دينا الرميمة

 

لليوم الخمسين بعد المئة من الحرب على غزة وَغزة لاتزال تفاجأ العالم ببطولة أبنائها الذين عجزت أسلحة الشرق والغرب عن كبح جماح طوفانهم أَو قمع مقاومتهم المولودة من رحم الشعب ومعاناة الاحتلال.

وبصمود وثبات شيوخها ونسائها وأطفالها الذين عاشوا المأساةَ بكافة أشكالها بصبر استوطن قلوبهم حتى لم نعد نجد منه ما نواسي به أرواحنا المتعبة بمصابهم وبتنا نخجل من أوجاعنا الهزيلة أمام عذابات قلوبهم التي تفنن العدوّ فيها حَــدّ الإبداع والتميز؛ كونهم أحبوا الحياة ما استطاعوا إليها سبيلا على أرض تشبثوا بها، وعشقوها حَــدّ الموت اللذيذ على الرغم من أن العدوّ قد قطع أوصالها وحولها إلى مسلخ ينتظر فيها الجميع دوره أمام مسرح الموت كشهيد مرتقب.

وهم بهذا يسطرون دروسا عن أسمى معاني الانتماء وحب الأرض لعالم غارق في ظلم أمريكا وظلمات صهيونية منذ أن وجدت وهي عبء ثقيل على الأرض وطفرة شوَّهت وجه التأريخ وضاق الغرب ذرعا منها ومن ابتزازها لهم بالهولوكست، فصدّروها للأرض العربية، وإلى اليوم وهم يمدونها بكل قوة حتى لا تعود إليهم على ذات هزيمة، وكانوا شركاءها في جرم الاحتلال والاستيطان، في ظل صمت عربي بالغ القسوة.

وربما هنا تكمن مأساة فلسطين الحقيقية حين أودت بها لعنة الجغرافيا جارة لدول أنظمتها أكثر قربًا للصهينة من العروبة، حَــدَّ التآمر مع الصهاينة على فلسطين، وعموا وصموا عن ما يرتكبونه اليوم بغزة، ولم تحَرّكهم صرخات النساء المستغيثات بالنخوة والغيرة العربية وهم المعروفون بخوض حروب اشعلتها صرخة امراة.

ولم تستفزهم مشاهد التدافع أمام حفنة من الطحين الأحمر الذي لم يكن سوى فخٍّ نُصب للجوعى حتى يتسنى للجيش الصهيوني العبث بكرامتهم ومن ثَمَّ التلذذ بقتلهم بطريقة جارحة للإنسانية وكرامة الإنسان.

وفي وقت تلتهم المجاعة أطفال غزة ويَسمع صوت أمعائهم الخاوية المصريون والأردنيون من خلف الجدران الحدودية مع غزة، كانت السعوديّة والإمارات تقيمان جسرا بريا ليعوضوا به ما منعه اليمنيون عن الصهاينة على مدخل باب المندب كخطوة تهدف لإنهاء الحرب والحصار على غزة بمقابلها دخلت اليمن في حرب مع أمريكا لا يراها اليمنيون خسارة لأجل غزة مع تأكيدهم في مظاهراتهم المليونية الداعمة لغزة أن حرب التسع سنوات عليهم لم تكن إلا وقود معركة ومواجهة قد تطول في سبيل تحرير فلسطين سيما وأن السيد عبدالملك الحوثي أكّـد على أن اليمن لديه

مفاجآت لا يتوقعها الأعداء نهائيًّا، وفوق ما يتوقعه العدوّ والصديق؛ ما جعل الكثير يؤمن حَــدَّ اليقين بتحرير فلسطين في حال كانت اليمن بالقرب منها ولما كانت اليوم غزة تباع وتشترى بمزاد الربح والخسارة أمام صناديق الانتخابات الأمريكية، وبحُسنِ نيةٍ من الشعب الأمريكي المطالب بدولة لا تدعم القتل والدمار ساوم بها المرشحين على كرسي الرئاسة؛ ما جعل بايدن يهرع إلى غزة بأربع طائرات محملة بمساعدات استهدفها الجيش الصهيوني قبل أن تراها أعين المتشوقين لكسرة خبز وراح ضحيتها الكثير في جريمة منافية لكل القوانين الدولية.

وهذا ما فسّره الكثير بالفخ الذي نصبه بايدن أمام مأساة الجوع التي تسببت بخسران “إسرائيل” الكثير من داعميها حتى يقول إنه قد أنهى المجاعة التي كان الفيتو الأمريكي أحد أسباب حدوثها، وبالتالي لا يكون هناك ملامة على الجيش الصهيوني في مواصلة حربه، التي أمدهم فيها بكل وسائل الموت من الرصاصة إلى طائرات الإف ٣٥ وبلغ عدد الطائرات المحملة بمختلف الذخائر حوالي ٢٥٠ طائرة حربية ليأتي متباهيا بأربع طائرات لتبييضِ صفحته السوداء والملوثة بجرم الإبادة الجماعية في غزة واغتيال الإنسانية ولن تبيض مهما حاول.

  • المصدر: ملتقى الكتاب اليمنيين
  • المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع