السياسية:
رشيد الحداد*

 

تتشابه بدايات العدوان الأمريكي – البريطاني الجاري منذ خمسة أيام على اليمن، مع عدوان آذار 2015 الذي شنّه «التحالف» بقيادة السعودية والإمارات، حين بدأ الأخير يتحدّث عن نجاحات، لكنه عاد وأقرّ بالفشل الذريع، وصار يستجدي صنعاء وقف الحرب. فالأمريكيون عمدوا إلى تضخيم نتائج عملياتهم الجوية التي استهدفت عدداً من المحافظات، وعملوا على إخفاء الكثير من الأحداث التي ساهمت الجغرافيا في تحقيقها، وفوجئوا بها.

وفي المقابل، تشير التوقّعات إلى أن ردّ صنعاء سيكون بعد تشييع شهداء العدوان الخمسة من منتسبي القوات اليمنية، على رغم تحريك وساطات للتهدئة، وفق أكثر من مصدر.

وعاودت الولايات المتحدة قصفها صنعاء والحديدة، وأفادت مصادر يمنية بأن الطائرات الحربية الأمريكية نفذت ليل أمس غارة على الحديدة التي كانت استُهدفت مع صنعاء بغارات أخرى يومي الجمعة والسبت.

وجاء الحديث اليمني عن غارة الاحد، التي نفاها مسؤول عسكري أمريكي، في أعقاب تقارير غربية عن حادث أمني بالقرب من ميناء عصب الأريتي.

ونُسب استمرار العدوان إلى ما أثاره الإعلان الأمريكي عن تدمير قدرات القوات اليمنية في الموجة الأولى من القصف، من استغراب في الأوساط الإعلامية الأمريكية والبريطانية. إذ سخرت وسائل إعلام من الرواية الأمريكية التي زعمت أن العمليات ضد صنعاء استهدفت 80% من قدرات حركة «أنصار الله». لكن فشل العملية ليس الدافع الوحيد وراء معاودة شن الهجمات، بل ثمة أحداث أخرى تتجنّب واشنطن الحديث عنها، كونها تكبّدت خسائر بشرية ومادية، وإن كان اعتراف القيادة المركزية الأمريكية باختفاء جنديين من عناصر البحرية التابعين لها في جنوب البحر الأحمر، أحد تداعيات حالات الاشتباك المباشر التي جرت بين قواتها والقوات اليمنية.

وبعكس توقّعات واشنطن بأن هجومها على اليمن سينهي عزلتها الإقليمية والدولية التي تعانيها منذ إعلانها تشكيل تحالف «حارس الازدهار»، ضاعفت العملية حالة التصدّع التي يعيشها التحالف البحري الجديد. وفي هذا السياق، يبدو أن قرار بريطانيا عدم المشاركة في الهجمات التالية للعملية المشتركة، جاء على إثر استهداف سفينة نفط مرتبطة بها في خليج عدن، وفق ما ذكرت “هيئة العمليات التجارية البحرية البريطانية”، وسط تهديد باستهداف المصالح البريطانية كافةً.

وقد أثار استخدام القوة من قبل واشنطن ولندن من دون مشاركة عواصم أخرى، موجة مخاوف دولية جديدة من انعكاس التصعيد في البحر الأحمر على الملاحة الدولية، وأعاد ملف البحر الأحمر إلى مجلس الأمن، وذلك بعد أيام من نجاح الولايات المتحدة في الحصول على قرار دولي يدين عمليات صنعاء ضد السفن الإسرائيلية وتلك المتّجهة نحو الموانئ الفلسطينية المحتلة، ويخوّل الدول المتضرّرة حق استخدام القوة لحماية سفنها. إلا أن روسيا والصين اللتين اكتفتا بالامتناع عن التصويت على القرار، اتهمتا واشنطن باستغلاله لجرّ المنطقة نحو حرب واسعة.

وأفادت مصادر ديبلوماسية في الأمم المتحدة بإجراء مداولات لإصدار بيان جديد عن المجلس، الذي عقد جلسة طارئة بناءً على طلب موسكو، لمناقشة التطورات في البحر الأحمر.

* المصدر: الاخبار اللبنانية

* المادة نقلت حرفيا من المصدر