السياسية ـ وكالات:

أصبحت الزلازل من صنع الإنسان، أو ما يسمى بالزلازل المستحثة، مصدر قلق متزايد، حيث يمكن أن يكون بعضها قويا بما يكفي لإحداث أضرار جسيمة.

ويعد فهم العمليات الفيزيائية الأساسية لهذه الأحداث بشكل أفضل، هو مفتاح تجنب الزلازل الكبيرة والجامحة المستحثة بشكل منهجي، ولذلك، تعمقت دراسة جديدة في آليات الزلازل التي من صنع الإنسان، مع التركيز على دور خشونة الصدع وعدم تجانس الإجهاد.

ونشر باحثون في مركز الأبحاث الألماني لعلوم الأرض (GFZ) دراسة توضح العوامل المؤثرة على الزلازل التي يسببها الإنسان.

وقد مكنتهم دراستهم من تسليط الضوء على الزلازل المستحثة أثناء أنشطة، مثل حقن السوائل أو استخراجها كما هو الحال في خزانات النفط أو الغاز، أو التخلص من مياه الصرف الصحي، أو خزانات الطاقة الحرارية الأرضية.

وتستكشف الدراسة التفاعل بين خشونة الصدع وعدم تجانس الإجهاد في تكوين الأحداث الزلزالية وتقدم خارطة طريق لفهم مثل هذه الأحداث بشكل أفضل وربما منعها.

وتعاون الدكتور لي وانغ وفريقه في قسم الميكانيكا الجيولوجية والحفر العلمي في مركز الأبحاث الألماني لعلوم الأرض مع باحثين من جامعة أوسلو لإجراء تجارب رائدة لحقن السوائل تحت المراقبة الصوتية في مختبر الميكانيكا الجيوميكانيكية في مركز الأبحاث الألماني لعلوم الأرض (GFZ).

ومن خلال ضغط عينات الصخور المزودة بأجهزة استشعار للكشف عن الانبعاثات الصوتية (الزلازل الصغيرة)، قام الفريق بمحاكاة ظروف مشابهة لتلك الموجودة في الخزانات الجيولوجية أثناء حقن السوائل.

وكشفت الدراسة أن الصدوع الخشنة والملساء في الصخور تتفاعل بشكل مختلف خلال التجارب المعملية.

ويؤكد الدكتور وانغ: “لقد أثبتنا التوطين التدريجي للنشاط الزلزالي الصغير الذي يشير إلى انتقال الضغط قبل الأحداث الكبيرة المستحثة أثناء حقن السوائل”.

وعلى عكس الصدوع الملساء، فإن الانزلاق الناتج عن الحقن على الصدوع الخشنة ينتج عنه مجموعات موضعية مكانية من الانبعاثات الصوتية، خاصة حول درجات التوتر الشديدة.

وتؤدي هذه الظاهرة إلى ارتفاع معدلات الانزلاق المحلي المستحث وعدد أكبر نسبيا من الأحداث الزلزالية الكبيرة.

الملاحظات المخبرية والآثار المترتبة على العالم الحقيقي

ولفهم أهمية التجارب المعملية للزلازل في العالم الحقيقي، قام العلماء بتجميع مجموعات البيانات من مختلف دراسات الزلازل المستحثة.

وساعدت كفاءة الحقن الزلزالي، التي تمثل نسبة الطاقة المنبعثة في الزلازل إلى مدخلات الطاقة الهيدروليكية، على التمييز بين التمزقات التي يتم التحكم فيها بالضغط والتمزقات الجامحة.

وقال الدكتور وانغ: “ملاحظاتنا المعملية تحمل أوجه تشابه مع تلك الزلازل المستحثة على نطاق ميداني والمتوافقة مع التمزقات التي يتم التحكم فيها بالضغط. وتشير الدراسة إلى أن مراقبة حقن السوائل في الخزانات الجيولوجية في الوقت الحقيقي يمكن أن تساعد في تحديد عمليات التوطين قبل الأحداث المستحثة الأكبر، ما يوفر وسيلة لتجنبها”.

ويعد هذا البحث جزءا من مبادرة مستمرة للتنبؤ بالزلازل المستحثة في الخزانات الجيولوجية وتخفيف المخاطر الزلزالية. ومن خلال جلب العمليات من النطاق الميداني إلى المختبر، يهدف العلماء إلى التحكم في العوامل التي تؤدي إلى الأحداث الزلزالية وفهمها بمزيد من التفصيل.

ويسلط البروفيسور ماركو بونهوف، رئيس قسم الميكانيكا الجيولوجية والحفر العلمي في مركز الأبحاث الألماني لعلوم الأرض، الضوء على إمكانية إجراء مثل هذه الدراسات للتخفيف من المخاطر الزلزالية التي يتسبب بها الإنسان. ويشير إلى أن “فهم عمليات تشوه الصخور بمزيد من التفصيل هو شرط مسبق للوصول إلى القبول العام عند استخدام باطن الأرض الجيولوجي لتخزين الطاقة واستخراجها”.