هكذا تُذبح غزة من الوريد إلى الوريد !
السياسية: أمل باحكيم
سُحب غُبار وأدخنة سوداء تغطي السماء وأصوات أنين وبكاء وصراخ وتهليلات وآهات ألم هنا وهناك تعكس حجم الخيبة وكمية المعاناة المتراكمة على مر السنين، ودوي أزيز صفارات سيارات الإسعاف التي لا تتوقف على مدار الساعة في قطاع غزة.
أنها مشاهد حقيقية مؤلمة تقشعر منها أبدان الكبار قبل الصغار من هولها، فما يحدث في القطاع المنكوب أفظع مما يُرى أفلام الرعب، أنه واقع يومي يعيشه شعب غزة الجريح ليلاً ونهارا وعلى مسمع ومرأى العالم.
هناك في غزة المحاصرة مُنذ 17 عاما، خلافاً للحصار الكامل المفروض على شعب فلسطين من منتصف القرن الماضي وتحديداً من العام 1948، يُباد شعب بأكمله فلا فرق ولا حصانه لطفل رضيع وأم مسنه وشاب وأمراه في منظور العرق الصهيوني وفكره التلمودي.. أنها أشبه بمحرقه هولوكوستيه ، بل أنها أبادة جماعية بالمعنى الصحيح .
قصف مستمر
قصف يومي، بل لحظي وهيستري تشنه طائرات ومدفعية وبوارج الكيان الصهيوني بشكل يحاكي الأهداف المعلنة لعمليات الكيان العسكرية المسماة “الأرض المحروقة والسيوف الحديدية” على الواقع، دونما رحمة أو مراعاة للضمير الإنساني والتزام بقوانين وأخلاقيات الحروب والاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
ليس ذلك فحسب بل قررت حكومة نتن ياهو إغلاق معابر القطاع المحاصر أصلا، فلا يُسمح بدخول الغذاء والدواء والوقود، في ظل انقطاع المياه والكهرباء وخدمات الاتصالات وشبكة الانترنت.. وحالياً كل حدود قطاع غزة مغلقة ولا أمل في انتظار وصول أشعار آخر.
أسلحة محرمة
ويستمر طيران العدو الصهيوني تحت غطاء دولي وضوء أخضر أمريكي، حرب الإبادة الجماعية للشعب الغزاوي فلا خطوط حمراء ولا أمان في غزة ومشافيها المكتظة بالجرحى في عقيدة العدو حتى تلك المناطق التي صُنفت بالآمنة، لم تسلم من القصف والدمار جراء القصف الجوي وعمليات التوغلات البرية داخل القطاع.
إذ يتعمد الصلف الصهيوني قصف شعب غزة بالأسلحة المحرمة دولياً والقنابل العنقودية والفسفورية وآخرى أشد فتكاً وانفجارا، تُخلف دماراً هائلاً للبنى التحتية وأثاراً كارثية على صحة الأنسان حيث تسبب اختناقات وأمراض صدرية مختلفة بمجرد استنشاقها روائحها السامة التي تنتهي بوفاة الضحية، ناهيك عما تسببه من حروق مذيبة لطبقات الجلد الأدمي بشكل يصعب علاجها.. وهذا يُعد انتهاكا للمواثيق والاتفاقيات الدولية وجرائم العقاب الجماعي والإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
وعقب أحداث عملية “طوفان الأقصى” ، توافد زعماء وساسة الغرب على رأسهم عجوز أمريكا في زيارات مكوكية لتطبيب جراح قادة الصهيونية و تهدئة نفوسهم المرتعدة وإعادة الاعتبار للكيان المنهار بفعل عملية يوم سبعة عشرة البطولية التي قام بها أبطال الطوفان .
الآف الشهداء
وتتصاعد أرقام حصيلة الشهداء والجرحى التي تنتجها المحارق والمذابح الصهيونية خلال بضع دقائق لا أكثر، حيث وصل عداد الموت حتى كتابة هذا التقرير إلى 10328 شهيد و25956 جريح منذ السابع من أكتوبر الماضي.
ويتعمد جيش الكيان الصهيوني استهداف المستشفيات المفترض أن تكون آمنة وفقاً للاتفاقيات الدولية والتي تعاني من شحة الوقود وانعدام المستلزمات الطبية والأدوية، حيث أكد المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، الدكتور أشرف القدرة، خروج 12 مستشفى و32 مركز رعاية أولية عن الخدمة لأسباب تعود لقصف طيران العدو أو لنفاذ الادوية والوقود.
ويشير مدير عام مستشفى الشفاء الطبي الدكتور محمد أبو سليمة، إلى عدم قدرة إجراء العمليات الجراحية في عدد من مشافي غزة بسبب نفاذ الأدوية والمستلزمات الطبية حيث يتم إجراء العمليات الجراحية بدون أدوية التخدير وعلى أضواء الهواتف بعد أن نفذ وقود المولدات.
صواريخ يمنية
وفي ظل الصمت المطبق والخذلان المخزي العربي والعالمي، بادرت القيادة الثورية في صنعاء إلى كسر الخطوط الحمراء التي فُرضت على الأنظمة العربية المتعاقبة والمعاصرة وأعلنت مشاركة اليمن الرسمية في الحرب لردع الكيان الصهيوني رداً على المجازر التي تقوم بها على شعب فلسطين وسكان غزة.
وأعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحي سريع ، الثلاثاء 31 أكتوبر 2023، إطلاق اليمن صواريخ بالستية ومجنحة وأسراب من الطائرات المسيرة .. وقال سريع في بيان بثته وسائل الاعلام:” أطلقت القوات المسلحة اليمنية دفعة كبيرة من الصواريخ البالستية والمجنّحة وعدد كبير من الطائرات المسيرة على العدو الصهيوني في الأراضي المحتلة”.. مشيراً إلى أنها العملية الثالثة منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة.
وسبق أن قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في صنعاء، عبد العزيز بن حبتور:” إن اليمن جزء من محور المقاومة حيث تدار عمليات الحرب بغرفة وقيادة مشتركة واحدة”.. مؤكداً في تصريح لـ فرانس برس، منتصف الأسبوع الفائت، أن اليمن لن يترك شعب غزة يُقتل دون رد.
عقاب جماعي
وبينما تتربع الدول العربية قائمة الدول المصدرة للنفط والمخزون الاحتياطي الأكثر على المستوى العالمي ، يمضي شعب غزة يومه في مهمة البحث عن رغيف الخبز بعد أن أقفلت المخابز أبوابها لنفاذ مادتي الدقيق والوقود حيث يشكل المواطنين طوابير طويلة أمام أبواب ما تبقى من المخابز التي هي أيضا على وشك الأغلاق .
ويقضي شعب المدينة الساحلية على البحر الأبيض المتوسط والمحاطة بالأسوار الفولاذية المطورة بأحدث تقنيات العصر، حياتهم اليومية في ظل انعدام المشتقات النفطية الممنوع دخولها القطاع ، ما أدى إلى خروج مولدات أبار المياه الجوفية عن الخدمة ، حيث أُجبر الأهالي استخدام مياه الأبار والبرك المكشوفة التي تخزنها مياه الأمطار والتي تُعد غير صالحة للشرب ومصدراً لانتشار الأمراض والأوبئة، ما يزيد معاناة أكثر من 2.3 مليون نسمة يعيشون داخل قطاع غزة الذي يشبه السجن الكبير ، المحاطة أسواره بالخذلان العربي .
وهكذا قرر الصهاينة عزل شعب غزة الأعزل لذبحه من الوريد إلى الوريد وإبادته بالقصف الجوي والأسلحة الفسفورية والقنابل المحرمة وكل أنواع وأحجام وأحدث الأسلحة الفتاكة ومن لم يمت بالقصف يموت جوعاً أو تفيض روحه بينما هو ينتظر وصول كبسولة الدواء، في حين يكتفي العرب والمسلمون بالدعاء.