الممرات الآمنة في رفح التي يتحدث عنها العدو الصهيوني ما هي إلا ممرات للموت
السياسية: عبدالعزيز الحزي
رغم التحذيرات الدولية والعربية المتزايدة من مخاطر العدوان الصهيوني المرتقب على رفح والذي لم يُحدد موعده حتى الآن، يبدو أن العدو الصهيوني ورئيس حكومته المتطرف بنيامين نتنياهو، قرر ضرب هذه التحذيرات عرض الحائط.
وفي هذا الإطار، تواصل وسائل إعلام العدو الصهيوني الإشارة إلى أن جيش العدو، ماضٍ في خططه بالفعل في عدوانه على رفح.. كما تشير تلك الوسائل إلى تطمينات “جزار غزة” نتنياهو بتوفير ممرات آمنة للنازحين، ولكن في حقيقة الأمر ما هي إلا “ممرات للموت”.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة الاثنين، أن العدو الصهيوني يواصل الكذب بشأن وجود ممرات آمنة للنازحين والكوادر الطبية.. قائلاً: إن الممرات الآمنة التي يتحدث عنها العدو الصهيوني ما هي إلا ممرات للموت.
فيما أعلنت الحكومة الفلسطينية عن بلاغات تفيد بوجود جثث لمئات النازحين الفلسطينيين على طرقات كانت أعلنتها “إسرائيل” آمنة.
ويشار إلى أن نتنياهو، توعد في مقابلة مع قناة “إيه بي سي نيوز” الأمريكية، نشرت بعض مقتطفاتها، بالسيطرة على ما أسماه المعقل الأخير قائلا “سنسيطر على آخر كتائب حماس، وعلى رفح، وهي المعقل الأخير”.
وكان نتنياهو، قد أبلغ واشنطن، بأن الكيان الصهيوني يستعد لتنفيذ عملية عسكرية، لاجتياح رفح.. مؤكداً أنه “لا تراجع عن تنفيذ هذه العملية، لأهميتها العملياتية والاستراتيجية” على حد زعمه.
وتخشى الأمم المتحدة، والعديد من الدول، من التبعات الإنسانية على الفلسطينيين، المتكدسين في هذه المدينة، والتي نزح إليها نحو 1.2 مليون فلسطيني هربا من القصف الصهيوني، لينضموا إلى نحو 180 ألفاً من سكانها، يتكدسون في مساحة لا تزيد عن 55 كيلومتراً مربعاً فقط، فيما تُعد الكثافة السكانية الأعلى في العالم، إذ يعيش كل 27 فلسطينيا، في هذه المدينة على مساحة متر مربع واحد.
وتأتي المخاوف الدولية والعربية، التي تكررت في صورة تحذيرات، خلال الأيام الماضي، من أن يؤدي الاكتظاظ الشديد، إلى وقوع المزيد من المجازر بحق المدنيين، استمرارا لما قامت به قوات العدو الصهيوني في غزة منذ بدء العدوان، الذي يشارف على دخول شهره السادس.
وحذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، يوم الأحد الـ11 من فبراير الجاري، من أيّ عملية أو هجوم عسكري على مدينة رفح.. مؤكدة أنه “لم يعد هناك مكان آخر يرحل إليه الناس”.
وقالت المتحدثة باسم الوكالة، تمارا الرفاعي، في بيان لها: إن أي عملية عسكرية في رفح، ستؤدي إلى “نفس العواقب التي شهدناها من قبل؛ ما يعني قتل وترحيل المزيد من الناس”.
بدوره، قال مكتب الأمم المتحدة، لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن أكثر من نصف سكان غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، أصبحوا متكدسين حاليا، في مدينة رفح، والمناطق المحيطة بها، والتي هي آخر ملاذ للفلسطينيين في جنوب القطاع.
وحذرت الولايات المتحدة من جانبها العدو الصهيوني من خطر حدوث “كارثة”، إذا ما شّن هجومًا عسكريًا على مدينة رفح، من دون التخطيط له كما ينبغي، وفق ما قالته صحيفة الـ”واشنطن تايمز”، التي نقلت عن نائب المتحّدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيدانت باتيل قوله: إن واشنطن “لم تر بعد أّي دليل على تخطيط جاد، لعملية كهذه.
وكانت حركة حماس قد حذرت، من خطورة ارتكاب كيان العدو الصهيوني، لمجازر واسعة ومروعة، في مدنية رفح.. مؤكدة أن “موقف الإدارة الأمريكية بعدم دعمها للهجوم على رفح لا يعفيها من المسؤولية القانونية والسياسية الكاملة عن تبعات هذا الهجوم”.
ويُعد موقف مصر، وهي الدولة الجارة لقطاع غزة، أكثر مواقف الدول حساسية، في المنطقة العربية، إذ يقول تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”: إن مصر تراقب بقلق، الضغوط المتزايدة على حدودها مع غزة، كما قامت بتعزيز الحدود من جانبها، وحذرت كيان العدو الصهيوني من أية خطوة، قد تؤدي إلى إجبار سكان القطاع، على دخول الأراضي المصرية، وأنها قد تؤثر على معاهدة السلام.
وتنقل الصحيفة، عن دبلوماسي غربي بارز في القاهرة، قوله: إن المسؤولين المصريين، حثوا نظراءهم الغربيين، على إخبار الكيان الصهيوني إن أي تحرك لإجبار الغزيين على دخول أراضيها في سيناء، سيعتبر خرقا يُنهي وبشكل عملي معاهدة كامب ديفيد للسلام الموقعة عام 1979.
ويوم العاشر من فبراير، حذر وزير الخارجية المصري سامح شكري، من تطورات الأوضاع في رفح، قائلا: إنها تنذر بتدهور في القطاع، وتداعيات وخيمة، في وقت أشارت فيه التقارير إلى أن القاهرة أرسلت نحو 40 دبابة، وناقلة جند مدرعة، إلى شمال شرق سيناء خلال الفترة الماضية، في إطار ما وصفته مصادر مصرية، بسلسلة تدابير لتعزيز الأمن على حدود مصر مع قطاع غزة.
وقد حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن شن هجوم صهيوني على رفح سيؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة وسيكون نقطة تحول في الصراع.
وأكد ماكرون أن بلاده تتشارك نفس المخاوف مع الأردن ومصر بشأن التهجير القسري للموجودين في رفح.
وفي وقت سابق، قال ماكرون -في اتصال هاتفي مع نتنياهو-: إن الهجوم على رفح سيؤدي إلى نزوح قسري للسكان، وهو ما سيشكل انتهاكا لحقوق الإنسان الدولية ويزيد خطر التصعيد الإقليمي.
من جهته، قال ملك الأردن عبد الله الثاني -خلال لقائه ماكرون في باريس-: إن الهجوم الصهيوني على رفح سيكون له عواقب إنسانية كارثية لا يمكن قبولها.
أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فشدد على أن أي هجوم على رفح سيكون مدمرا لـ1.5 مليون فلسطيني في المدينة.
وبحسب الأمم المتحدة، يتجمع نحو 1.5 مليون شخص، معظمهم نزحوا بسبب الحرب، في رفح التي تحوّلت مخيما ضخما، وهي المدينة الكبيرة الوحيدة في القطاع التي لم يُقدم جيش العدو الصهيوني حتى الآن على اجتياحها بريا.
وقالت الأمم المتحدة إن “أكثر من نصف سكان غزة يتكدسون في أقل من 20 في المائة من مساحة قطاع غزة”.
وتُعدّ رفح أيضا نقطة الدخول الرئيسة للمساعدات من مصر والتي يُسيطر عليها كيان العدو الصهيوني، والمساعدات عبر هذا المنفذ غير كافية لتلبية حاجات السكان المهددين بمجاعة وأوبئة.
ويتساءل المراقبون في العالم أجمع عن الوحشية التي لا مثيل لها وعن عجز المجتمع الدولي عن ردع هذا العدوان الوحشي والسافر الذي ليس له مثيل في التاريخ المعاصر؟!!
كما يطرح المراقبون تساؤلات عن الفترة الكافية لنزوح مئات الآلاف من السكان إن صحت مزاعم الأجلاء والممرات الآمنة “ممرات الموت” التي يتحدث عنها “جزار غزة” نتنياهو وإلى أين سينزح سكان رفح ؟!!