد وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور طه المتوكل أن هناك جهوداً حثيثة من أجل تنفيذ عدد من السياسات الرامية إلى تحقيق الأمن الدوائي وتطوير الصناعة الوطنية في مجال الدواء والمستلزمات الطبية.

ولفت إلى أن الصناعة الدوائية تشهد تطورا ملحوظا تتمثل في تشييد العديد من المصانع، بهدف تطوير الصناعة الدوائية المحلية وتخفيف فاتورة الاستيراد.

ونوه إلى أنه رغم التحديات التي تواجه القطاع الصحي إلا أنه تم العمل والاستفادة من الحصار في التوجه نحو الصناعة الدوائية المحلية لتحقيق الأمن الدوائي وصولا إلى الاكتفاء الذاتي.

وأشار الوزير المتوكل إلى توجه القيادة الثورة والمجلس السياسي الأعلى لبناء الوطن في مختلف المجالات وخاصة في القطاع الصحي والدوائي وتحقيق اكتفاء ذاتي من الدواء والاستفادة من الموارد المحلية والنباتات والصخور الطبية في عملية الإنتاج والتغلب على الظروف التي فرضها العدوان والحصار.

كما أكد الحرص على تعزيز الشراكة وتشجيع الاستثمار في الصناعات الدوائية المحلية باعتبار ذلك مسئولية وطنية وإنسانية لحل العديد من القضايا وتلبية الاحتياجات.. مؤكدا أنه تم الإعلان خلال الفترة الماضية عن توطين ألف صنف من المنتجات الدوائية.

وتبذل وزارة الصحة جهوداً كبيرة في سبيل التوجه نحو الصناعة الدوائية عبر الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية، حيث اوضح تقرير صادر عن الوزارة تلقت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) نسخة منه، أن الهيئة قامت بإعداد لائحتها التنظيمية وقانون الصيدلة والدواء، حيث تم إنجاز 10 لوائح، وإصدار السياسة الدوائية للعشر السنوات القادمة، وتحديث قائمة الأدوية الأساسية.

وأشار التقرير إلى أنه تم تنظيم وتسجيل الشركات بما يعزز توفير الأدوية للمواطن وكسر الاحتكار، وحصر 66 صنفاً على الصناعة المحلية، وإصدار قرار توطين ألف صنف خلال الخمس السنوات القادمة، وتحفيز الصناعة المحلية وتشييد ثلاثة مصانع جديدة ضمن خطة الوصول لـ12 مصنعاً، واستقبال 20 طلباً لإنشاء مصانع أدوية جديدة، فضلا عن استقبال طلب لأول مرة لإنشاء مصنع مستلزمات طبية.

وأفاد بأنه تم عمل 38 خط إنتاج أدوية خلال العام الجاري وستصل إلى 48، ويبلغ عدد الأصناف المصنعة محلياً ألف و818 صنفاً، وعدد المعامل الجديدة 15 معملاً، وتم صرف 500 مليون ريال لشركة يدكو لتصنيع المحاليل الوريدية، كما تم إجراء مسح شامل لمناطق لم يتم مسحها سابقاً لاستكشاف وحصر الأعشاب الطبية في البلاد.

وأوضح التقرير أنه تم إعداد دليل شامل للنباتات الطبية، وتحديد 15 نبتة طبيعية لزراعتها وإكثارها، وشراء 40 جهاز فحص اتش بي ال سي وبقية الأجهزة ذات الأولوية لفحص الأدوية، وتوفير جهازي جي سي وجي سي ماس (حديث لأول مرة في اليمن) بقيمة 814 ألف دولار، وترميم المختبر القديم والبدء بتأهيل المختبر الدوائي الجديد بقيمة مليارين و800 مليون ريال، واستكمال الأتمتة في الهيئة والمنافذ، وتسعير ثلاثة آلاف و700 صنف متداول في تطبيق، ومتابعة تثبيت التسعيرة والنزول للرقابة على الشركات والأصناف.

فيما قامت الهيئة بإنشاء خمس صيدليات وطنية بأمانة العاصمة والعمل مستمر لاستكمال بقية المحافظات، وتوفير أدوية مرضى الأمراض المزمنة، وأدوية نوعية كالألبومين وهرمون النمو، وتوفير ثلاثة ملايين فيالة أنسولين بقيمة 22 مليون دولار.

كما تم توفير أدوية أمراض الدم والأمراض الوراثية والناعور بقيمة 15 مليون دولار، وأدوية الأمراض المناعية وزارعي الكلى والأعضاء والتصلب اللويحي، ومصل الدفتيريا والأدوية الأساسية، وكذا أدوية المراكز والوحدات لأكثر من ألفي مرفق بإجمالي يزيد عن 25 مليار ريال.