السياسية - تقرير: يحيى عسكران*

يتذّكر اليمنيون خلال التسع السنوات الماضية من العدوان الذي شنه تحالف دولي مكون من 17 دولة بقيادة أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني وأدواتهم "السعودية والإمارات" بفخر واعتزاز ما أفضى إليه من عزة وكرامة للشعب اليمني وتقديم التضحيات دفاعاً عن الوطن وسيادته واستقلاله.

لا تزال أولى الضربات والقصف والعدوان الهمجي للتحالف الدولي الإجرامي على اليمن، بعد إعلانه وتدشينه من قبل وزير خارجية السعودية آنذاك عادل الجبير من عاصمة رأس الشر والإرهاب العالمي واشنطن، عالقة في أذهان الكثير من أبناء اليمن، الذين تلقوا ذلك بغرابة، إزاء ما آلت إليه الأوضاع من انحدار، وتدخل عسكري دولي على بلد مستقل وذي سيادة، لا لشيء إلا لرفضه الخضوع للهيمنة والوصاية والارتهان لقوى الاستكبار العالمي.

بعد منتصف ليل الخميس الـ 26 من مارس 2015م، تفاجأ سكان العاصمة صنعاء والمحافظات بأصوات تحليق طيران مكثف في الأجواء تزامن مع سماع أصوات انفجارات قوية دوّت في مناطق مختلفة من العاصمة، أيقظت السكان من نومهم، لتحل كارثة إنسانية هي الأولى بارتكاب الطيران الأمريكي السعودي الإماراتي مجزرة في حارة البلس بحي المطار استشهد فيها 27 مواطناً بينهم 15 طفلاً وأصيب 30 شخصاً معظمهم نساء وأطفال.

لم تكن القيادة في صنعاء والقوى السياسية الوطنية والشعب اليمني وحتى رئيس المرتزقة عبدربه منصور هادي الذي فرّ هارباً للرياض، على علم ودراية بما تُحيكه أمريكا والسعودية والإمارات وتحالفهم الإجرامي، من مخططات استعمارية، إلا أن الإرهاصات السياسية آنذاك كانت مؤشراً لبداية انفجار حرب أو عدوان خارجي تحيكه أمريكا وأدواتها لليمن، بأعذار وحجج واهية ولا أساس لها من الصحة.

تلقت قيادة صنعاء والقوى الوطنية الصامدة والثابتة، ضربات التحالف بكل هدوء، وحمّلت أمريكا والسعودية والإمارات ومن تحالف معهم المسؤولية الكاملة إزاء الاعتداء على دولة مستقلة وذات سيادة وعضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأدانت التدخل الدولي في اليمن وما أسفر عنه من ضحايا باستهداف وتدمير وقصف الأعيان والمنشآت المدنية.

استمر التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي، في ارتكاب المجازر المروعة والجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية، بنظر المجتمع الدولي والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وأمام العالم أجمع، الذي لم يحرك ساكناً لإيقاف المجازر، بالتزامن مع حصار بري وبحري وجوي، وإيقاف مرتبات موظفي الدولة وتدهور للمنظومة الصحية والتعليمية والمنشآت الخدمية وكل مقدرات البلاد التي أصبحت عُرضة للاستهداف والقصف دون أي مبرر.

استغل التحالف الدولي، قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216، المتخذ في 14 أبريل 2015م، الذي وضع اليمن تحت الفصل السابع، ليتحكم بمصير الشعب اليمني وينتهك سيادته واستقلاله، ويرتكب آلاف المجازر بحق المدنيين دون حسيب أو رقيب، خاصة مع تماهي ودعم أدواته من العملاء والخونة والمرتزقة الذين أيدوا ما يقوم به من إجرام في ظاهره إعادة ما تسمى بالشرعية للعاصمة صنعاء، وفي باطنه تنفيذ أجندة خارجية هدفها تدمير اليمن والسيطرة على قراره السيادي ونهب ثرواته وخيراته.

ظلت أمريكا والسعودية والإمارات في عناد واستمرار الطغيان، لقتل اليمنيين منتهكين القوانين الدولية والإنسانية، مستخدمين ترسانة صاروخية هائلة وقنابل محرمة دولياً، تم تجريبها على رؤوس اليمنيين، فضلاً عن فرض حصار وتجويع ممنهج، بالرغم من رسائل وجهتها صنعاء إلى عواصم دول العدوان علّها تدرك خطورة ما تقوم به، لكن دون جدوى.

ومع استمرار العدوان والحصار، كانت القوات المسلحة اليمنية تسابق آلة الزمن في تطوير القدرات العسكرية بفضل الله تعالى وبحكمة وحنكة قائد الأمة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي والمجلس السياسي الأعلى والتفاف القوى الوطنية الصامدة وتماسك اليمنيين، إدراكاً منها بمقولة "إن القوة في الحق هي سر عز الأمة الإسلامية، ولا يعرف فضل القوة المؤيدة للحق إلا من شقي تحت وطأة الطغيان".

واصلت القيادة في صنعاء جهود التحشيد وتعزيز التعبئة العامة في أوساط اليمنيين ودعم الجبهات وتطوير القدرات العسكرية، والجهوزية الأمنية والحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية رغم الثغرات التي كانت تحدث، وتجاوزت كافة العقبات والإشكالات على مختلف المسارات والمستويات.

وتخطّت صنعاء أولى العقبات التي كان يصنعها تحالف العدوان، بالتوجه إلى المسار النهضوي من خلال المشروع الوطني الذي أطلقه الشهيد الرئيس صالح علي الصماد تحت شعار "يد تحمي.. ويد تبني"، لبناء الدولة اليمنية الحديثة، القوية والعادلة، وفق خطوات استراتيجية تمضي على قدم وساق حتى اليوم.

في حين وضعت القوات المسلحة استراتيجية ردع جديدة ضمن خططها وبرامجها للانتقال من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم ومن مسار التقدم في النوع والمدى إلى التقدم في الفاعلية والتأثير، باتجاه تأديب قوى الهيمنة والاستكبار بقيادة أمريكا وأدواتها وإيقاف عربدتها واستكبارها في اليمن والمنطقة برمتها.

اليوم وبعد تسع سنوات من العدوان والحصار الأمريكي السعودي الإماراتي، أصبحت صنعاء بالرغم مما تعرضت له من حرب وعدوان، قوة فاعلة ومؤثرة في المنطقة والعالم، بموقفها المشرف والمناصر للشعب الفلسطيني ودعم قضيته العادلة ومساندة مقاومته الباسلة، وباتت في مواجهة مباشرة مع قوى الهيمنة والاستكبار بقيادة أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني.

وتأتي الذكرى التاسعة لليوم الوطني للصمود والقوات المسلحة تخوض معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس" التي أعلنها قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي نصرة لمظلومية الشعب الفلسطيني في غزة والأراضي المحتلة بعمليات عسكرية نوعية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن والمحيط الهندي وصولاً إلى طريق رأس الرجاء الصالح.

حيث دشنت القوات المسلحة، العام العاشر من الصمود اليماني، بست عمليات عسكرية نوعية استهدفت أربع سفن أمريكية وبريطانية ومتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، ومدّمرتين أمريكيتين، وأهداف صهيونية في أم الرشراش المحتلة، في رسالة جديدة فحواها توجه اليمن نحو التصعيد العسكري الشامل ضد ثلاثي الشر "أمريكا وبريطانيا والعدو الصهيوني".

وبالموقف اليمني الداعم والمساند للشعب الفلسطيني ومظلوميته، عاد اليمن إلى مكانه الطبيعي ليحتل الصدارة من بين الدول العربية والإسلامية التي تخاذلت عن نصرة فلسطين وقضيتها بارتهانها لأمريكا وأوروبا وتواطؤها مع الكيان الصهيوني.

سبأ