أمريكا تواصل انحدارها الأخلاقي في دعم الكيان الصهيوني وقمع كل من ينتقده
السياسية || تقرير || مرزاح العسل*
تواصل الولايات المتحدة الأمريكية انحدارها الأخلاقي وغطرستها ودعمها وانحيازها الفج لكيان العدو الصهيوني، وقمع كل من يتجرأ على نقد هذا الكيان الغاصب أو التظاهر ضده أو رفض حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها في غزة.
وفي هذا السياق أفادت تقارير إعلامية، اليوم الخميس، بأن أمريكا بعد أكثر من 200 يومٍ على العدوان الهمجي المُستمر على غزة، تواصل غطرستها وانحيازها الفج لكيان العدو الصهيوني، في فقدانٍ وانحدارٍ صادمٍ لـ"البوصلة الأخلاقية" ليس على الصعيد الخارجي فحسب، بل تعداه إلى الجبهة الأمريكية الداخلية في قمع كل من يتجرأ على نقد الكيان المُحتل أو التظاهر ضده أو رفض حرب الإبادة الجماعية في غزة.
وذكرت أن هذا الانحدار وصل إلى حد سحل أساتذة الجامعات وقمع الطلاب وشيطنتهم والزج بهم في السجون أو الدوس عليهم ورشهم بالمياه القذرة واستخدام كل الأساليب التي تستخدمها الدول المستبدة البوليسية في مشهدٍ سيترك أثرًا عميقًا في مواصلة انكسار صورة أمريكا وسقوط "تمثال الحرية" المزعوم في ديمقراطية كشفت وجهها الحقيقي القبيح الذي عانى منه العالم أجمع.
وأشارت إلى أنه لم يقف هذا الانحدار عند هذا الحدّ بل تعداه لأكثر من ذلك لتلوّح أمريكا بالتهديد والوعيد لمحكمة الجنايات الدولية بعد أحاديثها عن احتمال صدور أوامر اعتقال بحق قادة كيان العدو الصهيوني بسبب ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية في غزة وعلى رأسهم نتنياهو وقادة مجلس الحرب فيه، الأمر الذي أثار جنون وهوس العدو الصهيوني وإدارة بايدن على حدٍ سواء.
وعلق الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة على ردود فعل أمريكا تجاه الجنائية الدولية، بالقول: "بدأت هستيريا الأمريكان ضد (الجنائية الدولية) كُرما لعيون نتنياهو! في حين لم تُظهر إدارة بايدن ردّة فعل قوية حيال نية المحكمة إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وغالانت وهليفي، فقد بدأت حملة الكونغرس المحمومة ضدها.
ولفت الزعاترة إلى أنّ نتنياهو حثّ بايدن على "التدخل" خلال مكالمتهما، فيما تم تفسير عدم تحرّك الأخير بمحاولة ضغط على نتنياهو لتمرير صفقة الهدنة والتبادل المُحتملة، ومعها وقبلها تنفيذ شروط مسار التطبيع المُحتمل مع السعودية.
وفضح الكاتب الفلسطيني عبدالباري عطوان خبايا التصعيد والتكالب الأمريكيّ الملغوم القادم وما يُخطَّطُ لتنفيذِه من أجل إنقاذ الدّولة الأمريكيّة العميقة، بقوله: "باختصارٍ شديد، إنّ حالة السّعار الدبلوماسيّ الأمريكيّ التي يقودها الرئيس جو بايدن شخصيًّا ووزير خارجيّته أنتوني بلينكن هذه الأيّام، لاستِعجالِ التوصّل إلى وقفٍ لإطلاق النّار وتبادل الأسرى بين حركة حماس وكيان العدو الصهيوني تأتي ليس رحمة، أو حِرصًا، على وقف حرب الإبادة والتّطهير العِرقي في قطاع غزة، وإنّما لأسبابٍ داخليّةٍ أمريكيّةٍ صرفة فرضتها الثّورة الطُّلّابيّة في الجامعات الأمريكيّة المُتصاعدة، ويُمكن أنْ تقود إلى حربٍ أهليّة، وتغيير شاملٍ وجذريٍّ، في الخريطة السياسيّة الأمريكيّة المُتَجذّرة مُنذ نهاية الحرب العالميّة الثانية، وعُنوانها الأبرز الدّعم المُطلق لكيان الاحتِلال ومنْع سُقوطه".
وأضاف: "الدّولة الأمريكيّة العميقة ترتجف رُعبًا من انفِجارِ هذه الحرب، في عُقْرِ قِلاعها الجامعيّة ومن حُكّام وناخِبي المُستقبل، وتمحورها حول المجازر الصهيونية المُستمرّة مُنذ أكثر من 205 أيّام في القطاع، وتصاعد ألسنة لهبها، وتوسّع دائرتها، سواءً داخِل الولايات المتحدة نفسها أو في مُختلف جامعات العالم، ولهذا تُمارس ضُغوطًا غير مسبوقة على حُلفاء أمريكا العرب، وخاصَّةً الوُسطاء في مِصر وقطر، للتّسريع بالتّوصّل إلى اتّفاق، فوقف الحرب في غزة يعني وقف الثّورة في الجامعات الأمريكيّة، وتَقليصُ أخطارها وامتِداداتها، ووأدها في مَهدِها".
وأكد عطوان أن هذه الثّورة الطُّلّابيّة التي فكّت الارتباط المُزوّر الكاذب بين مُعاداة الصّهيونيّة ومُعاداة السّاميّة، تُعيد تذكير هذه الدّولة العميقة، بأنّ مثيلتها التي انفجرت في ذروة حقبة الحرب الفيتناميّة هي التي لعبت دورًا كبيرًا في الهزيمة الأمريكيّة، وإسقاط الرئيس جونسون، وشقيقتها التي اندلعت في الجامعات الفرنسيّة عام 1968 هي التي أطاحت بالرئيس شارل ديغول بَطَلُ حرب التّحرير في بلاده، والشّيء نفسه تكرّر وتمثّل بالإطاحة بالنّظام العُنصريّ في جنوب إفريقيا، وانتِقال القائد العظيم نيلسون مانديلا من المُعتَقل إلى مقرّ الرّئاسة.
ويُعدّ كيان العدو الصهيوني أكبر متلقٍ للمساعدات الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، ووفقاً للمؤشرات الرسمية الأمريكية، فقد بلغت المساعدات الإجمالية المقدمة من أمريكا لهذا الكيان فيما بين عامي 1946 و2023 نحو 158.6 مليار دولار.
ويشار إلى أن معظم المساعدات الأمريكية لهذا الكيان الغاصب تذهب للقطاع العسكري، حيث بلغ حجم المساعدات العسكرية فيما بين عامي 1946 و2023، بحسب التقديرات الأمريكية الرسمية، نحو 114.4 مليار دولار، إضافة إلى نحو 9.9 مليارات دولار للدفاع الصاروخي.
ويرى مراقبون أن الديمقراطية الأمريكية ستظل عرجاء على الدوام تخسر النفوذ باستمرار إلى حين سقوط الدولار بصفته عملة الاحتياطي العالمي ودخول الولايات المتحدة في ركود مُشل وفي حينها ستواجه على الفور انكماشاً هائلاً في آلتها العسكرية.
الجدير ذكره أن غزة هي نقطة الضوء التي أنارت عقول العالم ليعرفوا حقيقة إمبراطورية "الشيطان الأكبر" التي بلغ انحطاطها ذروته وذهبت ذرائعها باسم الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحرية التعبير، وحقوق المرأة.. وغيرها، وظهر اليوم وجه أمريكا القبيح والأكثر إجرامية في التاريخ وهذا الاجرام شاهده العالم كله فيما تعرض له طلاب الجامعات الأمريكية وأساتذتها من قمع دفاعاً عن كيان مجرم لا يمت للإنسانية بصلة.
سبأ