السياسية:
رشيد الحداد*

 

 

 

في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة وبريطانيا تحاولان فتح خطوط تواصل مع اليمن، أملاً في خفض التصعيد في البحريْن الأحمر والعربي وخليج عدن، بعد فشل كلّ الخيارات بما فيها العسكرية، في ثني صنعاء عن نصرة غزة، استهدفت القوات البحرية اليمنية سفينة نفطية بريطانية، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها.

وأعلن المتحدّث باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، أن تلك القوات نفّذت عملية استهدفت ناقلة النفط البريطانية «مارلين لواندا» في خليج عدن. وسبق ذلك بقليل، إعلان شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري أن حريقاً اندلع على متن السفينة، بعد إصابتها بصاروخ جنوب شرق عدن.. وأضافت في مذكّرة أن طاقم السفينة بخير.

في غضون ذلك، أفادت مصادر سياسية في صنعاء، «الأخبار»، بأن «كل المساعي التي قام بها وسطاء إقليميون، أكّدت ثبات موقف صنعاء في ربط أي خفض للتصعيد في البحريْن الأحمر والعربي، برفع الحصار عن قطاع غزة»، مشيرة إلى أن «قرار صنعاء له طابع إنساني صرف في ظل اشتداد الجوع في شمال قطاع غزة، وتسجيل حالات وفاة في أوساط الأطفال الفلسطينيين الحديثي الولادة».

وفي السياق نفسه، وفي خلال لقاء جمع رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، بالممثّل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، في موسكو، أول من أمس، تركّز النقاش حول الموقف اليمني المساند للشعب الفلسطيني.

ووفقاً لعبد السلام، «فقد تمّ إيضاح موقف اليمن المساند لغزة وما تعرّض له من عدوان أمريكي – بريطاني حمايةً لإسرائيل، وأن الأَولى بأمريكا وقف العدوان على قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية إليه، لا الذهاب نحو عسكرة البحر الأحمر».

عسكرياً، شكّل نقل صنعاء المعركة مع القوات الأمريكية والبريطانية من البحر الأحمر إلى البحر العربي وخليج عدن، إرباكاً للوجود العسكري الأمريكي والبريطاني، وأتاح للقوات اليمنية هامشاً واسعاً للمناورة وتنفيذ أهدافها في أكثر من ساحة صراع، فضلاً عن لفت أنظار العالم إلى خليج عدن بعد أن تركّز التصعيد في البحر الأحمر.

وأكّد مراقبون، لـ«الأخبار»، أن «فرض قوات صنعاء البحرية قواعد اشتباك جديدة في نطاق أوسع في خليج عدن، عكس تحكّمها بمسار المعركة، وتمكّنها من تشتيت قدرات البحرية الأمريكية، وتوظيفها للجغرافيا بشكل مثالي، كون اليمن يطل على البحريْن الأحمر والعربي».

نقل المعركة إلى البحر العربي وخليج عدن أربك واشنطن وأتاح لصنعاء تنفيذ أهدافها في أكثر من ساحة

وأتى ذلك في ظل تصاعد المخاوف من تداعيات الأحداث في البحر الأحمر على الملاحة الدولية، واستمرار الجانب الأمريكي في محاولة تأليب المجتمع الدولي ضد عمليات صنعاء. لكنّ «الأخيرة فعّلت التواصل مع مختلف دول العالم التي تعتمد على البحر الأحمر في تجارتها بشكل كبير، كدول الاتحاد الأوروبي التي تستورد نحو 65% من احتياجاتها من الطاقة عبر المضيق الدولي، ودول أمريكا اللاتينية التي تمر 27% من تجارتها عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والصين وروسيا».

وعكست هذه الخطوة حرصها على تجنيب الملاحة الدولية في البحر الأحمر تداعيات الصراع، وهو ما يبرر أيضاً نقلها المعركة إلى خليج عدن.

وفي الوقت نفسه، تلقّت البحرية اليمنية استجابة من العشرات من السفن التجارية التي لا علاقة لها بإسرائيل. ووفقاً لأكثر من مصدر في صنعاء، فإن نحو 64 سفينة رفعت شعار «لا علاقة لنا بإسرائيل» في أجهزة التعريف الخاصة بها، في حين تم رصد أكثر من 12 سفينة، منتصف الأسبوع الماضي، تحمل فرقاً أمنية على متنها أثناء مرورها في البحر الأحمر، على رغم أن لا علاقة لها بالكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة.

وقالت المصادر إن جميع السفن التي تمر من هناك صارت تمتثل لنداءات البحرية اليمنية، وتعبر بشكل سلس، إلا في حال تمّت إعاقة الإبحار من قبل البحرية الأمريكية، التي تعترض العشرات من السفن قبالة مضيق باب المندب وفي جنوب البحر الأحمر، قبل مرورها في قناة السويس.

* المصدر: الاخبار اللبنانية

* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر