المشروع القرآني بمواجهة المشاريع الإلحادية
السياسية || محمد محسن الجوهري*
الفعل (لحد) في القاموس بمعنى مال عن الطريق أو عن وجهته المحددة، كأن يقال "لَحَد السهم عن الرمية" أي أخطأ الهدف ولم يُصبه.
والملحد هو من يعتاد على المغالطة، وحرف الكلم عن مواضعه، وقد ورد الفعل في القرآن الكريم في أكثر من موضع، وجميعها بمعنى التحريف، مثل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} الأعراف ١٨٠، أي يحرفون أو يغالطون في وصفه سبحانه وتعالى.
ومن هنا يتبين لنا معنى الإلحاد؛ فالملحد لا هدف له ولا عقيدة سوى التحريف والمغالطة عن الحق، وهو على استعداد أن يتنقل بين المواقف المتناثرة والمختلفة نكايةً في أهل الحق، حتى لو اضطر إلى الكفر بالله.
فالحقُ ثابت لا يتغير عبر العصور، بينما الباطل يضطر إلى تطوير بأكمله وتبديله حسب المرحلة، وحسب ما ينادي به أهل الحق من مواقف عملية، كالجهاد في سبيل الله وغيرها.
والأمثلة القرآنية كثيرة، ومن أبرزها موقف بني إسرائيل عندما جاءهم ما عرفوا من الحق كفروا به، واتبعوا بعنادهم السبل المرفقة التي انتهت بهم إلى عبادة الشياطين.
وفي واقعنا اليمني، الشواهد لا تختلف كثيراً عن وضعية بني إسرائيل، فمعظم المخالفين للمشروع القرآني لا يستندون في مخالفتهم على قواعد وأُسسٍ ثابتة، بل يتنطعون من موقف إلى آخر حسب ما تقتضيه المرحلة، وما تنادي به المسيرة القرآنية من مواقف عملية مشرفة لصالح الأمة الإسلامية بكلها.
ويكفي أن نلقي نظرة على الإعلام التابع لفصائل المرتزقة، سنجد أنهم مختلفون فيما بينهم ومجمعون على مناهضة المشروع القرآني بأي وسيلة بمتناولهم حتى لو كان الثمن الخروج على دين الله.
وقد وصل البعض منهم حد الإلحاد والمناهضة للإسلام علانيةً، والدعوة إلى إعادة تقديس الثقافات الوثنية الغابرة، كل ذلك حتى لا يُقروا بالحق الصادر من خصومهم.
ولو أن لديهم مبادئ ثابتة لانحازوا لها، وكانت نقطة التقاء بينهم وبين خصومهم، فعلى سبيل المثال؛ حزب الإصلاح كان يدعي أنه مشروع ديني محافظ، وأنه يناصر القضية الفلسطينية، ولمَّا جاء من يناصر فلسطين ويحافظ على عقائد الأمة معتمداً في ذلك على القرآن الكريم، كفر عتاولة الإصلاح بالدين بكله، وبدأوا بإشاعة ما كانوا يحرمونه من قبل نكايةً فقط في أنصار الله.
ونجد إعلامهم اليوم لا همَّ له سوى التشنيع بكل ما يأتي من أنصار الله، والتحريف والتشويه لمواقفهم المشرفة، حتى في نصرة القضية الفلسطينية وغيرها.
وعلى ذلك سائر المرتزقة، ولك أن تقيس عقائدهم من إعلامهم ومواقفهم، فليس هنالك ثابتٌ نحتكم وإياهم إليه، فكل شيء لديهم قابل للتغيير حتى الثوابت الدينية والأخلاقية.
ولو افترضنا أن حكومة صنعاء أصدرت اليوم قراراً بمنع الأغاني في قاعات الأعراس مثلاً، سيتحول شيوخ الإصلاح وغيرهم من المرتزقة إلى مطربين ومؤيقعين، وسيجاهرون بما هو أفسق، فقط لإشباع عقيدة الإلحاد التي بداخلهم.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب