غزة تُحرر العرب والمُسلمين من عُقدة إسمها "إسرائيل" وتكشف نفاق أمريكا والغرب
السياسية - تقرير: مرزاح العسل*
في سابقة تاريخية ومن خلال معركة "طوفان الأقصى".. استطاعت غزة الصغيرة أن تحرر شعوب العرب والمسلمين من عقدة اسمها "إسرائيل" عانت منها أجيالاً متُعاقبة بل ودولاً عربية كبيرة، بل وحررت ملايين الشباب العربي المخدوع بأسطورة "إسرائيل العظمى" التي ضخمتها آلة الدعاية الصهيونية بالتواطؤ مع المتصهينين العرب.
وبكل تأكيد فقد أسقطت غزة كل أقنعة النفاق لحكام أمريكا ودول الغرب والعرب المُطبعين فيما يخص احترام القانون الدولي وقانون الحرب والقانون الإنساني وحقوق الإنسان والديمقراطية واحترام سيادة الدول، وأثبتت على الساحة العالمية والإقليمية وقاحتهم، وإجرامهم، وعدوانيتهم، وعنصريتهم والأهم من ذلك أثبتت أنهم غير إنسانيين.
كما أن غزة حرّرت الشعب الفلسطيني من أوهام السلام التي لم يجني من ورائها إلّا مزيداً من الذل والقهر واحتلال المزيد من أراضيه وقتل المدنيين منذ توقيع اتفاقات أوسلو المشؤومة، وأنقذته من مشاريع السلام الكاذب الذي أطلق يد الكيان الغاصب في مهبط الوحي وقبلة المسلمين الأولى، وهو الكيان الذي عجز عن حماية نفسه من بضع مئات من المجاهدين الصادقين.
ويرى محللون سياسيون وخبراء بأن غزة رغم مساحتها التي لا تتجاوز 360 كم٢ إلا أنها استطاعت تحرير الشباب العربي والمسلم من عقدة الخوف ممّا كانوا يضنون أنه أقوى جيش في المنطقة، وحررتهم من عقدة الإرهاب التي أُلصقت بالمسلمين منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، بل وحررتهم من عقدة النقص وعدم الثقة بالنفس بسبب تسلط الآلة الإعلامية الصهيونية عليهم.
ويؤكد الخبراء والمحللون أن جميع تلك العقد زالت في ساعتين فقط بعد أن تمكن 300 مجاهد فلسطيني بإلحاق أكبر هزيمة في تاريخ كيان العدو الصهيوني.. وكانت عملية "طوفان الأقصى" كارثية على العدو الصهيوني بكل ما تعنيه الكلمة إلى درجة جعلت العدو يعود إلى ذاكرته الجمعية لاستعادة المحرقة النازية (رغم استحالة المقارنة بين الأمرين).
وبكل الأحوال فقد أثبت شعب غزة العظيم للعالم أن كيان العدو الصهيوني المسمى "إسرائيل" أوهن من بيت العنكبوت، وأن تأثير معركة "طوفان الأقصى" المباركة على الرأي العام العالمي قد فاق جميع التوقعات تماماً، كما أذهلت نتائجها العسكرية الخبراء العسكريين حول العالم.
وكما كسرت تلك العملية شوكة هذا العدو المتغطرس، فقد كشفت كذلك مدى هشاشته واعتماده على أمريكا بشكل شبه كامل، دبلوماسيا وعسكرياً واقتصادياً وتقنياً، وكشفت من خلال ثلة قليلة من المجاهدين سَوءة هذا الكيان المؤقت الذي كان حتى الأمس القريب يتبجح بقدراته العسكرية وهيمنته السياسية على المنطقة باعتباره قوة إقليمية يُحسب لها ألف حساب.
وعلى الرغم من أن أمريكا حاولت تقديم نفسها كطرف مُحايد ووسيط ومانع من انتشار الحرب منذ اليوم الأول لهذا الطوفان الجارف، إلا أن كل تحركاتها العملية في دعم وإدارة الحرب الصهيونية والإجرامية ضد المقاومة وشعب غزة قد كشفت يدها الإجرامية ونفاقها، كما كشفت تواطؤها في كل الجرائم الصهيونية وبينت وجه أمريكا الحقيقي وشعاراتها الخادعة والمزيفة والمنافقة في تحدي الرأي العام العالمي وخاصة الأمريكي.
ويبدو أن الاحتجاجات وانعدام الثقة في البيت الأبيض وحُكامه المنافقين ووسائل الإعلام الأمريكية لم تقتصر فقط على شوارع المدن الأمريكية ولندن والدول الغربية، بل حتى في مواجهة خطابات بايدن ارتفعت الصرخات المُنددة بالإجرام الأمريكي الصهيوني.
ولم يقتصر دعم أمريكا وبايدن لكيان العدو الصهيوني من خلال إرسال الذخيرة والأسلحة ومشاركة قوات كوماندوز خاصة (الدلتا)، بل إن أمريكا دخلت الحرب فعلاً ودافعت عن هذا الكيان رسميًا في اليمن وفي العراق، واتخذت بذلك نهجاً عسكرياً في حماية لهذا الكيان اللقيط.
ورغم طبيعة أمريكا العدوانية وانتهاكها لسيادة اليمن والعراق ودول المنطقة إلا أنها تحاول حماية نفسها من النار التي تشعلها وتنشرها في المنطقة.
وإذا كان الرأي العام العالمي وبعض الدول قد أدرك حقيقة وجه أمريكا وطبيعتها اليوم، فإن تفكير المقاومة، سواء على الساحة الإقليمية أو على الساحة العالمية، بأدواره، لن يزيل القناع من وجه أمريكا وعارها أكثر من أي وقت مضى فحسب، ولكن مع اشتداد واستمرار واتساع رد الفعل على أمريكا والعدو الصهيوني، عدا عن الإحراج والفضيحة والإفلاس، سيفرض الهزيمة ليس فقط على نتنياهو والعدو الصهيوني، ولكن أيضًا على إدارة البيت الأبيض وبايدن.
ويؤكد محللون أن الحرب الصهيونية على غزة أحيت نبوءة انهيار الكيان المؤقت، وإذا تحقق ذلك فستكون له تداعيات كارثية على استقرار المنطقة بأسرها، وإذا استمر الصهاينة في حرب الإبادة الجماعية، فستتغير الظروف وستنطلق عملية قد تؤدي في النهاية إلى انهيار هذا الكيان الغاصب، ويمكن أن يكون المسار سريعا أو بطيئا، ولكن حدوثه سيكون مسارا بلا عودة.
ويرون أنه إذا كانت الحرب في غزة بداية نهاية الصهيونية، فقد يشير ذلك إلى عودة الربيع العربي وإعادة تشكيل كامل للمنطقة، وقد يدفع الانهيار الصهيوني إلى انزلاق العديد من دول المنطقة إلى صراعات مُسلحة وحروب أهلية.
ويقول المفكر المغربي وعالم الدين أحمد الريسوني في مقابلة سابقة مع وكالة الأناضول التركية: "إن عملية "طوفان الأقصى" أحدثت زلزالا في الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية، وفضحت "نفاق" الكثير من الأنظمة الغربية والعربية.
ويضيف الريسوني، وهو الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: إن "طوفان الأقصى هو اسم على مسمى، فهو طوفان سياسي وثقافي ونفسي، حيث حطم الكثير من الأساطير الصهيونية، والأوهام العربية".. مؤكداً أن "هذا الطوفان ذكّر العالم بحقيقة هذه القضية، وذكّرنا بمعاناة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال الصهيوني منذ ثمانية عقود، وبالحصار المطبق الخانق المفروض على قطاع غزة منذ نحو 20 عاما".
وبحسب كلام العالم المغربي، فإن أحداث غزة "لفتت الأنظار إلى محنة آلاف من السجناء والمحتجزين الفلسطينيين، وضمنهم مئات الأطفال والنساء، فطوفان الأقصى جر الاحتلال إلى الظهور على حقيقته العنصرية الإجرامية الهمجية".. معتبراً أن "طوفان الأقصى فضح نفاق الكثير من الأنظمة الغربية والعربية، وفضح أصحاب الدعاوى المزيفة لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية".
الجدير ذكره أن العدو الصهيوني يواصل منذ السابع من أكتوبر الماضي عدوانه الهمجي على قطاع غزة بدعم وتواطؤ أمريكي غربي عربي، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 31.819 فلسطينياً وإصابة أكثر من 73.934 آخرون.. بحسب الإحصاءات الرسمية الأخيرة لوزارة الصحة الفلسطينية بغزة.
سبأ