أمريكا وسياسة التكتلات لحماية مصالحها
السياسية: المحرر السياسي
تبذل الولايات المتحدة الأمريكية جهوداً مضنية للسيطرة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب لتعزيز أنشطتها الاستعمارية وأطماعها في المنطقة والتي ليست وليدة اليوم بل منذ زمن بعيد.
إن التواجد العسكري الأمريكي في البحر الأحمر لا يعرّض الأمن الإقليمي للخطر فحسب، بل يخلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة ككل، خاصة والجميع يعرف أن البحر الأحمر يتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة على مستوى الأمن العربي والأفريقي والدولي، إذ تعبره سنوياً ما يقارب من عشرين ألف سفينة تجارية.
أمريكا تاريخياً لا تستطيع أن تقوم بحرب معتمدة على نفسها؛ وحقائق التاريخ تؤكد ذلك، ففي أفغانستان أنشأت ما أسمته تحالفاً دولياً، وتدخلها في يوغسلافيا استدعى أن تحشد دول الناتو من خلفها، وكذلك الحال في غزوها للعراق، وموقفها من المشكلة الأوكرانية وغيرها من الشواهد على ذلك.. هذه سياسة أمريكية معتمدة ومنذ زمن بعيد أدق وصف لها أنها تقوم بذلك خوفاً من الهزيمة إذا ما خاضت حربا بمفردها حتى وإن كانت تمتلك أقوى الأسلحة.
وأخيراً جاء التحالف الأمريكي تحت اسم حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر وسعيها الفاشل لحشد دولٍ معها لمواجهة القوات البحرية اليمنية التي أعلنت بوضوح إغلاقها باب المندب والبحر الأحمر أمام السفن الإسرائيلية والأخرى التي تتجه إلى الموانئ الصهيونية.. لكن هذا التحالف هو مجرد هراء فـيمن اليوم ليس كما كان بالأمس، وهذا ما يجب أن تدركه واشنطن ولندن وتل أبيب ومن معها وعملائها في المنطقة ومن يدور في فلكها، فالمطلب اليمني واضح، فإما أن يعم السلام والأمن الجميع وفي المقدمة قطاع غزة وفلسطين كلها، وإما أن تحل لعنات التاريخ على رؤوسهم.
في الأصل أمريكا تنتهج منهجاً استعمارياً عدوانياً وهذا نقيض للسلام.. مصالحها كدولة استعمارية تفرض عليها هذا المنهج القبيح، الذي اكتوت بناره شعوب كثيرة.. فهذه الدولة لا تقيم وزناً لمصالح الشعوب، ولو كان ذلك على حساب دمار دول وقتل الآلاف، ولنا في ذلك أمثلة حية لما حصل في العراق وأفغانستان وتشيكوسلوفاكيا سابقاً والبوسنة والهرسك.
إن المتابع لما يحصل حالياً في المنطقة العربية بشكل خاص والشرق الأوسط بشكل عام تتعزز قناعته بأن إسرائيل لا وجود لها إلا ككيان وظيفي انشأته أمريكا ودول أوروبا الغربية كبؤرة استخباراتية متقدمة لحماية مصالحها في المنطقة العربية وجنوب شرق اسيا، وهذا يفسر الهبة الأمريكية والأوروبية لنجدة الكيان الصهيوني من عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي.
والآن وبعد أن أوشك التحالف البحري الأمريكي الذي سعت أمريكا إلى تشكيله في البحر الأحمر على الفشل، نستنتج أن الإملاءات الأمريكية التي دأبت هذه الدولة على توجيهها لبقية الدول لم تعد تنفع بعد أن اتضحت حقيقة المرامي والأهداف والغايات لأمريكا لدى الجميع حتى أقرب حلفائها المقربين.. أما الجمهورية اليمنية فستعود سيدة للبحار وحامي حمى الأمة كما كانت من قبل عبر تاريخها المجيد.
سبأ