السياسية ـ وكالات:

تمكن علماء الفلك من إثبات دوران الثقب الأسود الواقع في قلب مجرة “مسييه 87” (​​Messier 87).

وتوصل العلماء إلى هذا الاكتشاف من خلال دراسة نفاثات قوية من الطاقة المنبعثة من أول ثقب أسود تم تصويره على الإطلاق من قبل البشرية.

واعتقد العلماء منذ فترة طويلة أن دوران الثقب الأسود يغذي هذه النفاثات، لكنهم تمكنوا الآن فقط من إثبات هذه النظرية.

ويوصف هذا بأنه اختراق “مثير” يعزز نظرية النسبية لأينشتاين ويمكن أن يساعد في كشف لغز الأجسام الأكثر غموضا في الكون.

وتعد مجرة “مسييه 87″، أو اختصارا M87، بأنها أشد المجرات لمعانا في الجزء الشمالي من تجمع مجرات العذراء، وهي مجرة إهليجية (بيضاوية الشكل) تقع على بعد 55 مليون سنة ضوئية من الأرض، ولها ثقب أسود هائل يبلغ حجمه 6.5 مليار مرة أكبر من كتلة الشمس في مركزها.

وتم التقاط الصورة الأولى لهذا الثقب الأسود الهائل بواسطة Event Horizon Telescope (EHT) قبل أربع سنوات، ووصف بأنه “دونات” برتقالية غامضة، ثم تغير الوصف إلى “حلقة نحيفة” عندما تم تحسين الصورة بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وقال الدكتور كازوهيرو هادا، من المرصد الفلكي الوطني في اليابان والمؤلف المشارك في الدراسة: “بعد نجاح تصوير الثقب الأسود في هذه المجرة باستخدام تلسكوب EHT، أصبح ما إذا كان هذا الثقب الأسود يدور أم لا مصدر حيرة رئيسي بين العلماء. والآن تحول الترقب إلى يقين. وهذا الثقب الأسود الوحشي يدور بالفعل”.

وتتمتع الثقوب السوداء بجاذبية قوية لدرجة أنه لا يمكن لأي شيء الهروب من براثنها، ولا حتى الضوء. ولكن هذا لا يعني أنه لا يمكن رؤيتها. وذلك لأنها محاطة بقرص متراكم من الغاز والغبار والذي يدور على حافة أفق الحدث للثقب الأسود.

ويبتلع الثقب الأسود بعض هذه المواد – التي يتم تجريدها من سحب الغاز والنجوم – ولكن يتم إخراج كمية صغيرة منها أيضا بسرعة تزيد عن 99.99% من سرعة الضوء.

وكان العلماء قد توقعوا سابقا أن دوران الثقب الأسود قد يكون هو المسؤول عن هذا التدفق الفيزيائي الفلكي، الذي تم ملاحظته لأول مرة في عام 1918.

وافترضوا أن الجسيمات المشحونة في القرص التراكمي أنتجت مجالا مغناطيسيا قويا، والذي تم تحفيزه بعد ذلك من خلال الثقب الأسود الدوار، ما أدى إلى قذف الجسيمات على شكل نفاثات من الطاقة.

وبمساعدة بيانات من شبكة عالمية من التلسكوبات الراديوية من عام 2000 إلى عام 2022، كشف العلماء الآن أن النفاثات تبدو وكأنها تتأرجح مثل “الرقاص” (جسم مرتبط بنقطة محورية ثابتة بخيط/حبل بحيث يستطيع أن يتحرك بحرية في مستوى واحد، من اليمين إلى اليسار) في دورة مدتها 11 عاما.

وقال الخبراء إنه وجد أنه يتحرك أو يتأرجح حول نقطة مركزية على حافة الثقب الأسود، تماما مثل القمة الدوارة.

وقال المؤلفون: “إن اكتشاف هذه المبادرة يوفر دليلا لا لبس فيه على أن الثقب الأسود الهائل في M87 يدور بالفعل، ما يعزز فهمنا لطبيعة الثقوب السوداء الهائلة”.

ولا تتوافق النتائج مع عمليات المحاكاة النظرية للكمبيوتر العملاق فحسب، بل تتوافق أيضا مع التنبؤات النظرية التي قدمها أينشتاين في نظريته عن النسبية العامة.

ويأمل العلماء أن يساعد اكتشافهم في تسليط الضوء على كيفية تشكل الثقوب السوداء ومن ثم تطورها إلى العمالقة التي نراها اليوم.

وقد نشرت الدراسة في مجلة Nature.