السياسية:

في حادثة استثنائية في نوعها، أدان مجلس الأمن في 24 نوفمبر عام 1953، كيان إسرائيل على خلفية مذبحة قبية، القرية الفلسطينية القريبة من بيت لحم بالضفة الغربية.

قبية أصبحت علامة بارزة على واحدة من المجازر التي كان وراءها أرييل شارون، الذي يمكن وصفه بأنه مهندس عمليات القتل الجماعي المشابهة والطرد والاستيطان على مدى عقود طويلة.

مجلس الأمن حينها نص في قراره رقم 101 على أن “العمل الانتقامي” الذي نفذته القوات المسلحة الصهيونية في قبية يومي 14 و15 أكتوبر 1953 يعد “انتهاكا لبنود وقف إطلاق النار الواردة في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 54 وتتعارض مع التزامات الطرفين بموجب اتفاقية الهدنة العامة بين كيان إسرائيل والأردن وكذلك مع ميثاق الأمم المتحدة، وأعرب المجلس عن أقوى لوم ممكن لهذا الإجراء”.

ماذا جرى في قبية؟

ردا على مقتل امرأة وطفليها في مستوطنة يهودية ليلة 12 – 13 أكتوبر 1953، قررت الحكومة الصهيونية برئاسة دافيد بن غوريون تنفيذ عملية انتقامية في قرية “قبية”، وكانت المنطقة حينها تابعة للأردن.

الأمر الصهيوني نص على “التدمير وإلحاق أكبر قدر من الضرر بهدف دفع السكان إلى الفرار من منازلهم”. العملية الانتقامية نفذت بعد يومين، وقتل خلالها 69 شخصا معظمهم من النساء والأطفال، كما تم تدمير ونسف 45 منزلا.

تلك المذبحة قادها أرييل شارون وكان في ذلك الوقت رئيسا للوحدة 101 التي أصبحت ركيزة للقوات الخاصة لاحقا. بلغ قوام القوة التي نفذت العملية الانتقامية 600 عسكري، واستخدمت فيها إلى جانب الأسلحة الخفيفة قذائف الهاون والألغام.

المذبحة الصهيونية في قبية أثارت في ذلك الوقت عاصفة غير مسبوقة من الاحتجاجات الدولية، في حين أن الحكومة الصهيونية استماتت في البداية في الإنكار وأكدت أن قوات الجيش الصهيوني كبيرة أم صغيرة لم تتحرك من قواعدها ليلة الهجوم على قبية، ثم دفع بن غوريون برواية تقول إن العميلة الانتقامية ضد قبية، “عمل عفوي للسكان المحليين”، وبذلك القت تل أبيب بالمسؤولية عن المذبحة على رعاياها!

أرييل شارون كان كارثة على الفلسطينيين منذ أن كان قائدا صغيرا في حرب عام 1948، وزاد الأمر سوءا حين أسس الفرقة 101، ونفذ مجزرة قبية، ثم تولى إعادة تنظيم القوات المدرعة الصهيونية في عام 1960.

يمكن القول إن شارون اختتم تاريخه العسكري في منصب وزير للدفاع في عام 1982 بدوره في مذبحة صبرا وشاتيلا التي يقدر عدد ضحاياها من اللاجئين الفلسطينيين بنحو 3000 شخص.

تقرير اللجنة الصهيونية التي قادها رئيس المحكمة العليا الصهيونية إسحاق كاهان توصل إلى أن شارون حين “سمحت القوات الصهيونية لميليشيات الكتائب المسيحية بالتسلل إلى مخيمين للاجئين في بيروت لقتل مئات اللاجئين الفلسطينيين، أظهر شخصيا إهمالا في عمليات القتل، لأنه تجاهل خطر إراقة الدماء والانتقام ولم يتخذ الإجراءات المناسبة لمنع إراقة الدماء”.

المحلل السياسي الصهيوني يارون عزراحي ذكر لصحيفة الأوبزرفر بعد أيام فقط من إصابة شارون بجلطة دماغية في يناير 2006، دخل إثرها في غيبوبة طويلة قبل أن يتوفى مطلع عام 2014، أن هذا السياسي الصهيوني بسجل عسكري حافل ومثير للجدل “حين كان في المعارضة، كان أيديولوجيا يؤمن باستخدام كيان إسرائيل المطلق للقوة كوسيلة لتحقيق أهدافها”.

أما بشأن دوره لسنوات عديدة في مجال الاستيطان فيمكن القول إنه كان يقود معارك حقيقية على المستويين الخاص والعام في هذا الميدان حتى حين كان يتولى وزارة الخارجية في عام 1998.

في ذلك الوقت شجع شارون المستوطنين الصهاينة على الإسراع في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية قائلا: “يجب على كل شخص هناك أن يتحرك بسرعة، ويجب أن يستولي على المزيد من التلال، ويوسع الأراضي. كل ما يتم انتزاعه سيكون في أيدينا، كل ما لا نصل إليه سيكون في أيديهم”.

* المصدر: موقع روسيا اليوم
* المادة نقلت حرفيا من المصدر