“الثورة الخمينية” في منظور نُخب الفكر والسياسية والإعلام
السياسية: صادق سريع
منذ شروق فجر الثورة الإسلامية في إيران في العقد الستيني من القرن الماضي، وبزوغ شمسها في 11 فبراير 1979، يوم انتصر الشعب الإيراني، أعلن ثوارها بقيادة الإمام آية الله الخميني انتهاء عهد التبعية والهيمنة الاستعمارية، وولادة أمة إسلامية قادرة على مواجهة دول الاستكبار ومؤامرات المستعمرين الجدد، وفق معادلة الندية، لا الخضوع والاستسلام.
لقد شكّلت الثورة الإيرانية حركة حضارية وفكرية وثورية وعسكرية ونهضة ثقافية وتنمية اقتصادية على الرغم من علاقة العداء المعلن بينها والولايات المتحدة، التي لقبها الإمام الخميني ب”الشيطان الأكبر”، منذ اليوم الأول لانطلاقها.
وحدد ثائرو إيران ضد نظام الشاه الحاكم آنذاك أهداف ثورتهم:
– الالتزام بمبدأ وشعار الوحدة الإسلامية
– اعتبار فلسطين قضية الإسلام الأولى.
فكان أول عمل قام به قادتها هو تحويل سفارة “إسرائيل” إلى سفارة دولة فلسطين في قلب العاصمة طهران، حيث أسقط العلم الصهيوني، ورُفع العلم الفلسطيني.
واعتبر قائد الثورة الإيرانية، الإمام الخميني، الصراع مع الكيان “الإسرائيلي” صراعا وجوديا، وقضية فلسطين قضية إسلامية وطنية وقومية – فهي قضية الأمة، لذا خصص يوم “القدس العالمي”، داعيا العالم الإسلامي إلى نصرتها، ورفض كل أشكال التطبيع مع الكيان على حساب حقوق الأمة الفلسطينية.
وهنا يصف القس المسيحي الماروني يوحنا عقيقي الإمام الخميني بأنه “لم يحيِ البعد الروحي فقط، بل والبُعد الإنساني أيضاً، والإنسانية بأسرها أينما وجدت وليس فقط للشعب الإيراني وحده.. فكانت شخصيته مؤثرة للغاية في صناعة التاريخ وقلب مخططات الجغرافيا السياسية التي كانت مهيمنة على المنطقة”.
وقال عنه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر: “لقد جعل آية الله الخميني الغرب يواجه أزمة حقيقية في التخطيط. كانت قراراته مدوّيةً كالرعد، بحيث لا تدع مجالا للساسة والمنظرين لاتخاذ أيّ فكر أو تخطيط. لم يستطع أحد التكهّن بقراراته بشكل مسبق”.
وأضاف: “كان يتحدَّث ويعمل وفقاً لمعايير أخرى تختلف عن المعايير المعروفة في العالم، كأنه يستوحي الإلهام من مكانٍ آخر. إنَّ معاداته للغرب نابعة من تعاليمه الإلهية. وقد كان خالص النية في معاداته أيضاً”.
وفي الذكرى ال45 للثورة الخمينية بجمهورية إيران الإسلامية، عقدت نخب سياسية وفكرية وعسكرية وإعلامية، يمنية وعربية وإسلامية، ندوه فكرية – ثقافية، استعرضت فيها الأهداف الروحية والعقائدية وانتصارات الثورة الخمينية.
ودعا المشاركون في الندوة، التي نظمها “ملتقى كتاب العرب والأحرار”، عبر تقنية “الزوم”، برعاية “الحملة الدولية لكسر الحصار عن مطار صنعاء الدولي”، مساء الخميس، 15 فبراير 2024، بعنوان: “عودة روح الله الخميني وانتصار الثورة الإسلامية”، إلى المضي على المنهجية الجهادية والثورية والوقوف في وجه دول الاستكبار العالمية وأطماعها الاستعمارية ومناصرة الشعوب المتلهفة إلى الحرية والخروج من عباءة الهيمنة الخارجية.
وناقش المشاركون في الندوة، التي نسّقها الناشط حسن مرتضى وأدارها الناشط السياسي حميد عبد القادر، وبدأت بقراءة الفاتحة على أرواح شهداء محور المقاومة، ثم السلام الوطني اليمني، مراحل انتصار الثورة الإيرانية والمنهجية الجهادية والثورية، التي تحلى بها قائدها الخميني، والنجاحات التي حققتها في كل المجالات.
واعتبر رئيس “الحملة الدولية لكسر الحصار عن مطار صنعاء الدولي”، العميد عبدالقادر عنتر، في كلمته الافتتاحية، الثورة الإيرانية بقيادة الإمام الخميني زلزالا سياسيا أسقط نظام محمد رضا شاه، العميل لأمريكا والصهيونية العالمية، وأفاقت العالم من سباته، ونقطة تحول لتحرير الشعوب المستضعفة من هيمنة الدول الاستعمارية، وأطماع المستمعمرين الجدد.
وقال رئيس “ملتقى التصوف في اليمن”، العلامة عدنان الجنيد: “إن انتصار ثورة إيران يعود إلى صدق عقيدتها الجهادية، والروح الإيمانية التي تحلى بها قائدها الإمام الخميني”.
وأكد نائب وزير التعليم العالي، الدكتور علي شرف الدين، أن النجاح، الذي حققته الثورة الإيرانية، لخير دليل على انطلاقها من وحي القرآن وتعاليمه الإسلامية، وأهدافها الثورية، التي دعت إلى توحيد الصف، ونبذ العنف، ودحر الظلم، وتحرير النفس من وحل الاستبداد، ونصرة المستضعفين”.
واعتبر البروفيسور نور الدين أبو لحية – من الجزائر- انتصار الثورة الخمينية انتصارا للأمة والإسلام والقضية الفلسطينية.
وأشار الخبير العسكري العميد الركن عبد السلام سفيان إلى أن ثورة 1979 في إيران أعادت البوصلة السياسية والوطنية لأحرار الشعوب إلى الاتجاه الصحيح نحو قضية فلسطين، ونقطة البداية لتعزيز ثقافة المقاومة.
وأكدت رئيسة موقع “ساحة التحرير” -من سوريا- الإعلامية ربا يوسف شاهين بالقول: “إن نجاح أي ثورة يعود إلى صدق مبادئها، والدوافع التي انطلقت منها، مثلما انطلقت ثورة إيران ضد الظلم”.
واستعرض الخبير العسكري اللواء طيار عبد الله الجفري النجاحات العسكرية التي حققتها إيران منذ قيام الثورة، وتفوقها العسكري، وترسانة الأسلحة المتطورة، التي تمتلكها، وقدرتها على تحقيق التوازن العسكري، وقوة الردع لمواجهة أي عدوان يستهدفها.. مشيرا إلى دور إيران في دعم وتصدير مفهوم المقاومة إلى دول المنطقة، أبرزها فلسطين.
وأشار الناشط هاشم علوي إلى التطور الذي أحدثته الثورة الخمينية، خصوصا في المجال التصنيعي والعسكري والفضائي، على الرغم من التحديات والمؤمرات التي تحاط ضدها منذ الوهلة الأولى لقيام الثورة.
وتطرق السفير الدكتور دحام الطه والناشطة إيمان أبو الليل -من مصر- إلى حملات التشويه والتحريش المذهبية والطائفية، التي تشنها وسائل إعلام الغرب، والأنظمة المطبعة ضد إيران، وأهداف ثورتها.
وأشادت رئيسة “ملتقى كُتاب العرب والأحرار”، الإعلامية عريب أبو صالحة، بدور الثورة الخمينية في إعادة ثقافة الجهاد إلى واقع الشعوب، ودعم حركات المقاومة التحررية في المنطقة.. معتبرة أن دعمها فصائل المقاومة في فلسطين وغزة خير دليل.
وأشار عضو مجلس النواب، علي الزنم، إلى حجم الدعم التي تقدمه إيران للقضية الفلسطينية، ودورها في نجاح عملية “طوفان الآقصى”، وانتصارها يوم 7 أكتوبر 2023.
ولفتت الإعلامية ماجدة الموسوي – من لبنان- إلى دور الثورة الإيرانية في نصرة قضية فلسطين منذ اليوم الأول لانتصارها، حيث قامت بإلغاء سفارة “إسرائيل”، وطرد سفيرها، وتحويلها إلى سفارة لفلسطين، وإطلاق “يوم القدس العالمي”؛ ليكون مناسبة عالمية يتم إحياؤه يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك من كل عام.
وأشار الإعلامي عبد الرحمن فايع إلى ثمار الثورة الخمينية وعالميتها، التي جاءت بمثابة الملهم الفكري والحاضنة الثورية لأحرار العالم، والداعمة للشعوب المستضعفة.
وأعتبر الإعلامي رأفت عسلية – من قطاع غزة- الثورة الإيرانية، ثورة أسقطت مشروع الصهيونية ومشاريع الاستكبار الأمريكية – البريطانية.. داعيا أحرار العالم إلى الوقوف مع مظلومية شعب فلسطين.
* شارك في جمع المادة الإعلامي هشام عبدالقادر.