مخاوف وتحذيرات من إنشاء ممر بحري بإشراف أمريكي قبالة غزة
السياسية // تقرير: عبدالعزيز الحزي
عرضت الولايات المتحدة الأمريكية خططا لإنشاء ممر بحري عائم قبالة شواطئ غزة يهدف إلى نقل المواد الغذائية وغيرها من المساعدات إلى المدنيين في القطاع بينما تدعم واشنطن العدو الصهيوني عسكرياً وسياسياً ومالياً وهو الأمر الذي يكشف بصورة جلية ضلوعها بشكل مباشر وأكبر في العدوان على غزة.
وتأتي هذه الخطوة المفاجئة في الوقت الذي تواجه فيه إدارة بايدن وبشكل متزايد انتقادات كبيرة بعد تفاقم الأزمة الإنسانية وتضييق الحصار الصهيوني على غزة.
وقد أثار الإعلان الأمريكي عن إنشاء ميناء على شاطئ غزة مرتبط بممر مائي لإيصال المساعدات إلى القطاع مخاوف من استغلال المأساة التي يعيشها سكان القطاع لتحقيق “مخطط التهجير”.
وندد المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري بالاقتراح الأمريكي.. معتبرا أنه “خبيث” إذ أن الولايات المتحدة تقدم في الوقت نفسه قنابل وذخائر ودعما ماليا لكيان العدو الصهيوني (إسرائيل).
وقال خلال مؤتمر صحفي في جنيف “للمرة الأولى أسمع أحدا يقول إننا بحاجة إلى استخدام رصيف بحري.. لم يطلب أحد رصيفا بحريا، لا الشعب الفلسطيني ولا المجتمع الإنساني”.
وبينما لم تعلق حركة المقاومة الإسلامية حماس على “الميناء الأمريكي” و”الممر القبرصي” لإدخال المساعدات، برزت أصوات في السلطة الفلسطينية تخشى من استغلال ميناء عزة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.
وقالت الخارجية الفلسطينية في بيان لها: إن تركيز العدو الصهيوني على إعطاء الموافقات على فتح ممرات بحرية ومنع مرور المساعدات بريا عن طريق المعابر، هدفة تطبيق خطة حكومة العدو الصهيوني بتكريس الاحتلال والفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة وتهجير أبناء الشعب الفلسطيني.
وكانت قد أكدت في وقت سابق أن الممر تترتب عليه مخاطر تستهدف الوضع الديموغرافي في قطاع غزة، في ضوء عمليات القتل والتجويع وقطع شريان الحياة عن القطاع.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أعلن أنه سيوجه الجيش الأمريكي لقيادة مهمة طارئة لإنشاء رصيف بحري مؤقت في البحر المتوسط على ساحل غزة.. لافتا إلى أن الرصيف المؤقت على ساحل غزة سيكون قادرا على استقبال سفن كبيرة تحمل الغذاء والماء والدواء وملاجئ مؤقتة.
بدوره، قال الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس: إن ممر قبرص البحري يستهدف تسريع نقل المساعدات إلى قطاع غزة وتخفيف الضغط عن الطرق البرية.. مضيفاً: إن بلاده تهدف لجعل الممر البحري مستداما ومساهما رئيسيا في رفع المعاناة عن المدنيين في غزة.
ووسط تحذيرات من خطر مجاعة بعد مرور خمسة أشهر على العدوان الصهيوني على غزة، قام الجيش الأمريكي بإسقاط جوي لوجبات غذائية على غزة.
في السياق ذاته، تساءلت النائبة الديمقراطية براميلا جايبال، اليوم السبت، عن المغزى من إنزال المساعدات الأمريكية جوا على قطاع غزة فيما تعد أمريكا أكبر ممول لـ(إسرائيل) عسكريا؟.
وقالت في حديث مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية: إنه “لا بد من إحداث تحول في السياسة الأمريكية قريبا للاستفادة من نفوذ تمويلها لـ”إسرائيل” لإدخال المساعدات فوراً إلى غزة”.
وكررت النائبة جايبال التشديد على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق الأسرى وإدخال المساعدات إلى سكان قطاع غزة.
وينص مشروع قانون أمريكي على تقديم 17.6 مليار دولار إضافية من المساعدات العسكرية الجديدة للعدو الصهيوني (إسرائيل) في الوقت الذي تواصل فيه عدوانها على القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة في بيان له: إن “عمليات الإنزال الجوي العشوائية للمساعدات الإنسانية تسببت في استشهاد خمسة فلسطينيين وعدة إصابات عندما وقعت على رؤوس المواطنين نتيجة الإنزال الخاطئ”.
وأضاف المكتب: إن “عمليات الإنزال الجوي غير مجدية، وليست الطريقة المثلى لإدخال المساعدات”.. مشيراً إلى أن جزءا من هذه المساعدات يقع في البحر، بينما يقع جزء آخر بالقرب من السياج الفاصل أو المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، أو داخل الأراضي الفلسطينية.
وتابع: قائلاً: “نكرر ما ذكرناه سابقاً بأن عمليات إنزال المساعدات بهذا الشكل تأخذ صفة الاستعراضية والدعائية أكثر من صفة الإنسانية والآدمية والخدمية، وأنها وقعت اليوم فيما حذرنا منه سابقاً بأنها تشكل خطر الموت على حياة المواطنين في قطاع غزة وهذا ما وقع فعلياً عندما وقعت على رؤوس المواطنين نتيجة الإنزال الخاطئ كما ظهر في الفيديوهات المنتشرة”.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: إنه يمكن بدء العمل بممر المساعدات البحرية إلى غزة مع نهاية الأسبوع.. وستغادر شحنة تجريبية قبرص الجمعة.
وأيدت عدة دول عربية وغربية قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بتفعيل ممر بحري لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر.
ويأتي إعلان رئيسة المفوضية الأوروبية بعد أن قالت الولايات المتحدة إنها ستقيم ميناءً مؤقتا في غزة، كما صرحت الأمم المتحدة بأن ربع سكان غزة على حافة المجاعة وأن الأطفال يتضورون جوعاً حتى الموت.
ويأتي ذلك بعد وصول محادثات القاهرة إلى طريق مسدود، ومغادرة وفد حركة حماس العاصمة المصرية، بعد مشاورات بشأن وقف لإطلاق النار في غزة بوساطة مصرية، قطرية وأمريكية.
ويعيش في شمال غزة ما يقدر بنحو 300 ألف فلسطيني مع القليل من الطعام والمياه النظيفة.
وكانت قبرص قد أعلنت في وقت سابق عن إنشاء مبادرة “أمالثيا”، لتحديد آلية لشحن المساعدات بشكل آمن من قبرص إلى غزة عبر البحر، وسيكون جزءاً من تمكين الجهد المشترك لإطلاق ممر بحري.
ومنذ عام 1967، يمارس كيان العدو الصهيوني سيطرته الكاملة على ساحل غزة ومياهها الإقليمية، وتمنع السفن من الوصول إلى القطاع.
كما أنه منذ عام 2007، أغلق كيان العدو الغاصب جميع المعابر الحدودية في غزة تقريبًا، وخضع ميناؤها لحصار بحري صهيوني، مما يجعله الميناء البحري الوحيد في البحر الأبيض المتوسط المغلق أمام الشحن.