البأس اليماني يُصيب كيان العدو بشلل اقتصادي شبه تام ويُقوّض أمنه ويُفقده توازنه
السياسية || تقرير: مرزاح العسل
في ظل المكابرة الصهيونية بالاستمرار في ارتكاب المزيد من المجازر الوحشية ضد المدنيين من أبناء غزة الأبية.. يأتي البأس اليماني المتمثل في الموقف الجريء والشجاع لصيب كيان العدو الصهيوني بشلل اقتصادي شبه تام ويُقوّض أمنه “القومي” ويُفقده توازنه، بحيث ترك خياراته مفتوحة باستهداف السُفن والمصالح الصهيونية على كل الاحتمالات.
وبإعلان القوات المسلحة اليمنية منع مرور السفن المتجهة إلى كيان العدو الصهيوني، دخل موقف اليمن في نصرة غزة مرحلة جديدة من التصعيد، فبعدما فرض اليمن قرار منع مرور السفن الصهيونية في البحرين الأحمر والعربي، متسببا في خسائر اقتصادية فادحة على كيان العدو، فإن قرار منع مرور السفن كافة التي تتجه إلى موانئ الكيان بمثابة حصار يخنق كيان العدو الغاصب، ويقُوض أمنه “القومي” ويُفقده توازنه.
ويواجه كيان العدو الصهيوني حصاراً بحرياً شبه كامل لأول مرة في تاريخه، بعزله عن أهم ممر مائي تُبحر فيه سفنه ووارداته وصادراته منذ عقود.
فمن ناحية جعل القرار اليمني الشجاع والمتدرج، كيان العدو يواجه أزمة استراتيجية تتعلق بأحد أهم مرتكزاته الاستراتيجية التي بنى أمنه القومي عليها، فإغلاق البحر الأحمر من ناحية يخنق الكيان الغاصب اقتصادياً ويعزله عن أسواق صادراته في أفريقيا وفي بعض آسيا، ويعزله عن تحالفات بحرية أنشأها مؤخراً.
ومن ناحية أخرى رفع القرار اليماني كُلفة الشحن عليه جراء سلوك سفنه المتجهة إليه عبر طرق شحن طويلة.
ولأول مرة في تاريخه يواجه كيان العدو الصهيوني أزمة تتعلق بأهم مرتكزاته الحيوية، وهو إغلاق البحر الأحمر الذي يعتبره شريان الحياة الأساسي لتجارته البحرية، ولا تنحصر الأزمة التي يواجهها على المستوى الاقتصادي بل تمتد إلى مستويات استراتيجية.
وتكمن أهمية البحر الأحمر بشكل إستراتيجي في منظومة الأمن الصهيونية بأنه الممر الوحيد الذي يمنحها منفذاً بحرياً على أفريقيا وشرق آسيا، وكانت واحدة من الخطوات الأولى التي اتخذها كيان العدو بعد الإعلان عن إنشائه عام 1948، احتلال قرية أم الرشراش الأردنية عام 1949، وأنشأ على أنقاضها الميناء المعروف بميناء “إيلات” المجاور لميناء العقبة الأردني.
وتعتبر أحلام الصهاينة في البحر الأحمر قديمة، عبر عنها بن غوريون مؤسس الكيان الغاصب وأول رئيس وزراء له، بمقولة تنتشر في الوثائق والصحافة، بقوله: “إنني أحلم بأساطيل داوود أن تمخر عباب البحر الأحمر، إننا محاصرون براً، والبحر الأحمر هو طريقنا الرئيسي للمرور إلى يهود العالم والاتصال بهم”.
القرار اليمني الشجاع بإغلاق البحر الأحمر، يعتبر هو الأول من نوعه لناحية التنفيذ وأيضا لناحية أنه اشتمل على ما يشبه الحصار الكامل على الصهاينة، وتاريخيا أغلقت اليمن باب المندب في حرب 73، لكن الأمر لم يدم ولم ينفذ على نحو فعلي لفرض الحصار، كما أن اليمن قد أسقط أهم الأهداف الاستراتيجية لكيان العدو منذ نشأته والمتمثلة في تأمين طرق التجارة عبر البحر الأحمر.
وعلى المستوى العسكري فإن لدى كيان العدو الصهيوني قواعد كثيرة في القرن الأفريقي، أنشأها خلال العقود الماضية بهدف تأمين التجارة الصهيونية إلى أفريقيا التي اندفعت الشركاتُ التجارية اليهودية لغزوها منذ وقت مبكر، ومن شأن إغلاق اليمن البحر الأحمر أمام السفن الصهيونية أن يقطع خطوط التواصل بين الكيان وقواعده، ويؤدي إلى عزلها بحريا.
وتسبب قرار إغلاق باب المندب أمام السفن الصهيونية، في شلل شبه كامل للتجارة الصهيونية بحسب مصادر متعددة، إذ أن المضيق يُعتبَرُ أَهمِّ شرايين الحياة بالنسبة للكيان الغاصب؛ لكونه المنفذَ الوحيدَ للسفن التجارية من وإلى ميناء أم الرشراش، وبالإضافة إلى خسائر شركات الشحن التي تسلك طرقا بعيدة عبر رأس الرجاء الصالح، فإن القرار أغلق ميناء “إيلات” تماما.
وتؤكد مصادر صهيونية أن ميناء إيلات أصيب بالشلل التام وقام بتسريح ما لا يقل عن 40 ألف عامل صهيوني كانوا يعملون في المصانع وفي التجارة البحرية، كما أشارت إلى توقُّف صادرات الفوسفات والإسمنت إلى الدول الأفريقية وتوقفت 20 في المائة من واردات هذا الكيان المؤقت.
وبحسب صحيفة “هآرتس” الصهيونية فإن كيان العدو الصهيوني لا يمارس أي تجارة عن طريق البر كما تفعل أوروبا على سبيل المثال، ويعتمد بشكل كبير على موانئها البحرية التي يمر عبرها أكثر من 98 في المائة من تجارة البضائع الصهيونية.
ووفقاً لموقع “جلوبز” الصهيوني فقد تسببت عمليات اليمن في البحر الأحمر في ارتفاع أسعار النقل من الصين إلى الكيان المحتل خلال الأسبوع الأول في العملية الأولى بنسبة تتراوح بين (9-14 في المائة) خلال الأسبوعين الأخيرين من أكتوبر الماضي، ولكن التصعيد من شأنه أن يوسع ذلك.
ويرى مراقبون أن القرار اليمني بإغلاق البحر الأحمر فرض على السفن الصهيونية أولا المرور عبر رأس الرجاء الصالح، وثانيا وضع الكيان تحت حصار بحري شبه كامل، حيث أصبحت كل الواردات والصادرات، بما فيها تلك التي تشحنها سفن أخرى غير صهيونية، المرور عبر رأس الرجاء الصالح، وذلك سيكلف الصهاينة كثيرا.
ولا يقتصر الأمر على ارتفاع أسعار الشحن والتأمين وتغيير السفن الصهيونية لمسارها، بل يصاحبه أيضاً تأخيرات واختناقات مرورية بأعداد أكبر من المعتاد، إذ أبلغت شركة الشحن” “MSCعن اختناقات مرورية عند مدخل ميناء أسدود، كما حوّلت شركة “إيفرجرين” السفن إلى حيفا البعيدة نسبيّاً عن صواريخ المقاومة الفلسطينية.
وفي ظِلِّ أجواء التهويل الإعلامي الأمريكي الغربي، والانتشار العسكري الأمريكي في المنطقة العربية في الخليج والمتوسط والبحر الأحمر، في حماية واضحة لكيان العدو الصهيوني الذي يحاول إبادةَ سكان غزة وتهجيرهم والقضاء على فصائل المقاومة الفلسطينية، خلقت عمليةُ استهداف السفن الصهيونية تداعياتٍ جديدةً على حركة الشحن الصهيونية.
وفي هذا السياق ارتفعت أقساط التأمين بشكل أكبر من السابق على سفن العدوّ مع انخفاض حجم التعامل معها، الأمر الذي يمثل ضربة كبيرة لاقتصاد العدوّ، خُصُوصاً أن قرارَ الاستهداف ومنع السفن لا يزال قائماً حتى انتهاء العدوان على قطاع غزة.
الجدير ذكره أن قرار إغلاق مضيق باب المندب مثل الضربة الاستراتيجية المُحكمة التي قطع بها الطريق على أحلام التوسعات الصهيونية في اتجاه جنوب البحر الأحمر وفي اتجاه الجزر والشواطئ اليمنية لإقامة قواعد عسكرية تمكنه من السيطرة على باب المندب وتعطيل القدرة اليمنية على التحكم فيه، ولأول مرة في تاريخ المنطقة يتصدر مضيق باب المندب نشرات وإذاعات العالم العربي والدولي منذ بدأت عملية الحصار الجريئة والناجحة التي تمت فيه.
ومما لا شك فيه فإن العرب والمسلمين لديهم الكثير من الأوراق الضاغطة على العدو الصهيوني إذا وجدت الارادة لاستخدامها، ويجب أن تكون كل مواقف المقاومة موجهة ضد العدو الصهيوني، وعلى العدو الصهيوني أن يعي بأنه لا حل أمامه إلا بفك الحصار المفروض عن إخواننا في غزة.
سبأ