السياسية – متابعات :

من ميدان السبعين في العاصمة اليمنية صنعاء، أطلّ المتحدّث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، ليعلن افتتاح "المرحلة الرابعة من التصعيد"، استكمالاً لمسار إسناد غزة، وتنفيذاً لتعليمات القيادة اليمنية، ونزولاً عند رغبة الشعب اليمني، الذي واظب على التظاهر بالملايين نصرةً للقطاع، منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية ضدّه.

وبينما تثبت صنعاء إبداعها في إدارة عملياتها ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، ومن خلفه ضد حليفتيه الولايات المتحدة وبريطانيا، والمواجهة معهما، مركزةً جهودها على غزة، منذ شروعها في العمليات العسكرية، فإنّها تواصل الارتقاء التدريجي في أدائها واستهدافاتها، محوّلةً عناصر القوة لدى الطرف المقابل إلى أعباء ضاغطة.

وأمام ثبات اليمن ونجاحه في إسناد غزة، فشلت كل المحاولات العسكرية الأميركية والغربية، ولاسيما عملية "حارس الازدهار"، في ثنيه عن مواقفه. وعلى العكس من ذلك، أخذت العمليات العسكرية اليمنية تتطور وتتصاعد، حتى أدخلت البحرية الأميركية في المعركة الأكبر بالنسبة إليها، منذ الحرب العالمية الثانية.


تصاعد تدريجي.. اليمن يوسّع دائرة النار
أواخر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، كان قطاع غزة على موعد مع عملية الإسناد الأولى التي نفّذتها القوات المسلحة اليمنية، مستهدفةً بالصواريخ الباليستية والمجنّحة والطائرات المسيّرة عمق كيان الاحتلال.

تواصلت العمليات العسكرية اليمنية نصرةً لغزة، لتتسع بالتدريج، وترتقي تبعاً للتطورات في القطاع، حيث المرجع لكلّ عمليات الإسناد. وفي الـ19 من تشرين الثاني/نوفمبر، افتتحت صنعاء، عبر سيطرتها على سفينة "غالاكسي ليدر"، المعركة البحرية ضدّ الاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر وبحر العرب.

شملت الاستهدافات اليمنية ضدّ الاحتلال في تلك المرحلة السفن التي تحمل العلم الإسرائيلي، وتلك التي تشغّلها أو تملكها شركات إسرائيلية.

وبعد نجاحها في منع السفن الإسرائيلية من الملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب، بدأت القوات المسلحة اليمنية مرحلةً جديدةً من معركة البحار، مع إعلانها الشروع في منع مرور السفن المتجهة إلى كيان الاحتلال، من أي جنسية كانت، في 9 كانون الأول/ديسمبر، إذا لم تدخل قطاع غزة حاجتُه من الغذاء والدواء.

انضمّت السفن الأميركية والبريطانية إلى دائرة الاستهدافات اليمنية، عقب العدوان الأميركي - البريطاني الأول على اليمن، في الـ12 من كانون الثاني/يناير، عندما أبدت القوات المسلحة تصميمها على استهداف كل مصادر التهديد والأهداف المعادية، بحراً وبراً، دفاعاً عن البلاد وسيادتها.

لاحقاً، وتحديداً في 25 نيسان/أبريل، ومع استمرار البحر حرب الإبادة الإسرائيلية وتصعيدها ضدّ غزة، أعلن قائد أنصار الله، السيد عبد الملك الحوثي، نية توسيع العمليات العسكرية لتطال المحيط الهندي أيضاً. ولم يطُل تنفيذ الفعل بعد القول، فبعد 4 أيام فقط، استهدفت القوات المسلحة سفينةً إسرائيليةً في تلك المنطقة.

أما الـ5 من أيار/مايو الجاري، فمثّل فاتحةً لمرحلة جديدة من الإسناد اليمني للمقاومة الفلسطينية: "المرحلة الرابعة من التصعيد"، كما جاء في بيان القوات المسلحة اليمنية، وهي مرحلة تشمل استهداف كل السفن التي تخترق قرار حظر الملاحة الإسرائيلية في البحر المتوسط.


اليمن يحاصر "إسرائيل" في المتوسط
"يبدأُ تنفيذُ هذا من ساعةِ إعلانِ هذا البيان".

هذا ما أكده العميد يحيى سريع في البيان الذي أعلنت فيه القوات المسلحة اليمنية الذي أعلن الشروع في "المرحلة الرابعة من التصعيد".

يمكننا تصوّر وقع هذه الجملة على "إسرائيل" ودول العالم أجمع، التي شهدت كيف فرض اليمن حظره على الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر. وفي غضون ذلك، يمكن توقّع الهواجس التي تراود الاحتلال وداعميه، وكل الجهات التي تفكّر في إرسال سفنها إلى الكيان عبر المتوسط، إذ إنّ سفنها ستكون عرضةً للاستهداف.

اشتمل البيان على نقطتين رئيستين. الأولى تتعلق باستهداف أي سفينة تتوجّه إلى الموانئ الفلسطينية في البحر المتوسط، الأمر الذي يعني فرض حصار على كل الموانئ في فلسطين المحتلة، وذلك بعد أن حاصر اليمن "إسرائيل" في البحر الأحمر، ملحقاً بها خسائر اقتصاديةً كبيرة.

أمّا النقطة الثانية، فهي مرتبطة مباشرةً بالتصعيد الإسرائيلي ضدّ رفح، بحيث ستكون أي شركة ترسل سفنها إلى "إسرائيل" معرضةً للعقوبات، بغضّ النظر عن جنسيتها.

كما ستؤدي أي عملية عسكرية إسرائيلية ضدّ رفح إلى استهداف كل السفن التابعة لهذه الشركات، أياً كانت وجهتها، وأينما كانت، سواءٌ في البحر الأحمر أو خليج عدن أو المحيط الهندي، أو أي مكان يشمله مسرح العمليات العسكرية اليمنية، الأمر الذي يعني إطباق الحصار البحري على "إسرائيل"، عبر الضغط على إمداداتها البحرية التي تساهم في استمرار العدوان على غزة.


مقاومة فلسطين تحتفي بإعلان اليمن: قدوة للعرب والمسلمين!
لم يبخل اليمن طوال الأشهر الماضية بعمليات الإسناد لغزة، التي بلغت 156 عمليةً استهدفت سفناً في البحر الأحمر وأهدافاً إسرائيلية في جنوبي فلسطين المحتلة، استدعت عدواناً أميركياً - بريطانياً متجدداً على البلاد، دعماً لـ"إسرائيل"، حتى بلغت الضربات العدوانية على اليمن 452 غارةً جويةً وقصفاً بحرياً، بحسب قائد أنصار الله.

ومع إعلانه بدء "المرحلة الرابعة من التصعيد"، تنفيذاً لتوجيهات السيد الحوثي ونزولاً عند رغبة الشعب اليمني، ترجم اليمن بالفعل، مرةً جديدةً، مواقفه الداعمة لغزة، والتي تأتي في إطار موقفه الجذري الداعم للقضية الفلسطينية عموماً، والتي جعلته عرضةً خلال الأعوام السابقة لحرب أميركية إسرائيلية غربية، نفّذتها أيدٍ عربية.

فصائل المقاومة الفلسطينية احتفت بالإعلان اليمني، وبالمواقف الشجاعة والبطولية، والتي ينبغي لكل العرب والمسلمين التأسي بها وتبنّيها نصرةً لقضيتهم، كما أكدت في بيانها.

وحركة المقاومة الإسلامية، حماس، التي خصّها المتحدث باسم القوات المسلحة اليمينة بالذكر في بيانه، ثمّنت بدورها المواقف الشجاعة التي أعلنتها قيادة أنصار الله والقوات المسلحة في اليمن، والهادفة إلى قطع خطوط الإمداد عن كيان الاحتلال الإسرائيلي حتى يتوقف عدوانه وحصاره للشعب الفلسطيني في غزة.

وفي غضون ذلك، يمضي اليمن في إدهاش العالم بقراراته الشجاعة التي يتخذها التزاماً منه بالمسؤولية، إنسانياً وأخلاقياً ودينياً، تجاه غزة وفلسطين، ليلقي بظلاله على مسار التطورات في الميدان والمفاوضات، بحيث تمتدّ تداعيات قراراته على المنطقة، وحتى العالم.

ومع وضوح رؤيتها وعلمها بأهمية قرارها الأخير، وإدراكها التداعيات التي قد تنجم عنه خلال الفترة اللاحقة، لم تكتفِ صنعاء بهذا الإعلان، بل إنّها أكدت، كما فعلت دائماً، جاهزيتها لمزيد من التصعيد انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني، وربما تفاجئنا لاحقاً بـ"ما بعد المتوسط"!

- المصدر: الميادين نت
- المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع