ما بين يوم القدس واشتعال "طوفان الأقصى".. محور المقاومة كان الرافعة والمُحفز
السياسية - تقرير: محمد الطوقي*
ما بين يوم القدس العالمي، واشتعال معركة "طوفان الأقصى" ثمة دلالات مهمة لا بدّ من أن نتوقف أمامها، وهي أنه لولا وقوف محور المقاومة لما تشكلت المقاومة في غزة والضفة الغربية المحتلة، ولما تشكلت وحدة الساحات التي تساند المقاومة الفلسطينية وتُحاصر العدو وتقف صامدة في هذه المعركة المفصلية الوجودية مع الكيان الصهيوني الغاصب.
فبعد 45 عامًا من مبادرة يوم القدس العالمي تبلورت حقائق ومعطيات كثيرة وكبيرة على أرض الواقع، من بينها، أن دول محور المقاومة كانت حاضرة من ذلك اليوم إلى جانب المقاومة الفلسطينية التي مكنتها من الوصول إلى توازن ردع مع العدو الصهيوني، في ظلّ أهمية وضرورة تثبيت الحق الفلسطيني وعدم التنازل عنه أو التفريط فيه تحت أي ظرف زمان أو مكان.
والواضح أكثر هنا، أن تطوير التفاعل والتعاون بين أطراف محور المقاومة منذ بداية الإعلان عن يوم القدس كان الرافعة والمحفز لإنجازات وصمود المقاومة الفلسطينية الميدانية والسياسية في وجه العدوان الصهيوني بل إنها مبعث القلق الوجودي الذي يحكم التفكير الاستراتيجي للكيان الصهيوني.
وتأكيدًا على ذلك قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة في تصريحات صحفية: إن "كل جبهات محور المقاومة مُوحدة اليوم ضد العدو الصهيوني وبهذه الجبهات سوف ننتصر، إضافة إلى صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته".
ولفت إلى أن "محور المقاومة قوي وما يجري الآن في جنوب لبنان وفي اليمن ومن عمليات في العراق يؤكد وحدة المحور وقوته واستعداده إلى أبعد مدىً في قتال "إسرائيل".
بدوره، قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، إنّ "القدس اليوم تعيش لحظة تاريخية، بعدما بعث "طوفان الأقصى" أملاً بحتمية انتصارها وتحريرها".
وحيّا رئيس المكتب السياسي لحماس الجهود التي تقدمها قوى محور المقاومة المشتعلة على طول خط المواجهة مع العدو نصرة لغزة.. قائلاً: "لقد تجلّى أعظم مشهد في وحدة الساحات والجبهات من فلسطين إلى لبنان واليمن والعراق ودعم من إيران".
من جانبه أكَّد الأمين العام لكتائب سيد الشهداء في العراق أبو آلاء الولائي أنَّ مبادئ المقاومة والصمود والنصر والثبات ووحدة الساحات التي تبنتها حركات المقاومة هي من ثمار يوم القدس العالمي.. مشيرًا إلى أنَّ الكيان الغاصب بات يشعر وللمرة الأولى منذ نشوئه عام 1948 بالتهديد الوجودي، وأنَّ فصائل المقاومة وعلى امتداد محور المقاومة، قد جسَّدت مفهوم وحدة الساحات بأبهى صوره، فكانت حقًا وصدقًا كالجسد الواحد.
وأضاف الولائي: "التحاق جبهات الإسناد بمعركة طوفان الأقصى رجّح كفّة معادلة الردع التي ثبتتها المقاومة في مواجهة الاحتلال، جبهات الإسناد لم تسمح للعدو الصهيوني ومن معه بالانفراد بغزة وأهلها، ولم تنفع كل أنواع الضغوطات لعزل الجبهة الفلسطينية عن باقي جبهات المحور، والعدو الماكر حرّك كل أدواته في المنطقة لتقطيع أوصال الرباط الساند والممتد حتى أقصى بقعة من الأراضي الفلسطينية المحتلة".
بدوره، قال الأمين العام لحركة "النجباء" العراقية، الشيخ أكرم الكعبي: إنّ المقاومة العراقية ومقاومتا لبنان واليمن ستقف مع المقاومة الفلسطينية حتى النهاية.. مشيرًا إلى أنّ قوى "المقاومة لم تستخدم حتى الآن إلا النذر اليسير من قوتها".
كما أكّد الأمين العام لـ"منظمة بدر" العراقية، هادي العامري، أنّ "جبهة المقاومة باتت تتوسع، وأبى محورها أن يترك فلسطين وحدها، ولا تستطيع أعتى قوة في العالم منع رجالنا من أداء دورهم".
وأظهرت المجريات العملية لإسناد غزة، بشكل واضح، القاسم المشترك بين يوم القدس العالمي ومعركة "طوفان الأقصى"، وكيف أن محور القدس المترامي الأطراف من اليمن والعراق إلى لبنان وسوريا وفلسطين والجمهورية الإسلامية الإيرانية، هو محور متماسك يزداد قوة وعزمًا على استرجاع حقوق فلسطين بالأرض والمقدسات.
ولعلّ الضربات الصاروخية المتواصلة للمقاومة الفلسطينية منذ بدء "معركة طوفان" الأقصى، والتي طالت مختلف المنشآت والمراكز والمؤسسات الحيوية في "تل أبيب" ومدن الكيان الأخرى، وألحقت بالعدوّ خسائر فادحة، وبثّت في صفوفه قَدْراً كبيراً من الخوف والرعب والفزع، كانت، في واقع الأمر، ترجمةً حقيقية لطوفان الأحرار، الذي راح يقطّع أوصال العدو الصهيوني، ليجعله ينزف من كل مفاصل جسده، وليكشف بالتالي حقيقة ضعفه وخوائِه وهشاشته.
وكما يرى الكثير من المراقبين للمشهد الفلسطيني عموما فإن القضية الفلسطينية منذ مبادرة يوم القدس العالمي بدأت تأخذ طريقها وبشكل عملي بوحدة الساحات، فلم تترك فصائل المقاومة في جميع انحاء المنطقة، غزة وحدها، فانطلق "طوفان الأحرار" عبر جغرافيا المنطقة، وبات يتجه نحو فلسطين، من اليمن ولبنان والعراق وسوريا وإيران، لاقتلاع الكيان الصهيوني المزيف من جذوره.
كما أن أهم الأبعاد التي يمكن لنا أن نسجلها كخلاصة للتجربة العملية والمواقف المبدئية التي مارستها قوى محور المقاومة منذ إعلان يوم القدس وحتى اليوم هي فشل الكيان الصهيوني بأن يقضي على روح المقاومة في فلسطين، بعد نجاح قوى المحور بإحداث نقلات نوعية سُجلت على مدار تاريخ الصراع مع كيان العدو، منذ أن كان الشعب الفلسطيني يقاوم بالحجر إلى أن امتلك الصاروخ الذي يضرب في عمق كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، فتغيرت الموازين، وأصبحت مقاومته تمتلك قوة صاروخية وإرادة وقدرة على هزيمة الكيان الصهيوني.
وعليه فإن يوم القدس العالمي يُشير بوضوح إلى القدس ستبقى في يومها العالمي محور الصراع، وسيبقى لها سيف مسلول في وجه العدو الصهيوني، ومحور مقاومة قوي، وهو يحميها ويدافع عنها، ولن يحسم هذا الصّراع إلا بتحريرها كاملة من براثن الاحتلال الصهيوني، الذي بات محاصراً ببيئة جديدة للمقاومة المنتصرة في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، مدعومة من إيران الثورة، في ظل بيئة دولية جديدة انكسرت فيها الهيمنة الأحادية الأمريكية.
سبأ