سباق الرئاسة في تونس يربك حسابات الأحزاب
السياسية – وكالات :
ليلى مالك
يحتدم سباق التنافس لمنصب رئاسة الجمهورية في تونس بعد طي مرحلة سياسية مع وداع الرئيس الباجي قايد السبسي، الذي فرضت وفاته على البلاد الذهاب نحو انتخابات رئاسية سابقة لأوانها والمقرر إجراؤها في 15 سبتمبر المقبل في انتخابات هي الثانية من بعد ثورة 2011.
ويرى مراقبون أن تقديم موعد الانتخابات الرئاسية على التشريعية بعد وفاة السبسي أربك حسابات العديد من الأحزاب التي كانت تعول على نتائج التشريعية لتحديد وزنها وطبيعة التوافقات في اختيار مرشحها للرئاسية، مما جعلها تتمهل بحسم مرشحها للرئاسة على غرار أحزاب حركة النهضة ونداء تونس وتحيا تونس.
وستشهد الانتخابات الرئاسية المرتقبة منافسة شديدة، خاصة بوجود مرشحين كثر يطمحون في خلافة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، رغم الصلاحيات الدستورية المحدودة لرئيس الدولة في النظام السياسي التونسي، حسب المحلل السياسي فريد العليبي، الذي يرى أنّ “كرسي السبسي لا يمثل رهانا كبيرا، حتى إن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي تركه، ملتفتا إلى كرسي البرلمان، لعلمه أن السلطة الأساسية في البرلمان بباردو وفي قصر الحكومة بالقصبة، لا في قرطاج، حيث إن الرئاسة سلطة رمزية أكثر منها فعلية”.
وبرزت العديد من الأسماء التي بدأت تستعد للتنافس في الانتخابات المرتقبة وتطمح لأخذ مكان الرئيس، من بينها أسماء أسقط أحلامها الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي في انتخابات 2014 عندما فشلت في منافسته، وأسماء ستخوض لأول مرة غمار هذا السباق الرئاسي.
ويعتبر الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، الذي تولى رئاسة البلاد في أعقاب ثورة عام 2011، واستمر في منصبه حتى سقوطه في الانتخابات الرئاسية عام 2014 أمام السبسي، من أبرز الأسماء المرشحة لهذه الانتخابات، إضافة إلى رئيس الحكومة الحالي وزعيم حزب “تحيا تونس” يوسف الشاهد، الذي يبدو أنه من أكثر الطامعين في الوصول إلى الرئاسة.
وكان المرزوقي قال الاثنين، في تصريحات صحفية: إن “حزبي قرر ترشيحي للرئاسة، وأنا في آخر لحظات النقاش، وسأعلن قراري يوم الأربعاء”.
من جهته، ذكر تحالف “تونس أخرى”، في بيان له أمس، أن مكوناته والمتمثّلة في “حزب الحراك” و”حركة وفاء” وعدد من المستقلين، وإثر الاستشارة الخاصة التي تمت مع رؤساء قائمات هذا التحالف والمترشحة للانتخابات التشريعية، قرّرت بالإجماع وبعد التداول فيما بينها، دعم ترشيح المرزوقي (74 عاماً) للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وعبرت مكونات التحالف أيضاً، بحسب البيان، عن استعدادها للتنسيق والتعاون مع مختلف الفاعلين السياسيين والأفراد الداعمين لهذا الترشيح.
كما قدم رئيس الوزراء الأسبق حمادي الجبالي الثلاثاء أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية المبكرة.
وسيدخل الجبالي (70 عاماً) القيادي البارز السابق بحركة النهضة الإسلامية، الانتخابات القادمة كمرشح مستقل.
وبلغ عدد مرشحي الانتخابات الرئاسية في تونس حتى اليوم 26 مرشحاً، ويغلق باب الترشح يوم الجمعة الموافق التاسع من أغسطس الحالي.
فيما أعلن حزب “حركة نداء تونس” تأييده لترشيح وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي للانتخابات الرئاسية المبكرة.
وأوضح بيان صادر عن الحركة أمس الثلاثاء أن “حزب الزعيم المؤسس الباجي قائد السبسي.. قرر مساندة ترشح السيد عبد الكريم الزبيدي لما يحوزه من خصال الكفاءة والتجربة والنزاهة والوفاء لنهج الزعيم الراحل”.
والزبيدي طبيب وسياسي، يبلغ من العمر 69 عاما، ويشغل منصب وزير الدفاع منذ 12 سبتمبر عام 2017 في الحكومة الحالية، تقلد عددا من المناصب الوزارية السابقة في فترات مختلفة.
من جهتها، قالت حركة النهضة الإسلامية ، وهي أكبر حزب في تونس، الثلاثاء إن نائب رئيس الحركة عبد الفتاح مورو سيترشح لانتخابات الرئاسة المبكرة التي ستجرى الشهر المقبل ويتوقع أن تشهد تنافسا محتدما.
وهذه أول مرة تقدم فيها حركة النهضة مرشحا للرئاسة عقب انتفاضة 2011 التي أنهت حكم الرئيس زين العابدين بن علي.
ومورو (71 عاما) محام ويشغل حاليا منصب رئيس البرلمان بالنيابة، ويعد من أكثر الوجوه انفتاحا في حركة النهضة.
وتشير التوقعات أيضا إلى ترشح مهدي جمعة الذي تولى رئاسة الحكومة التونسية في الفترة بين 2013 و2015، وقبلها شغل منصب وزير الصناعة، خاصة بعد أن بدأ حزبه “البديل التونسي” يفرض نفسه في المشهد السياسي التونسي، إضافة إلى عبير موسى زعيمة “الحزب الحر الدستوري”، التي تعتبر من أشرس المدافعين عن نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، ومن أشد المعادين لحزب حركة النهضة ولتنظيم الإخوان المسلمين عموما، وقد شهد حزبها صعودا لافتا في الفترة الأخيرة.
ومن بين الأسماء الأخرى المرشحة، يوجد رجل الأعمال والإعلام نبيل القروي الذي تصدر حزبه “قلب تونس”، إلى جانب آخر وزير خارجية في نظام بن علي، كمال مرجان الذي يشغل حاليا منصب وزير الوظيفة العمومية، وهو يعد أحد أبرز الطامحين للوصول إلى كرسي الرئاسة.
وفي الإطار نفسه، أقر البرلمان التونسي عقد دورة برلمانية استثنائية، تبدأ في 21 أغسطس الجاري، للنظر في تعديل القانون الانتخابي، وذلك بطلب من الهيئة العليا للانتخابات (دستورية/مستقلة).
ويتمثل طلب هيئة الانتخابات في تعديل البند 49 من القانون الانتخابي، عبر التقليص في آجال الطعون المتعلقة بنتائج الانتخابات الرئاسية المبكّرة المقررة في 15 سبتمبر المقبل، وذلك بهدف عدم تجاوز المدّة الرئاسية المؤقتة التي نصّ عليها الدستور.
وكان رئيس البرلمان محمد الناصر، قد أدى اليمين الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد، في 25 يوليو الماضي، لمدّة لا تتجاوز 90 يوما، وذلك عقب وفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي في اليوم نفسه، وفقا لأحكام البندين 84 و85 من الدستور.
وتبنّى رؤساء الكتل البرلمانية، في اجتماعهم، الثلاثاء، بمقر البرلمان، الطلب المُقدّم من هيئة الانتخابات، وأحالوه إلى مكتب البرلمان (أعلى هيئة)، داعين إلى عقد دورة برلمانية استثنائية لتعديل القانون الانتخابي.
وحسب البند 57 من الدستور التونسي، فإنه “يمكن أن يتقدم رئيس الحكومة أو رئيس الجمهورية أو ثلث أعضاء البرلمان (74 نائبا) بطلب لعقد دورة برلمانية استثنائية حول موضوع ما، وذلك خلال فترة العطلة البرلمانية”.
سبأ