السياسية || تقرير : منى المؤيد


منذ يومنا الأول للعدوان السعودي الأمريكي واليمن تشهد حرباً مدمرة لا نظير لها في كل حروب الدنيا - وحشية الدمار- القتل الممنهج للأطفال والنساء - تدمير البنية التحتية - كل هذا بهدف تركيع وخنوع الشعب اليمني.

كان النظام السعودي والإماراتي ومن ورائهما أمريكا يراهن على حسم المعركة خلال أسابيع قليلة بعد أن تفاخرت بأنها قد دمرت مواطن "انصار الله" حسب زعمها متجاهلة حقيقة أن المجتمع اليمني القبلي بأفراده وأعرافه المتوارثة يشكل الركيزة الأساسية لقوة اليمن وانتصاراته، وأن لا عذر يقبل لتدمير اليمن، وتدخل خارجي عسكري لضرب قاعدة معينة في البلاد، ولهذا انطلق النفير العام لمواجهة التدخلات الخارجية وتوحدت اللحمة اليمنية رغم تبايناتها المتعددة منذ اللحظة الأولى للعدوان على اليمن، ليبدأ اليمنيون بتدوين أول صفحة من صفحات الصمود أمام أعتى حرب عبثية في العصر الحديث.

وبالرغم من وحشية العدوان السعودي الأمريكي بحق الشعب اليمني إلا أن قوى تحالف العدوان لم تحقق أي شيء من أهدافها المعلنة والسخيفة، حيث استطاع الشعب اليمني بتماسكه والتفافه حول قيادته الثورية والسياسية والعسكرية أن يقاوم ويصمد في وجه أعتى عدوان تاريخي إلى يومنا هذا.

وعند التأمل للحظة ما سر تماسك المجتمع اليمني، وصموده وبسالة أبنائه وثباتهم في مختلف جبهات الشرف تجد أن قيادتنا الحكيمة المتمثلة بقائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي قد استطاعت أن تحوّل التحديات إلى فرص ثمينة لا يمكن تكرارها للبناء والتأسيس ليمن جديد.

فمثّل صمود شعبنا اليمني بوجه العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على مدى هذه السنوات، سابقة تاريخية منقطعة النظير سطر فيها اليمانيون الأبطال ملاحم خالدة على مستوى التصدي للعدوان الخبيث، وأكدوا أن الشعب اليمني ليس بحاجة لأن ينتظر المستقبل حتى يكشف له عن الهزيمة المرتقبة للمعتدين؛ فما تحقق على أرض الصمود المذهل يمكن البناء عليه بأن النصر سيكون حليف الشعب اليمني الذي ضرب أروع الأمثلة في الثبات والتصدي وتلقين الأعداء والغزاة دروسا قاسية لن ينسوها أبدا.

وكان كل الفضل في الصمود والصبر يعود إلى أبناء الشعب اليمني المتسلح بالوعي والإيمان والصبر، وبفضل قيادته الحكيمة ممثلة بقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي.



الخروج السنوي:
للدفاع عن الوطن وحريته واستقلاله وانتزاع كامل القرار السياسي، يخرج للساحات أبناء اليمن لتدشين عامهم الجديد من الصمود ليكون خروجهم رسالة للعالم بعزيمة وثبات اليمنيين حتى الانتصار، وهم أكثر ثباتاً وصموداً، وأكثر إصراراً وعزيمة يحدوهم الأمل والثقة بالله بأن الأيام القادمة ستكون بشرى الانتصار الكبير بعد أن استطاع شعبنا اليمني ومجاهدوه الأبطال كسر غطرسة وغرور العدوان الذي بات يترنح باحثا عن طوق نجاة.

وها هو اليوم في كل جمعة يخرج أبناء اليمن في أكثر من ساحة في صنعاء وباقي المحافظات اليمنية ليعبروا عن موقفهم الجهادي والتضامني بالقول والفعل لإخوانهم في قطاع غزة الذين يتعرضون لأبشع الجرائم من قبل جيش الاحتلال الصهيوني بمساندة من أمريكا الشيطان الأكبر.

فقد عبرت جميع المسيرات والتظاهرات منذ انطلاق العدوان على اليمن في 26 مارس 2015 وعلى قطاع غزة في ٧ أكتوبر 2023 عن الوحدة والتلاحم الوطني والشعبي بكل طوائفه وأحزابه لنقول للعالم نحن أبناء اليمن مهما اختلفنا سنظل يدا واحدة ضد قوى الاستكبار العالمي.



وحدة الصف
منذ اللحظة الأولى للعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن، سعى ذلك التحالف جاهداً إلى تمزيق النسيج الاجتماعي اليمني وتفكيك دعائمه لإدخال اليمن في مستنقع الصراعات والفتن، وإشغاله عن مواجهة التحديات، والتصدي لعدوانه، إلا إن تلك المؤامرة قد تحطمت أمام تماسك اللحمة الوطنية لقبائل اليمن الشرفاء التي خرجت بكامل عتادها ورجالها للدفاع عن الأراضي اليمنية، وخصوصا عندما وقفت القيادة الثورية مع إخواننا في غزة لمنع السفن الاسرائيلية بالمرور من البحر الأحمر.



عوامل الصمود
إن العامل المهم من عوامل الصمود اليماني هي الإنجازات العظيمة التي أثمرت على الساحة الميدانية والعسكرية، والتي يحقّقها أبطال الجيش واللجان الشعبية بالانتصارات تلو الانتصارات.

ولا ننسى أيضاً المستوى العالي لخبرات التصنيع الحربي اليمني الذي استطاع أن يوصل الوجع إلى عمق دول العدوان عبر الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وجعلهم يتباكون ويستنجدون بالعالم ويبحثون بخجل عن مخرج لحفظ ما تبقى من كرامتهم بعد أن فقدوا هيبتهم وعجزوا حتى هذه اللحظة عن تحقيق أي مكسب عسكرية على الأرض، بل إن اليوم وبفضل الله قد أصبحت القوات المسلحة اليمنية وبمناصرتها لإخوانها في قطاع غزة ومنع السفن الإسرائيلية أو التابعة للكيان الصهيوني المتجهة إلى فلسطين المحتلة قوة كبرى بعد ان ظهرت تطورات عسكرية جديدة ومتوالية عجزت قوى الاستكبار العالمي عن مواجهتها.

ولعل مظلومية أبناء الشعب اليمني من أهم عوامل الصمود الأسطوري - كما هو مظلومية أبناء فلسطين أيضاً وصمودها الأسطوري. إلا أن الاستسلام أمر غير وارد في اليمن وكذلك في فلسطين، وهذا ما أثبته الواقع والتحديات.



النهوض الاقتصادي
كان للحصار الخانق المفروض على اليمن برا وجوا وبحرا، وانقطاع الرواتب، آثر سلبية على حياة اليمنيين، إلا أن توجهات القيادة الثورية والسياسية كانت لها آثار إيجابية في إعانة المواطن اليمني في لقمه عيشه - حيث بادرت القيادتين إلى تبني العديد من الخطوات والخطط التنفيذية لتفعيل دور الزراعة والإنتاج المحلي لمختلف السلع والمواد الغذائية، وتقديم التسهيلات الكفيلة بتشجيع المزارعين على إحياء الأراضي وتفعيلها من جديد للحد من نسبة الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الأساسية وعلى رأسها القمح.



التمكين العسكري والتصنيع الحربي
حاولت قوى الشر العالمي خلال الفترات الماضية وفي ظل الأنظمة الحاكمة السابقة على تدمير البنية العسكرية اليمنية - لتحويل اليمن إلى بلد عاجز عن الدفاع على أرضه ومقدراته، وما أن انبثقت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر وانطلاق العدوان السعودي الأمريكي الغاشم على بلدنا، حتى أدرك أبناء الشعب اليمني حقيقة المؤامرة الخبيثة على أرض الحكمة والإيمان حتى حولوا المعاناة إلى فرص واقعية في التصنيع العسكري والقوة الصاروخية والطيران المسير والسلاح البحري وغيرها من الإمكانيات العسكرية حتى في الاكتفاء الذاتي.

وأمام هذه النقلة النوعية في مجال التصنيع والتسليح الحربي - استطاعت القوات العسكرية اليمنية أن تعيد للبلاد عزتها وكرامتها وبما يتوافق مع أهداف وتطلعات قيادات صنعاء وبشكل أصاب العالم بالذهول والدهشة.



انتصار ساحق
من خلال العدوان على اليمن أدرك الجميع قوى وأنظمة ومكونات ومليشيات عمالة وارتزاق أن الصمود اليمني صمود أسطوري بطولي ينتمي إلى التاريخ الإسلامي العريق.

وعليهم أن يدركوا أيضا أن اليمن اليوم غير الأمس فهو قوة مؤثرة فاعلة في شبه الجزيرة العربية، وقد أثبت ذلك بتدخله المباشر العسكري ضد قوى الاستكبار أمريكا وبريطانيا نصرة لإخوانهم في فلسطين والوقوف إلى جانبهم.

وفي الختام لا نستطيع القول إلا أن السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي قائد الثورة حفظه الله ونصره، بحكمته وبصيرته، بعد الله سبحانه وتعالى استطاع أن يغير المعادلة والموازين من العدوان على اليمن والعدوان الجاري على قطاع غزة إلى نصرا مشرفاً يفتخر فيه كل حر وشريف على هذا العالم.